وسيط اليوم

جريدة الكترونية عربية

خمسة أيام في دوحة شبه الجزيرة.. قطر

تقرير: عمر الشريف

قبل أن أكتب تقرير الرحلة الذي كان في ذاكرتي وفي مفكرة هاتفي، وعالق بما مررت به تحت جسر الخمسة أيام الأخيرة، كنت لست جاهزاً تماماً بعد لتغريد هذا الموال، ولا زلت مرتبكاً من ابتعاد ملفاتي المحفوظة في غيوم سماء الدوحة، ومع هذا فقد قررت أن أبتتر من الشرح وأختصر في الطرح، مكتفياً بما يخلصني من شعور من لم يكتب واجبه في الوقت المطلوب.

خمسة أيام في دوحة شبه الجزيرة.. قطر

ترهل الصباح وانشد الظًهر حين حطت بنا الطائرة بمطار “حمد الدولي” في الدوحة عاصمة قطر، وكان ميناءها الجوي يعج بالحركة.

معرض الدوحة الدولي للكتاب

في الثاني عشر من يونيو الجاري تم افتتاح معرض الدوحة الدولي للكتاب بدورته الثانية والثلاثين، الذي حضرت افتتاحه بدعوة من وزارة الثقافة القطرية، والذي كان من المفترض أن يكون معي فيه صديقي وأستاذي العزيز أسامة حراكي، الذي افتقدته بشدة حيث أنه كان مدعو معي، لكن لأسباب خارجة عن إرادته لم يستطع الحضور، وأقيم في مركز الدوحة للمعارض تحت شعار “بالقراءة نرتقي” ويعكس الشعار تقدير أهل قطر للعلم والعلماء، وإيمانهم الراسخ بدور الكتاب والفكر بشكل عام في الارتقاء بالمجتمع، حيث ساهم القطريون في نشر الكُتب القيمة للعلماء، وحرصوا على توزيعها في البلاد العربية والإسلامية، ليستفيد منها طلاب العلم والمثقفون ومحبو القراءة والكتب، وكان حدثاً ثقافياً بارزاً بمشاركة واسعة من دور النشر العربية والأجنبية، والتي بدورها أسهمت في إثراء الحركة الثقافية المصاحبة للمعرض، وشمل البرنامج الثقافي للمعرض العديد من الندوات والأمسيات الثقافية والأدبية والموسيقية بمشاركة مجموعة من الكتاب والمفكرين والمبدعين من قطر وخارجها، وفي هذه النسخة واصلت قطر طموحها لتحقيق مزيد من الإبداع الذي يعزز الحضور الثقافي للدوحة عربياً ودولياً، وكانت المملكة العربية السعودية التي لها عدد من المشاركات ضمن فعاليات المعرض، ضيف شرف هذا العام.

كل يوم كنت أصحوا مبكراً وأنطلق في مشوار الصباح إلى معرض الكتاب، وأعود ممتلئ بالرضى والحبور، وبشعور تلميذ كتب وظائفه وحفظ كل دروسه.

فما الذي بقي لي طيلة اليوم؟ هو التعرف على البلد وزيارة أهم معالمها، فتقع دولة قطر على شبه جزيرة في مكان يجمع بين الشرق الأوسط وآسيا، ومن خلال مجموعة مذهلة من الأماكن الثقافية والسياحية التي تشمل المتاحف والمعارض والفنون العامة والحدائق والمولات، تُقدم قطر مزيجاً قوياً يجمع بين التقاليد والعصرية، ومن أهم الأماكن التي زرتها:

مشيرب
هي من أقدم المناطق في الدوحة وأيضا قلبها، حيث كانت المدينة القديمة للمنازل العتيقة في الدوحة، واليوم أعيد فيها تشيد المنازل التراثية مع مراعاة التقاليد الثقافية لها.

سوق واقف


من الأماكن التراثية والسياحية في الدوحة، يجمع السوق بين العراقة والأصالة وبين المدنية الحديثة، له شعبية كبيرة لدى السكان والسائحين، حيث أن معظم معروضاته هي منتجات تراثية، وفيه يقع مسرح الريان التراثي.

كورنيش الدوحة


يمتد على شواطىء مدينة الدوحة، حيث يطل على الخليج العربي من جهة، وعلى أهم المزارات السياحية في المدينة.

