وسيط اليوم

جريدة الكترونية عربية

أسامة حراكي يكتب: التطور الاعلامي والموهبون

أسامة حراكي يكتب: التطور الاعلامي والموهبون

لا شك في أن على الموهوب أن يتقدم بما يثبت موهبته، وأن يبادر إلى ما يسهم في تعريف الناس به، ولا شك في أن هذا ليس سهلاً في واقع كواقعنا، لأن هناك من يرصد وأحياً لا يكون بريء النظرة، ومن يشرع وأحياناً يكون لديه أمراض نفسية ومشاعر غير طيبة، ومن يثمن وأحياناً يكون ليس على ما يرام من إمكانية، ومن معايير ومن نوايا لا تلبث أن تظهر حقيقتها من النتائج والنماذج السائدة، وبعد أن يغدو المشهد محتشداً بأمثال هؤلاء، سيصعب الأمر أكثر فأكثر .

ومع تطور الإعلام ووسائله وأدواته وازدياد عيونه ونوافذه واتساع مادياته وفضاءاته، وتكاثر صفحات التواصل وقنواته وسهولة ارتيادها، عم الفضاء بالرخيص والثمين مما ينشر كتابة وقراءة مصورة، مع موسيقى وأصوات ومؤثرات أخرى، وتكاثفت الصور لأي نشاط أدبي أو ثقافي، حتى صار التمييز بين صور اللقاء الأدبي الثابتة والمتحركة، وبين صور المناسبات الأخرى عسيراً، ناهيك بفرز ما يهم من مادة النشاط وفحواه وقيمته، كما تضاعفت أعداد المهتمين بالأدب، والمنبرين إلى تشكيل مجموعات أدبية مزعومة، وتزعمها وتوزيع المهمات بين المقربين بمسميات طنانة وألقاب رنانة، والقائمين على سجالات ومسابقات متسرعة في المشاركة والتقييم وإصدار النتائج ومنح الجوائز والشهادات والدروع والقلادات، بما يجعل الحال فوضى مقلقة ويغدو معها الظهور المحترم لمواهب حقيقية عسيراً ومجهداً.

وتسهم في هذا الواقع المؤلم، زيادة تبعات الوصول إلى مواقع النشاط، وتضاعف تكاليف الطباعة والنشر والتوزيع، ما يقلل من عدد ما هو مطبوع ورقياً وعدد نسخه، ويزيد في أسعار العرض ويقلل من الطلب، مما يدعو إلى خيار لا بديل عنه ولا مناص منه، إذ يتم اللجوء إلى الفضاء الافتراضي من قبل الباحثين عن الحضور والمنقبين عن المتلقين المهتمين للدوران في حلقة تكاد تكون مفرغة.

لقد بات الوصول إلى ما نريده من أدب حق، يحتاج إلى وقت وجهد، أو يتطلب معرفة مسبقة بمن وما هو جدير بالمتابعة؛ فكيف يتحقق لنا ذلك في مثل هذه الظروف؟!

ولا أريد أن يقصد من هذا الكلام نكران أهمية الإنجازات الحضارية، وما أتاحته من إمكانيات وخيارات تختصر السبل والأوقات وتقفز فوق كثير من القيود والحدود والعثرات والأسوار، التي كانت موجودة في وجه المقبلين على الأدب مادياً وبشرياً، وتتجاوز طوائل سلطات وأجهزة، وتتحرر من نوايا وغايات معكرة، ولكن الفوضى في استخدام ما هو
متاح، واستسهال الكتابة والنشر، واستكثار الإعلان والتصوير… كل هذا يجعل الفائدة المرجوة أقل والجدوى المأمولة أبعد، ولا سيما أن المتابعة على شاشات مضيئة مرهقة للعين والنفس ومتعبة للأعصاب، وأن غزارة المعروضات وكثافة المشاركات والتعليقات، تُعثر الطالب الجاد وتلهيه عن المطلوب وسييتغرق وقتاً في حذف ما يريده رغماً عن أنفه، ويخزنه حكماً لا يد له فيه، ويشغل مساحة تؤثر في إمكانيات الجهاز أي جهاز، وتربك عمله وعملياته.

مع ذلك؛ فإن الإعلام للأدب حواف وأقدام، لا بد منها للإنتشار، وإن الأدب للإعلام غنى، يكتنز بها ويسري بهديها.

Follow by Email
Instagram
Telegram
WhatsApp