عمر الشريف يكتب: الظلم العادل
إن الظلم ظلم وظلمات، ولا يمكن أن يوصف إلا بأسوأ الصفات وأسوأ العبارات التي تعبر عن بشاعة الظالمين، ومدى جبروتهم في سحق مشاعر المظلومين وتغييب أرواحهم وعقولهم إلى درجة الذهول والجنون.
ووجوب نصرة المظلوم والانتصار له شيء من بديهيات الالتزامات الإنسانية، ولا تحتاج إلى إثبات أو دليل كونها حقيقة ساطعة وواضحة كالشمس، ونصرة المظلوم تكون بدفع الظلم عنه وكفّ الظالم عن التمادي في الأذى والتطاول دون رقيب أو حسيب، كما تكون من خلال العمل والسعي الحثيث على إرجاع الحقوق المسلوبة إلى أصحابها كاملة غير منقوصة، أو حتى تعويضهم عن هذه الحقوق على أقل تقدير.
ولكن من كثرة تعرض المظلوم للظلم المستمر وعدم قدرته على الدفاع عن نفسه وعدم نصرة الآخرين له، سيدفعه في النهاية إلى أن تتغير الخصال الطيبة في نفسه نحو الأسوأ ليكون ظالماً بدوره عندما تحين له الفرصة، وفي حالات كثيرة يصبح هذا المظلوم يتمنى أن ينتشر الظلم على الجميع نقمة منه عليهم لعدم نصرته وتركه وحيداً في أوحال القهر والسلب، فيغدو بذلك شخصاً سلبياً ذو تأثير سيئ على نفسه وعلى الآخرين الذين وقفواْ موقف المتفرج بحجة النأي بالنفس، فالأشخاص السيئون هم على الأغلب ضحايا القهر والظلم والاستغلال، تُركوا ليقعواْ فريسة سهلة لأشخاص ظالمين، مما أشعل عندهم شعور النقمة على كل شيء، حتى على الحياة نفسها.
فالشعور بالنقمة والعجز من ردع الظلم والعدوان جعلهم يكفرون بالعدالة وبتحقيقها، ويأسهم من الخير والإنصاف جعل عندهم الحق والباطل لا يختلفان، والحرام والحلال لا يتمايزان، حتى وصل بهم الحال أن يطالبواْ بتحقيق العدالة ولكن ليس أي عدالة، أصبحوا يطالبوا بتحقيق العدالة في إيقاع الظلم على الآخرين كما وقع عليهم، فليس من العدالة من منظورهم أن يكونون هم وحدهم في المعاناة والألم، هؤلاء الناس ما هم إلا ضحايا إهمال نصرة المظلوم وترك الظالم، فالظلم صنعهم والظالمون أوجدوهم.
المزيد من الموضوعات
عمر الشريف يكتب: ليتني أعود طفلاً
أسامة حراكي يكتب: في يوم الطفولة العالمي
امسية ثقافيه وندوة ادبية بمقر حزب الوفد بطنطا…