متحف الفن الاسلامي
أحد المزارات السياحية في الدوحة، وهو مُشيد بطريقة حديثة على جزيرة مقابل كورنيش الدوحة وسط منتزه رائع، يتم الوصول إليه عبر جسرين، وهو من أهم متاحف قطر حيث يحتوي على الكثير من الآثار الهامة.

متحف قطر الوطني
صمم البناء المهندس المعماري “جان نوفيل” على شكل زهرة الصحراء ومقام على مساحة شاسعة على طرف كورنيش الدوحة.

جزيرة اللؤلؤة
من الاماكن السياحية الهامة في الدوحة، وهي أحد مواقع الغوص التراثية لصيد اللؤلؤ في قطر.

منتزه وبرج أسباير
هو منتزه جميل على مساحة واسعة في منطقة أسباير بالدوحة، وفيه برج أسباير الذي يبلغ ارتفاعه أكثر من 300 متر، كان يطلق عليه برج الدوحة الأولمبي، فقد كان بمثابة نقطة محورية لدورة الألعاب الآسيوية الـ 15 التي استضافتها قطر في ديسمبر 2006.

متحف الأوهام أو الغموض بشارع عمر المختار
هو متحف مليء بالألعاب الوهمية المذهلة العجيبة والغريبة، التي تجعل الزائر في حيرة من أمره من كثرة التفكير من الألعاب والخدع التي يراها، وجميعها مبنية على علوم الرياضيات والأحياء وعلم النفس.

كتارا Catara


هو أول وأقدم مسمى استخدم للإشارة إلى شبه الجزيرة القطرية في الخرائط الجغرافية والتاريخية منذ العام 150 ميلادي، فوجود مكان بحجم كتارا يُعد بمثابة رسالة تركيز بشكل رئيسي على دعم التراث الثقافي ونشر التوعية، وإعادة صياغة المشهد الثقافي العربي من خلال إعادة تكوين أفراد عرب وقطريين ودعم مواهبهم، وإطلاق حوار حقيقي يساهم في تقوية التعايش الثقافي على مستوى العالم، فهي وجهة مفضلة في الدوحة للفنون والثقافة والمأكولات الشهية، يحدها شاطئ واسع من جهة وتلال كتارا من الجهة الأخرى، وقمت بزيارة أهم الأماكن فيها مثل: جامع كتارا المبني على الطراز التركي، والمسجد الذهبي الذي يقع مقابل المسرح المكشوف المطلي ببلاط ذهبي، والمسرح المكشوف المبني على الطراز اليوناني المطل على البحر، وقبة الثريا الفلكية التي تقدم صوراً فلكية لمحبي علم الفلك، ولها نظام رقمي ممكن للزائرين الانطلاق في رحلة لمشاهدة الكون عبر القبة التي تتسع لأعداد كبيرة، وشارع “هاي ستريت” وهو شارع له نظام تبريد خارجي، مليء بالمطاعم والمقاهي وأهم ما فيه المتجر الفرنسي “جاليري لافاييت” الذي كأنه صندوق هدايا عملاق، وشارع المذاق الذي فيه أشهر المطاعم العربية وغير العربية في الدوحة، إلى جانب الكرافانات الصغيرة التي تقدم الوجبات السريعة.. كما تتميز كتارا بالمعارض الفنية وورش العمل وساحات العرض بين أزقتها، كما يوجد بها شواطئ جميلة للتنزه والسباحة، وأخيراً تلال كتارا التي باستطاعة الزوار تسلقها ومشاهدة كل كتارا من الأعلى.
“لازم تزورواْ كتارا “😍❤️

استاد لوسيل


هناك كانت أحداث مونديال قطر تجري، وكان من أخبارها “الأقطر” والأسخن، هو تأهل المنتخب المغربي إلى نهائي مونديال قطر 2022 بعد فوزه على نظيره البرتغالي (1:0) حيث كان “ربيع الكرة العربية والإفريقية” حين شعرنا أن المغرب يكتب التاريخ في قطر، وكيف كانت الجماهير العربية تتحدث بفرح عن المغرب بلا حسد، وكادت تبلل شفتيها بماء النصر الذي في الكأس الأدهى والأشهى في العالم.

