عمر الشريف يكتب: جزيرة الأحلام
كانت تمشي تملأ الطرقات سعادة، تحضن هذه وهذا، وتلف خصر ذاك وتلك، تلامس المتدفقين بالشورتات و”الشباشب” والفساتين الرقيقة الطويلة، والبلوزات القصيرة، تعشقهم جميعاً وتعشقنا، ولو لم يكن اسمها “شمس الصيف” لما كانت فعلتها بسيطة.
استلقيت على رمال الشاطىء، وإذا بحصان أبيض يخرج من بين الأمواج، حدقت فيه وهو يقترب مني، توقف عندي ونطق فقال لي: انهض واصعد على ظهري؛ سألته إلى أين؟ قال: إلى جزيرة الاحلام.
امتطيت ظهر الجواد وشق ماء البحر وأمواجه، وفي الطريق نظرت إلى السماء فوجدت قطعان الغيوم في حضرة الشمس ترعى مروج السماء، فتتصايح الشمس وتستعرض عضلاتها الغيوم، حتى وصلنا إلى جزيرة جميلة سرنا في غابتها.. كانت الأشجار الباسقة التي تراقبني من علو تصغي إلى ما لا أقول، وتمشي معي إلى نسمات العصر .
زهرات الياسمين البيضاء المقيمة في أرض هذه الجزيرة، ليست بتلك البراءة التي تدعيها وتظننا نصدقها؛ فحين مررت بها تحرشت بي وتعقبتني بعطر شهوتها، وسألتني هل أنت خفيف الظل أم ثقيله؟
فترجلت من على الخيل وربطته بجذع شجرة، وجثيت على قدمي أمام منبت شجرة الياسمين، فطمئنتها إلى أني من فريق خفيف الظل ولست من ثقيليه، ولكني لا أحب رواد تخفيف الدم وأخشاهم.
في التاسعة صباحاً استيقظت بعد نوم قلق على طرق باب شقتنا، متثاقلاً قمت من سريري وفتحت الباب، فوجدت محصل الكهرباء.
بعد أن دفعت فاتورة الكهرباء فتحت جهاز الكمبيوتر لأتابع آخر الأخبار والأحداث والمستجدات الثقافية من بعض المواقع، كل الفئران التي مررت بها سواء في الأحلام أو الحقيقة، كانت تركض مستعجلة وتجري خائفة، أما فأرة الكمبيوتر فتجر ذيلها متمهلة، تطرح وتجمع، تفلي الأخبار وتقرض الشعر.
ثم استرجعت ما شاهدته في حلمي، فقررت أن اكتبه على الورق، لكن كلما اقتربت ذاكرتي من بوابة الإغفاءة الحالمة، يصرخ رقيب الخواطر الصاحية بفكرة جديدة، توقفني إلى يمين الورقة فأقتنصها وأصحو… في الليلة القادمة سأحفظ الدرس؛ سأترك الكتابة لقلمي وأسافر أنا بالبوسطة.
المزيد من الموضوعات
أسامة حراكي يكتب: التراث
وزارة الثقافة تحتفي بمبدعي ومثقفي مصر في إحتفالية “يوم الثقافة ” 8 يناير القادم…
عمر الشريف يكتب: فلا يؤذين