عمر الشريف يكتب: من يترفق بي
كنت مع مجموعة من الناس لا أعرفهم، رفقة طريق فقط، حيث وجدت نفسي في عربة قطار تنتظر الإنطلاق.
على المقعد المقابل لي في العربة شاب برونزي اللون بلحية على الموضة وفتاة شقراء، يجلسان وقد أغمضا عيونهما وطارا في قبلة طويلة، فتوجهت بنظري خارج زجاج النافذة، فشاهدت حمامة وحمام حطا على غصن شجرة، تذكرا حلاوة الدنيا والآخرة، فراحا يتعانقان ويتناقران ويتغازلان.. وكانت نظراتي المسالمة خارج العربة وداخلها، تشجع على ارتكاب الهفوات.
ثم بدأ القطار يمشي على خط الحديد في نهار يوم جاف صحرواي في مكان ما، وطالت الطريق وطال الانتظار، وأثارتني حقيقة ما يجري، حتى وصلنا إلى ميناء مع وصول الليل، وتخاطف المتخاطفون قوارب طافية ينفخ فيها الهواء من روحه، وتحركت المجاذيف تفر من شيء مخيف في الظلمة.
تحول المكان إلى جزيرة نائية، أما أنا فبقيت على الصخور المبللة حيث وجدت الكثير من وعكاء السفر،
بانتظار وصول القارب الذي سيحملني.
هنا دخلت ساعة الهاتف على الخط، ورنت في أذني وأعلنت عن وصول الدقيقة العاشرة بعد الرابعة صباحاً، ساعة الصحو لصلاة الفجر، وغفت الشاشة التي ترتمي عليها أفلام المنامات، التي تمر بي وأنساها في العادة.
سأسعى اليوم إلى المفسر ابن سيرين، وأجلس قبالته معقود اللسان مكتف الذراعين، فيطمئنني عن الخير في رؤية السفر بالقطار فأكتفي، ولن أتابع تقليب صفحات جوجل، وسأجبن عن معرفة البقية، فمن يضمن أنه سيترفق بي، وأنها ستكون على نفس المنوال من حسن التفسير.
المزيد من الموضوعات
عمر الشريف يكتب: ليتني أعود طفلاً
أسامة حراكي يكتب: في يوم الطفولة العالمي
امسية ثقافيه وندوة ادبية بمقر حزب الوفد بطنطا…