وهنا أيضاً للأسف انتهى الحلم العربي الإفريقي، في إمساك المغرب بكأس العالم في ملاعب الدوحة، أمام 68 ألف مشجع ومتفرج بينهم الرئيس الفرنسي “ماكرون” شخصياً، انتهى الحلم؛ فقد غلب فريق الديوك الفرنسي، أسود الأطلس الموروكي (2:0).

ثم جرت اللعبة الباهتة بين المغرب وكرواتيا، وعلى طريق آلام الكأس العالمية المقطرة من دوحة قطر، تأهلت كرواتيا للمركز الثالث والمغرب الرابع، لتفوز كرواتيا بالميدالية البرونزية، ويُمنى المغرب الشقيق بالحسرة في المونديال القطري فوق الرمال المتحركة (2:1 ) وبات العرب ليلتها على شرب فناجين قهوة العزاء المرة.

وفي مبارة الحسم كانت النتيجة لصالح منتخب الأرجنتين، الذي نادى بحياة نجمه “ليونيل ميسي” المشرف على التقاعد، الذي لن يجري وراء الكرة في المونديال القادم 2026 وكانت فرصته الأخيرة التي أعاد فيها مجد متقدمه “دييجو مارادونا” وفيفا أرجنتينا.

أما فرنسا لم تمضي بحلمها في النجاح والإبقاء على الكأس التي فازت بها في المونديال السابق 2018 فالأحلام لا تلبس حذاء الفوتبول، ولا تركل الكرة.

ربما انستنا تلك اللحظات الساحرة أن كرة القدم الاحترافية هي رهن بقوانين السوق، مع أن اللاعبين أناس جعلوا ويجعلون الوهم ممكناً، منذ كأس العالم 1938 وحتى اليوم، منذ أن كانت مجرد هواية وتحولت بعد ذلك إلى صناعة تدر الملايين، ويستثمر فيها الأرباح الفلكية، وتجري في أروقتها الصفقات، ويخرج منها دخان الاتهامات بالفساد والرشوة.

ولقد بدأت مباريات كأس العالم الأرفع بين المسابقات في عالم كرة القدم عام 1930 وشاهدها من شاهدها بشكل محدود جداً، ونقلت أوصافها وأخبارها الجرائد والإذاعات في أول كاس عالم، ثم تواجدت وتشجعت كاميرات التلفزيون، وتسلمت الشاشات المحدبة القيادة، لتبث المباريات من ملاعب سويسرا لأول مرة في مونديال 1954 ودخلت كرة القدم إلى البيوت والمقاهي في كل مكان ولن تخرج، وهكذا وبفاصل أربع سنوات للاستعداد والتحضير، ستتكرر بطولات كأس العالم وتشغل العالم.

كان هدف قطر من استضافة المونديال لا تقتصر على فترة البطولة فحسب، بل ما بعدها أيضاً، حيث سعت منذ تقدمها بملف الاستضافة إلى أن يكون عامل الإرث محورياً في كل خططها لاستضافة هذا الحدث الرياضي الأكبر من نوعه، لضمان تحقيق الاستفادة القصوى من البطولة والمساهمة في تحقيق رؤيتها الوطنية 2030 وأن تحول كل ملاعب المونديال بعد البطولة إلى مراكز تخدم المجتمع المحلي وقطاع الرياضة، كما صُممت الملاعب باستشارة سكان المناطق المحيطة بها لضمان أن تحقق تطلعاتهم بعد البطولة وأن تخدم احتياجاتهم، وحرصت قطرمن خلال خططها المتعلقة بالإرث على تجنب ظاهرة الاستادات التي لا طائل منها بعد البطولة، وذلك من خلال وضع خطط لتحويل هذه الصروح الرياضية إلى مراكز مجتمعية ورياضية تخدم الأجيال المقبلة بعد عام 2022.

