وسيط اليوم

جريدة الكترونية عربية

نزاع متجدد واسئله معلقه بين أرمينيا واذريبجان 

نزاع متجدد واسئله معلقه بين أرمينيا واذريبجان 

كتبت نوران رضا

في انتظار أن تتضح صورة الوضع العسكري على الأرض، بعد أن ينجلي غبار القتال بين القوات الأذربيجانية والأرمينية في إقليم ناجورنو قره باغ، المتنازع عليه بين باكو ويريفيان، تبدو الأمور أكبر من مجرد اشتباك، أو حادث عرضي.

والاشتباكات اندلعت فجأة، كما حصل في يوليو الماضي، حين أسفرت مواجهات على الحدود بين أذربيجان وأرمينيا عن مقتل نحو 20 شخصاً، بينهم عسكريون ومدنيون.

واتخذ القتال بعداً آخر، بعد إعلان أرمينيا وناجورنو قره باغ الأحكام العرفية والتعبئة العامة، لـ “الدفاع عن أرضنا المقدسة”، كما قال رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان، علماً أن المعارك بين الجانبين هي الأعنف منذ عام 2016، حين أسفرت اشتباكات دامت 4 أيام عن مقتل 200 شخص.

ناجورنو قره باغ هو جيب في أذربيجان يخضع لسيطرة قوات غير حكومية أرمينية، مدعومة من يريفان، منذ انتهاء حرب انفصالية شهدها في عام 1994، دامت 6 سنوات، وأسفرت عن 20 ألف قتيل ومليون نازح. كذلك يسيطر الأرمن على 7 مناطق أذربيجانية حول الجيب، يعتبرونها مناطق عازلة تحمي مكتسباتهم، وأعلنت باكو الأحد استعادتها 6 منها.

ومتطوّعون في يريفان بعد إعلان السلطات تعبئة عامة إثر الاشتباكات مع أذربيجان في ناغورني قره باخ – 27 سبتمبر 2020 – REUTERS

متطوّعون في يريفان بعد إعلان السلطات التعبئة العامة إثر الاشتباكات مع أذربيجان في ناجورنو قره باغ – 27 سبتمبر 2020 – REUTERS

علييف يهاجم يريفيان

وكان الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف اتهم أرمينيا بـ “تهديد أذربيجان باحتلال جديد” لأراضيها. وأضاف في خطاب إلى مواطنيه قبل أسبوع، أن أرمينيا تحاول “صرف انتباه سكانها عن مشكلاتها الاجتماعية والاقتصادية الخطرة جداً، وتصوير أذربيجان على أنها عدوّ”. ورأى أن يريفيان “تبذل كل ما في وسعها لتعطيل المفاوضات” لتسوية النزاع في ناجورنو قره باغ، وفق وكالة “ترند” الأذرية.

وكان لافتاً أن روسيا، حليفة أرمينيا، دعت إلى هدنة بين الجانبين، فيما سارعت أنقرة إلى التنديد بيريفيان، مؤكدة دعمها باكو. وحضّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان “العالم بأسره” على “الوقوف مع أذربيجان في معركتها ضد الغزو والوحشية”، داعياً “شعب أرمينيا إلى التمسك بمستقبله، في مواجهة قيادته التي تجرّه إلى كارثة، وأولئك الذين يستخدمونها (القيادة) كدمى”، كما أفادت وكالة “رويترز”.

تجدر الإشارة إلى أن روسيا وإيران حليفتان لأرمينيا.

“حزب العمال الكردستاني”

التصعيد العسكري في ناجورنو قره باغ، جاء بعد أيام على تقرير نشرته صحيفة “يني شفق” التركية الموالية لحكومة أردوغان، ونقله موقع “كاسبيان نيوز” الأذربيجاني، أفاد بأن أرمينيا تنقل مسلحين من “حزب العمال الكردستاني” من الشرق الأوسط إلى الإقليم المتنازع عليه، حيث “يدرّبون الميليشيات الأرمينية على أعمال التخريب والإغارة وإعداد المتفجرات المصنوعة يدوياً”.

في المقابل، اتهم رئيس إقليم قره باخ أرايك هاروتيونيان أنقرة بـ “إرسال مرتزقة من تركيا ودول أخرى جواً إلى أذربيجان”، مضيفاً أن “الجيش التركي في حال استعداد في أذربيجان، تحت ذريعة (تنفيذ) تدريبات عسكرية”، كما أفادت وكالة “فرانس برس”.

صورة من تسجيل فيديو بثته وزارة الدفاع الأرمينية لما ذكرت أنها آلية أذرية محترقة خلال الاشتباكات في ناغورني قره باخ – 27 سبتمبر 2020 – AFP

صورة من تسجيل فيديو بثته وزارة الدفاع الأرمينية لما ذكرت أنها آلية أذرية محترقة خلال الاشتباكات في ناغورني قره باخ – 27 سبتمبر 2020 – AFP

واستياء أذربيجاني من موسكو

وكانت باكو احتجت لدى موسكو على رحلات جوية لطائرات شحن عسكرية روسية إلى أرمينيا، بعد فترة وجيزة على معارك يوليو بين الأخيرة وأذربيجان.

