إضطرابات الإختبارات وما وراءها
عندما يحين ويقترب طلاب الثانوية العامة من الإختبارات النهائية للعام الدراسي، يستعدون للمواجهة الحتمية، ولكن أسوأ ما قد يصيبهم ويقلل من فرصهم في النجاح، هو الخوف من الإختبار الذي يعتبر شكلاً من أشكال التوتر النفسي الذي ينتاب البعض.
ولكن لنشرح أولاً الفارق بين كلمة إختبار وإمتحان، فالإختبار: هو إختبار الإنسان لنفسه وخبراته، سواء كان علماً أو أي شيء يريد التفوق فيه، أما الإمتحان: فهو مفرد المحن والصعوبات التي يمر بها الإنسان ويقع فيها، أبعد الله عنا جميعاً بلاء الإمتحان والمحن.
وينقسم الخوف من الإختبارات إلى نوعين:
النوع الأول وهو الخوف الطبيعي الإيجابي الذي يعتري أي طالب يرغب في التفوق، فيدفعه إلى استنزاف كل طاقاته لتحقيق النجاح.
والنوع الثاني هو خوف مرضي سلبي يصيب الطالب بهلع شديد، فيفقد السيطرة على نفسه ويتخلف عن خوض الاختبار.
وقد يزداد الخوف أحياناً لدى بعض الطلاب عن الحد الطبيعي إلى درجة الرعب من الاختبار، فيشعرون بأعراض فيزيولوجية وجسدية متنوعة، كفقدان الشهية، وضعف التركيز، وعدم القدرة على استجماع المعلومات، بالإضافة إلى أعراض نفسية كالضيق الشديد، والتوتر، والأرق، والعصبية الزائدة، والتقلب في المزاج، وظهور حب الشباب بكثرة، وربما البكاء لأبسط الأسباب.
تكمن أسباب الخوف من الاختبارات وازدياده إلى درجة الرعب في بعض الحالات إلى عدة أسباب:
منها أسباب شخصية تعود للطالب نفسه، كعدم امتلاكه للكفايات الذهنية والفكرية اللازمة لدراسة المادة العلمية، وبالتالي يفقد الثقة بنفسه.
ومنها ما يكون سببه الضغط النفسي من قبل أهل الطالب، فقد يطلب الأهل من ابنهم بلوغ نتيجة يصعب عليه تحقيقها لأسباب عديدة، مع ما يرافق ذلك من لهجات التهديد والتوبيخ والعقاب إن هو فشل في تحقيق ما يرجونه منه.
ومنها ما يكون سببه تربوي مصدره المدرس نفسه، الذي قد تعتريه لسبب ما رغبة في الانتقام من الطلبة من خلال الأسئلة التعجيزية والغير موضوعية، التي ترهق الطالب وتجعل الاختبارات عقبة صعبة في طريق حياته بدل أن تكون خطوة ناجحة في حياته.
ومن المهم لنا نحن كطلاب تدارك أسباب هذا الخوف بقدر الإمكان، وتفادي مسبباته التي تعيق النجاح في الاختبارات، فعلينا أن نعمل جاهدين على تبديد أفكارنا السلبية نحو أنفسنا والاختبار، وعلينا أن ندرس بانتظام وجدية على أكمل وجه، وألا نكدس دروسنا ونتركها للفترة المباشرة الّتي تسبق الاختبارات من مراجعات، كما أن على الأهل توفير و تأمين أجواء الهدوء والاستقرار لأبناءهم، ومنحم الثقة والتعامل معهم بواقعية من دون أن يطالبونهم بما لا طاقة لهم على فعله، وتجنب الانفعالات المدمرة في حال عدم تحقيق النتائج المطلوبة، بالإضافة إلى الدور الهام للمدرسين في تبديد مخاوف الطلاب للاختبارات، من خلال بناء علاقات طيبة معهم وتهدئة نفوسهم، ووضع أسئلة مدروسة وشاملة وموضوعية، تتراوح بين الأسئلة السهلة وبين تلك التي تتطلب تركيزاً وانتباهاً.
زملائي الطلاب هناك أشياء علينا أن نأخذها في الاعتبار قبل الاختبار وفي خلاله، وهي:
النوم باكراً في ليلة الاختبار للمحافظة على ذهن صافي وعقل منظم وقدرة على التركيز.
تقسيم الوقت بحسب عدد الأسئلة بحيث نعطي لكل سؤال وقتاُ محدداً، مع عدم التسرع في الإجابة.