وقد أنشأت اللجنة العليا في سبيل تحقيق عنصري الاستدامة والإرث في جهودها وتحقيقاً للرؤية الوطنية لقطر، عدداً من البرامج والمؤسسات مثل تحدي 22 الذي يتيح الفرصة أمام الشركات الناشئة لمساعدتها على تطوير منتجاتها وطرحها في السوق، وأيضاً مؤسسة الجيل المُبهر لتوظيف كرة القدم في إعادة تصميم المناطق المحلية ولترك أثر اجتماعي إيجابي، ولتسهيل وصول الشباب إلى كرة القدم ومرافقها، وقد حقق البرنامج وصولاً مذهلاً ومبهراً إلى 725,000 شاب حول العالم، كما عملت اللجنة العليا للمشاريع والارث أيضاً على إطلاق معهد جسور بهدف بناء القدرات في قطاع الرياضة وتنظيم الفعاليات في قطر ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، من خلال التعليم والتدريب والشهادات المهنية والاستشارات والبحوث.

كما أسهمت البطولة في تسريع وتيرة العمل بعدد من مشاريع البنية التحتية الوطنية، منها المترو وشبكات الطرق لخدمة استضافة البطولة، كما ستخدم هذه المشاريع دولة قطر لأعوام ما بعد المونديال وستستفيد منها الأجيال المقبلة، وأسهم تنظيم البطولة كذلك في تنويع الاقتصاد المحلي وتقليل الاعتماد على مدخولات النفط والغاز، وعليه ركزت الدولة استثماراتها المتنوعة في القطاع الرياضي، وأحد أهم أوجه التنمية الاقتصادية التي تحققت من خلال البطولة، هو التطور الكبير الذي شمل قطاع السياحة في قطر بما تضمنه ذلك من تطوير للبنية التحتية في مجال الضيافة، وجذب الاستثمارات المحلية والعالمية التي عززت مكانة قطر كوجهة سياحية عالمية.

وكانت دولة قطر من خلال استضافتها لكأس العالم لكرة القدم 2022 مصدراً رئيسياً للسياحة لبقية دول المنطقة، فضيوف البطولة من مشجعي الفرق المختلفة قد تنقلوا بعد ذلك إلى دول المنطقة للاستمتاع بها، الأمر الذي جعل من قطر نقطة انطلاق سياحية لباقي دول المنطقة.

كما أن الخبرة التنظيمية الواسعة في تنظيم الأحداث الرياضية الكبرى أهلت قطر لتصبح القلب النابض للرياضة في المنطقة والعالم بأسره، وهي تستعد لاستضافة عدد من البطولات الرياضية الدولية في المستقبل القريب، منها دورة الألعاب الآسيوية 2030

كانت بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022 بطولة صديقة للأسرة جمعت بين الضيافة القطرية والعربية الأصيلة، والحلول التكنولوجية المبتكرة لتقديم تجربة فريدة لجميع عشاق قطر وزوارها في عام 2022.

نظام التبريد المطور في ملاعب بطولة كأس العالم شكل نموذجاً يحتذى به في الاستدامة للبطولات الكبرى، تتعدى فائدتها المستوى المحلي، لتشمل مساعدة دول العالم على استضافة المنافسات الرياضية الكبرى على مدار العام، حيث أن تقنية التبريد في الملاعب تعمل بآلية تبريد الهواء الخارجي من خلال مراوح تكييف، ثم دفع الهواء البارد إلى الاستاد من خلال فتحات هواء منتشرة في المدرجات أسفل مقاعد المشجعين، يلي ذلك سحب الهواء المبرد باستخدام تقنية دوران الهواء ليعاد تبريده وتنقيته قبل دفعه مجدداً إلى الاستاد، وتختلف آلية عمل تقنية التبريد وفقاً لتصميم كل استاد وشكله ووظيفته، ما ضمن استمتاع المشجعين واللاعبين بأجواء مثالية خلال الحدث، وتستخدم في تبريد الاستادات الطاقة الشمسية من محطة سراج للطاقة الشمسية، وهي مشروع مشترك بين شركة الكهرباء والماء القطرية وقطر للطاقة.

أما على صعيد المنتخبات العربية، فقد بذلت المنتخبات الوطنية للدول من جميع أنحاء العالم كل ما في وسعها للتأهل إلى أهم بطولة كروية وهي كأس العالم، وفي هذه الدورة هناك أربعة منتخبات عربية سعت جاهدة للمنافسة وهي قطر والسعودية وتونس والمغرب، ولفوز قطر بشرف تنظيم المونديال، فالجماهير انتظرت مشاركة قطر في أول نسخة عربية من المونديال فهي صاحبة الأرض والجمهور، وليس فقط للمشاركة في المباريات، ولكن لتكون فعالة في أن تعكس الثقافة العربية بضيافتها وكرمها وقدرتها على احتضان التنوع ورعايته وتحفيزه.