وأفاد موقع “يوريجانت” مطلع الشهر الجاري بأن “أذربيجان زعمت بأن (الطائرات) نقلت مئات الأطنان من العتاد العسكري إلى أرمينيا”، مشيراً إلى أن علييف أقدم على “خطوة نادرة، إذ شكا علناً من ذلك لنظيره الروسي فلاديمير بوتين”.

وأضاف الموقع أن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو زار باكو بعد ذلك، والتقى علييف، مؤكداً أن “الرحلات الجوية لم تكن تحمل أسلحة، بل مواد بناء للقاعدة العسكرية التي تديرها روسيا في أرمينيا”.

وتابع الموقع أن حكمت حاجييف، وهو مستشار بارز لعلييف، اتهم شويغو بالكذب، قائلاً إن “التفسير الروسي الذي يفترض أن الطائرات كانت تنقل مواد بناء، لا يرضينا”.

في السياق ذاته، أفاد موقع “كاسبيان نيوز” بأن السفارة الإيرانية في باكو نفت مطلع الشهر الجاري معلومات نشرتها وسائل إعلام أذربيجانية، أفادت بنقل أسلحة روسية إلى أرمينيا عبر إيران. واعتبرت السفارة أن هذه الأنباء تستهدف “تعطيل الصداقة والتعاون المتزايدين” بين باكو وطهران.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين متوسطاً نظيريه الأذري إلهام علييف والتركي رجب طيب أردوغان مؤتمر عن الطاقة في إسطنبول – 10 أكتوبر 2016 – REUTERS

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين متوسطاً نظيريه الأذربيجاني إلهام علييف والتركي رجب طيب أردوغان خلال مؤتمر عن الطاقة في إسطنبول – 10 أكتوبر 2016 – REUTERS

دور تركيا في القوقاز

وأشارت الصحافية آيلا جان ياكلي إلى دور تركي متنامٍ في القوقاز، بالتوازي مع انتهاجها السياسة ذاتها في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وكتبت في موقع “يوريجانت” في 16 الشهر الجاري أن أنقرة اتخذت، بعد الاشتباكات في يوليو الماضي، “موقفاً حازماً بشكل غير عادي في المنطقة، لدعم حليفتها أذربيجان”، كما “عرضت تزويدها بالسلاح، وأجرى الجانبان زيارات عسكرية ودبلوماسية رفيعة المستوى، ونفذا تدريبات عسكرية مشتركة موسعة”.

وذكّرت بأن أذربيجان حليف لتركيا منذ نيلها استقلالها بعد انهيار الاتحاد السوفياتي مطلع تسعينات القرن العشرين، إذ لديهما “روابط إثنية ولغوية، وكثيراً ما يردد مسؤولون من البلدين عبارة “شعب واحد في دولتين”.

ولفتت إلى أن دعم أنقرة لباكو تحكمه “نظرتها إلى جنوب القوقاز باعتباره منطقة نفوذ لروسيا”. ونقلت عن مسؤولين أتراك إن معارك يوليو، التي اندلعت على الحدود بين منطقتَي تافوش الأرمينية وتوفوز الأذرية، هددت “ممرّ أذرياً أساسياً لنقل الطاقة مع تركيا”، علماً أن باكو تزوّد أنقرة بنحو خُمس وارداتها من الغاز الطبيعي.

ونقلت ياكلي عن مسؤول بارز في وزارة الطاقة التركية قوله: “هذه قضية أمنية جوهرية بالنسبة إلى تركيا، من أجل أمن الطاقة. سنتخذ أيّ إجراءات ذات صلة لمواصلة” تدفق النفط والغاز من أذربيجان.

وإذا كان المذهب الأرثوذكسي يجمع روسيا بأرمينيا، فإن المصالح تجمع الأخيرة بإيران، التي تتشارك المذهب الشيعي مع أذربيجان، لكنها تخشى تأثيراً محتملاً لباكو في الأقلية الأذرية المقيمة على أراضيها، وتُقدّر نسبتها بـ 16 بالمئة من عدد السكان (85 مليوناً)، أي أكثر من عدد سكان أذربيجان (10 ملايين)، علماً أن تلك الأقلية تشكو تمييزاً ثقافياً.

قلق دولي ودعوات للتهدئة إثر اشتباكات دامية بين أرمينيا وأذربيجان

قلق دولي ودعوات للتهدئة إثر اشتباكات دامية بين أرمينيا وأذربيجان

Follow by Email
Instagram
Telegram
WhatsApp
× اتصل الآن