عمر الشريف يكتب: في انتظار بويكا
أحسست ببهجة غير طبيعية، هناك في ذلك المطعم الأنيق الصغير في ضواحي لندن، جلست و أتت نادلة حسناء سألتني ماذا أطلب، فطلبت جمبري مشوي ورز وعصير أناناس، وانصرفت لتحضر طلبي.
لفت نظري امراة تجلس أمام ستارة يبدو أنها تغطي مدخل غرفة، عندما التقت نظراتنا ابتسمت لي ثم قامت وجلست أمامي، قالت دون أن أسألها: أنا بويكا، وسألتني عن اسمي ولماذا أزور لندن، وأرهقتني بأسئلتها ثم قالت وهي تتفحصني: تعالى لكي تستريح في غرفتي، وبفراسة فهمت ما تريده مني، فقلت لها: لا شكراً كما أنني أنتظر طعام طلبته،
فأمسكت بيدي وقادتني إلى الغرفة خلف الستار، انعقد لساني وأحسست ملمس أصابعها كأنها أسياخ حديد على النار لسعت يدي وشعرت بوجع لا يطاق، فتحت فمي لاصرخ ألماً، فلم يخرج صوت ثم جلست على مقعد وثير، كانت الغرفة داكنة اللون خافتة الاضاءة، فنادت النادلة وقالت: احضري طعامه إلى هنا.
استرخيت واحسست بالألم يتوارى وبدأت استمتع بما حولي، فأكلت وشربت العصير، ثم عصبت رأسي فأحسست ببرد يتسلل إلى جسدي، ثم بدأ يتصبب العرق مني، شربت باقي عصير الأناناس فغبت عن الوعي مع الرشفة الأخيرة.
استيقظت في سيارة أجرة وحسبت أنني تعرضت لعملية سرقة، فإذا بنقودي كما هي وجواز سفري وهاتفي معي، نزلت من “التاكسي” وعندما حاولت دفع الحساب رفض السائق وقال لي: بويكا دفعت عنك وحذرتني من أخذ أي إكرامية.
ذهبت إلى غرفتي مباشرة ونمت خائف كالطفل، عندما استيقظت وجدت رسالة من بويكا فيها سطر واحد “لا تبحث عني سنلتقي عندما تكون مستعداً”.
عدت في مساء ذلك اليوم إلى تلك الضاحية فإذا المطعم اختفى، سألت عنه رجل عجوز يبيع في “كشك” صغير أول الشارع، فقال لي: كان هناك مطعم لكنه أغلق أبوابه من عشر سنوات، لم أفتح فمي وقضيت باقي أيامي في لندن متوجساً.
فجأة استيقظت على صوت دقات ساعة الحائط الجديدة، كما وكأنها ساعة “بيج بن” تعلن عن الوقت، وها أنا ذا مازلت أنتظر بويكا ولا أدري متى سأكون مستعداً ؟
المزيد من الموضوعات
أسامة حراكي يكتب: التراث
وزارة الثقافة تحتفي بمبدعي ومثقفي مصر في إحتفالية “يوم الثقافة ” 8 يناير القادم…
عمر الشريف يكتب: فلا يؤذين