وقد كثف منتخب قطر استعداداته لبطولة كأس العالم عبر التدريب والتمرين، وحقق إنجازات عديدة خلال العقد الماضي بفضل رعاية الدولة للكفاءات الرياضية، وقد تخرج معظم لاعبيه من أكاديمية “أسباير” للتميز الرياضي التي تؤدي دوراً أساسياً في تدريب وتعليم الطلاب الموهوبين رياضياً منذ تأسيسها عام 2004

وحققت قطر مراكز جيدة في بطولات الشباب على مستوى المنطقة، ودخلت تاريخ كرة القدم الآسيوية بتتويجها بلقب كأس آسيا عام 2019 كما شارك المنتخب القطري في منافسات دولية مختلفة مثل كأس كوبا أمريكا 2019 وكأس الكونكاكاف الذهبية 2021.

ولعب المنتخب سلسلة من المباريات الودية أمام منتخبات أوربية بعد دعوة منتخب قطر للمشاركة في تصفيات أوربا المؤهلة لبطولة كأس العالم FIFA قطر 2022 وتفوق المنتخب القطري خلال مشاركته في أول نسخة من بطولة كأس العرب 2021 يقيمها الاتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا” وحصد البرونزية بعد منافسته على المركز الثالث ضد منتخبنا المصري، وجاءت قرعة المنتخب القطري في المجموعة الأولى مع كل من الإكوادور والسنغال وهولندا.

الأخضر السعودي
أما المنتخب السعودي فهو يمتلك سجلاً حافلاً في كأس العالم بمشاركته في 6 نسخ مختلفة متساوياً مع منتخبات تونس والمغرب، بدأت رحلة الأخضر مع المونديال في عام 1994 التي استضافتها الولايات المتحدة الأمريكية، حتى النسخة الأخيرة 2022 التي استقبلتها الدوحة، وقد نجح المنتخب السعودي خلال مشاركته الأولى بالمونديال في تصدر مجموعته، التي ضمت هولندا وبلجيكا والمنتخب المغربي، برصيد 6 نقاط، لكنه خسر من السويد في مباراة دور الـ 16 بثلاثة أهداف مقابل هدف، وقد أوقعت قرعة المنتخب السعودي في نهائيات كأس العالم 2022 في المجموعة الثالثة، بجانب منتخبات الأرجنتين والمكسيك وبولندا، وسيسعى المنتخب السعودي إلى تخطي الدور الأول والتأهل إلى الأدوار الأخرى مرة أخرى.

نسور قرطاج التونسي
كانت المشاركة الأولى للمنتخب التونسي بكأس العالم عام 1978 بالأرجنتين، قدم فيها الأداء الأفضل، لكنهم خرجوا من دور المجموعات، ثم غاب منتخب تونس عن كأس العالم لفترة طويلة، لكنه عاد لثلاث مرات على التوالي في نسخ 1998 و2002 و2006 وخرج منها دون تحقيق أي فوز، والمشاركة الأخيرة كانت في مونديال 2018 حقق خلالها المنتخب التونسي فوزه الثاني في تاريخه على حساب بنما قبل الخروج من الدور الأول، وفي هذه النسخة أوقعت قرعة كأس العالم 2022 منتخب تونس في أقوى المجموعات “المجموعة الرابعة” التي ضمت معه كلاً من فرنسا والدنمارك وأستراليا، وسعى المنتخب التونسي في هذه النسخة الجديدة إلى تحقيق إنجاز بصعوده للدور الثاني.