البدء بالإجابة على الأسئلة السهلة لأنها ستساعد على الاسترخاء وعلى زيادة الثقة بالنفس.
التفكير ملياً وبهدوء قبل كتابة الجواب والدخول في الإجابة مباشرة دون مقدمات لا داعي لها.
عدم الوقوف مطولاً عند الأسئلة المستعصية على الحل أو التذكر، والانتقال إلى سؤال آخر حتى لا يضيع الوقت فيما لا يفيد.
عدم اضطرابنا عند رؤية الآخرين يكتبون فيما نحن لا نزال نفكر في الإجابة.
المراجعة الهادئة لكل سؤال وجواب، لتتأكد من الإجابة على كل الأسئلة الموجودة في ورقة الاختبار .
فما وراء الاختبارات ؟
الاختبارات بالنسبة للجميع، بمثابة مسألة قلق وتوتر وتشتت وانزعاج وخوف من الاجتياز أم عدمه، فيصبح الفرد منا قلقا مرتبكا قبل الاختبارات، وقد يستمر قلقه وارتباكه لحين وقت الاختبار ذاته.
لا يوجد منا من لم يصيبه القلق في الاختبارات، فجميع الطلاب يستحوذ عليهم القلق، خاصة طلاب شهادة الثانوية العامة .
حتى أولياء الأمور يعلمون أتم العلم كيف يكون حال أبنائهم في هذه الايام، وضغطها العصبي والنفسي والمعنوي عليهم، مما يؤدي إلى ضياع تركيز الطلاب.
هناك طلاب يصل بهم الخوف لدرجة أنهم يحلمون بالاختبار أثناء نومهم، ويجلسون فترة قبل النوم يفكرون هل سيكون الاختبار سهلاً أم صعباً، هذا إن لم يكن بعضهم لم ينم من شدة القلق.
حين تأتي هذه الفترة على الطالب تبدأ رحلة اضطرابات منها: شعوره بالإكتئاب لدرجة الغضب إذا تحدث معه أحد، وفقدان الأمل وضعف ثقته في نفسه، فهنالك عدة طرق للتخلص من اضطرابات ومشاكل الاختبارات، منها:
أولها: شرطا اساسيا فيها وهو الاستعداد الجيد للاختبار وأن نفعل كل ما في جهدنا، فلنعلم أن اجتهادنا لن يذهب هباءاً أبداً، ونخبر ذاتنا أن مجهودنا لن يضيعه الخالق كما قال في كتابه العزيز “إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا ” وهذا لأجل الوصول إلى مانريده في مستقبلنا.
ثانيا: يجب علينا أن نبعد كل الأفكار السلبية عن تفكيرنا، وعدم التشاؤم واليأس وفقدان الأمل، ونستبدال كل هذا بأفكار إيجابية تساعدنا على الجد والاجتهاد مثل ماذكرنا أن الله لا يضيع مجهود من أحسن عمله.
ثالثا: علينا أن لا ننتظر من أنفسنا الاداء المثالي دائما، وهذا ليس لنحبط أنفسنا، فمن الوارد السهو والخطأ والنسيان.
رابعا: إيانا والإنصات إلى حديث من حولنا كي لا يزيد توترنا أكثر، وهذا يظهر بشكل أوضح داخل لجنة الاختبار، عندما نجد هذا يتحدث مع هذا بشأن الاختبار فإننا سنزيد قلقاً وتوتراً، وربما بعد هذا الحديث الذي دار بينهم لن نجد فيهم أحدا كتب شيئا في الاجابة، فدعونا من ذلك.
خامسا: لنعلم ان جميع الوجبات السريعة تكون مشبعة بالدهون التي قد تزيد من تعرضنا للاكتئاب والقلق في مثل هذه الاحيان، فالنمتنع عن ذلك.
في النهاية عند حصولنا على نتيجة اختباراتنا، من كان يبخل بجهد ويدخره سيندم ببخله هذا والعكس، فمن أنفق كل ما بوسعه في سعيه للاختبار، سيعود عليه بمنفعة خاصة بل وعامة، لأنه سبفرح ويفرح معه من حوله، خاصة الآباء والأمهات الذين سيكونون أول من يفرحون بنجاحنا.
وفي الختام نستدل بقول الله تعالى الذي يحثنا فيه على التقوى لكي يعلمنا: “واتقوا الله ويعلمكم الله”.
المزيد من الموضوعات
عمر الشريف يكتب: ليتني أعود طفلاً
أسامة حراكي يكتب: في يوم الطفولة العالمي
امسية ثقافيه وندوة ادبية بمقر حزب الوفد بطنطا…