أسود الأطلس المغرب
منتخب المغرب من المنتخبات العربية القوية، التي تحتل المركز 24 عالمياً، والثاني أفريقياً خلف السنغال حسب التصنيف العالمي للاتحاد الدولي لكرة القدم، وقد أوقعت قرعة نهائيات كأس العالم قطر 2022 المنتخب المغربي ضمن مجموعة ضمت كلاً من كندا وبلجيكا المصنف ثانياً على مستوى العالم، إلى جانب كرواتيا وضيف بطل النسخة الماضية في روسيا 2018 إلا أن العديد من المحللين الرياضيين يعتقدون أن الحظوظ تظل متساوية نسبياً بين فرق المجموعة مقارنة بمجموعات أخرى، وكانت حظوظ المنتخب المغربي في البطولة قوية جداً في هذه المجموعة، وسعى المغاربة خلال مشاركتهم في هذه النسخة، إلى تجاوز الدور الأول وتحقيق التأهل للدور الثاني للمرة الثانية في تاريخهم بعد نسخة المكسيك 1986 حيث سبق لأسود الأطلس أن حققوا إنجازاً تاريخياً بتصدرهم مجموعتهم عام 1986 بعد تعادلهم مع كل من بولندا والمنتخب الإنجليزي، وتسجيلهم فوزاً ساحقاً على البرتغال 3-1.

بطولة مختلفة
الطبيعة الجغرافية لدولة قطر وصغر المساحة هما أحد الاختلافات والميزات بالوقت نفسه لهذه البطولة بالنسبة للجماهير الرياضية، حيث اتيح للمشجعين فرصة حضور أكثر من مباراة والإقامة في يوم واحد ولأول مرة في تاريخ البطولة الحديث، إلى جانب ذلك لم يحتاج المشجعون واللاعبون والمسؤولون بالفرق إلى السفر برحلات داخلية، مما سمح للجميع من جماهير ووسائل الإعلام ومسؤولين مشاهدة أكثر من مباراة واحدة في اليوم دون الحاجة إلى تغيير أماكن إقامتهم خلال البطولة، مما منح تجربة صديقة للبيئة بأقل تكلفة، بالإضافة إلى توفير الجهد والوقت للاعبين، بما مكنهم من التركيز بشكل أكبر على التدريب والتحضير للمباريات، والذي انعكس على مستوى الأداء خلال المنافسات، وتوفير الراحة الكافية لجميع الفرق بين مبارياتهم، وتم لعب أربع مباريات يومياً خلال مرحلة المجموعات التي استمرت لمدة 12 يوماً، مما أتاح للجماهير الاستمتاع بجدول زمني متكامل ومثير، أينما ذهبوا كانوا يجدون أنفسهم بالقرب من ملعب أو منطقة مشجعين أو منطقة جذب سياحي، كما أن قرب المسافات قلل من البصمة الكربونية للبطولة، حيث إن أقصى مسافة للسفر بين أي من الاستادات المستضيفة للبطولة، من استاد البيت إلى استاد الجنوب 75 كم، الأمر الذي ساعد قطر والفيفا على تحقيق رؤيتهما في تنظيم النسخة الأولى الخالية من الكربون في تاريخ كأس العالم FIFA.

وحصل المشجعون المسافرون إلى قطر على مجموعة متنوعة من خيارات الإقامة المميزة، إلى جانب الغرف الفندقية، التي تعدة 100 ألف غرفة، من فئة ثلاث إلى خمس نجوم، وكان هناك أيضاً سفن رحلات على الشواطئ ومعسكرات صحراوية احتوت على خيم تقليدية منحت المشجعين تجربة الصحراء على نمط الحياة البدوية.

وتمكن المشجعون من التنقل بسهولة بفضل أعمال البنية التحتية الضخمة في قطر، والتي تتضمن شبكة مترو حديثة ومطار حمد الدولي، وزار قطر خلال فترة المونديال 1.5 مليون زائر.

المتحف الأولمبي
بعد استضافة قطر أكثر من 500 بطولة دولية في مختلف الألعاب، طرح سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر فكرة بناء متحف رياضي أولمبي لعرض ما تمتلك قطر من إرث كبير من المعروضات والقطع الرياضية النادرة منذ تنظيمها دورة الخليج في عام 1976 وبطولات أخرى في الرالي وألعاب القوى والسباحة واليد والتنس، بالإضافة إلى تنظيم دورة الألعاب الآسيوية في عام 2006 وقد ساعد الفوز بملف تنظيم كأس العالم على أن تأخذ قطر الموافقة من الاتحاد الأولمبي لبناء هذا المتحف على أرضها على الرغم من أنها لم تنظم أي دورة أولمبية، وقد صمم المتحف المهندس الإسباني “خوان سيبينا” وتم افتتاحه في مارس 2022

متحف قطر الأولمبي والرياضي يمنح زواره رحلة ممتعة لاكتشاف تاريخ الرياضة وبداية بعض الألعاب الأولمبية ودلالتها وتطورها، والأثر الهائل الذي اكتسبته الأحداث الرياضية الكبرى في العقود الماضية، بالإضافة إلى عرض روايات أبطال رياضيين من حول العالم والقصص الملهمة لهم بشكل مدهش، كما يضم المتحف منطقة أنشطة تقدم تجارب تفاعلية للترويج للألعاب الرياضية، ويعتبر هذا الصرح واحداً من 28 متحفاً رياضياً حول العالم يختص بمقتنيات الألعاب الرياضية والأولمبية، ويعد ثاني أكبر متحف أولمبي بالعالم بعد المتحف الأولمبي السويسري، والهدف من إنشاء المتحف هو غرس ثقافة تعليمية رياضية والاستثمار في الكوادر البشرية والبنى التحتية، لتشجيع الجميع على تبني أسلوب حياة صحية ونشطة.

المتحف يتكون من مبنيين أحدهما يمتد على طول أحد قوسي استاد خليفة الدولي ويقع بالكامل تحت المدرجات، ومبنى آخر مستدير متصل به مستوحى من الحلقات الأولمبية الخمس، وتقدر مساحة المتحف بـ19 ألف متر مربع ويضم آلاف المقتنيات النادرة، ويتكون في الداخل من 8 قاعات، 7 للعروض الدائمة وقاعة واحدة للعروض المؤقتة، وأقيم فيها عروض منوعة خاصة بالمونديال أثناء فترة البطولة، حيث عُرض فيها مقتنيات أشهر لاعبي كرة القدم في العالم بحضور هؤلاء النجوم.

يتضمن المتحف أكبر مكتبة رياضية متخصصة في الشرق الأوسط تمتلك ما يفوق 7 آلاف كتاب رياضي عن تاريخ الرياضة ونشأة جميع الألعاب الرياضية بلغات مختلفة، وتضم المكتبة ورشاً وندوات للأطفال والكبار، وأيضاً تمنح فرصاً لتبادل المقتنيات الرياضية والكتب والملابس الرياضية، وهناك ركن للتلوين الاسترخائي “من أنواع علاج الضغط النفسي” وبالإضافة إلى المعروضات هناك شاشات تفاعلية للزوار.

ويمتلك المتحف 16 ألف قطعة، وتعد أول كرة قدم وأول دراجة هوائية من أهم وأقدم القطع التي يمتلكها المتحف، وقطع أخرى مثل قفاز بطل الملاكمة “محمد علي كلاي” وكرة قدم اللاعب “بيليه” الذي سجل بها الهدف رقم 1000 وحذائه وقميصه، والعديد من الميداليات لعدد كبير من الأبطال، بالإضافة إلى الشعلات الأولمبية بالكامل.

أسباير زون
أسباير زون هي منطقة رياضية في الدوحة تضم العديد من المرافق المميزة للتدريب الرياضي، ومراكز مهمة مثل الطب الرياضي وتشخيص الإصابات وتقديم العلاج وإعادة التأهيل والبحث والتعليم وصناعة الأحداث والفعاليات والبنية التحتية الرياضية بالإضافة إلى عقد المؤتمرات، وهي تقدم خدماتها ليس للرياضيين فقط بل لكل أطياف المجتمع بهدف ضمان الحفاظ على أسلوب حياة مستدام للأجيال القادمة من خلال رؤية بعيدة المدى وتفكير مستقبلي، وقد استخدمت العديد من الفرق واللاعبين الباحثين باستمرار عن التقدم أسباير زون لإقامة معسكراتها التدريبية قبل مشاركتها في الأحداث الرياضية الدولية الكبرى، وهي أكثر المرافق الرياضية تكاملًا في العالم، مما يجعلها وِجهة فريدة لصناعة الرياضة، وقد سخرت هذه المنطقة كل إمكانياتها للمونديال.

كانت الخمسة أيام التي قضيتها في قطر بالنسبة لي اكتشاف ومتعة ومغامرة وفرصة لرؤية أشياء جديدة لم يتسنى لي رؤيتها من قبل، سعيد بهذه التجربة أكثر الله أسفاري وأسفاركم.

Follow by Email
Instagram
Telegram
WhatsApp