أسامة حراكي يكتب: الوقت والقيمة
لدى البعض حالة من عدم احترام الوقت وعدم الإلتزام بالمواعيد، والتأخر عليها وعلى مناسباتها سواء مهنية أو إجتماعية، ويظن أصحاب هذا السلوك أنهم بعدم احترام الوقت، أن الإتيكيت تقتضي هذه الأمور، والحقيقة غير ذلك فالشخص الإتيكيتي الحقيقي هو من يحترم الوقت ويدرك قيمته، وباحترامه ذلك يكون يحترم الآخرين، فالإيتيكيت في جوهره الذوق، والذوق يفرض على صاحبه احترام الآخرين، ومن أبسط أشكال الإحترام عدم الإستخفاف بأوقات الآخرين، فالعلاقات مع الوقت ومع الآخرين مقياس للمستوى الأخلاقي والثقافي.
الساعات التي نمنحها أكثر من اسم ومن شكل ولون ونغالي بأسعارها لا تمنحنا غير الوقت، وأرخص شيئين في الوطن العربي هما قيمة الإنسان والوقت، وتشاء المصادفة أن يكونا أغلى شيئين في المجتمعات الغربية، فلا قيمة لتلبية رغبة دهسها الوقت، ولا قيمة لمعطف يُكسى به ميت بالعراء، ولا قيمة لأحد يصل متأخراً بعد نهاية كل شيء، أهم ما في كل شيء توقيته، فالتوقيت هو الذي يضفي القيمة على الأشياء أو ينتزعها.
غالباً ما تأخذ الأشياء قيمتها من نفسها، ومن مُعطيها ومن مُستقبلها، والمهم هو الوقت والمكان اللذان تُقدم فيهما أو يتلقاها فيهما الإنسان، فحين يقدم محب هدية لمحبوبته في اليوم الذي قررت فيه الانفصال عنه، فلا تكون لهذه الهدية أية قيمة كما لو كانت في مناسبة مشتركة بينهما، هنا تفقد الهدية قيمتها لاختلاف الزمن الذي وصلت فيه، وحين يمر أصدقاءنا بضائقة مالية وينتظرون منا المساعدة ونتأخر عليهم، فيضطرون لبيع بعض ممتلاكاتهم ثم نبادر إلى مساعدتهم، يكون فات الآوان وليس لمساعدتنا أي قيمة لأنها لم تأتي في الوقت المناسب.
لكل شيء قيمة وإن تفاوتت هذه القيمة من شخص إلى آخر، فالمناظر الخلابة لا تشكل قيمة لإنسان حزين فقد عزيز، هنا يكون لنفسية الإنسان الأثر المهم لقيمة الأشياء، وجلوس العشاق تحت المطر ليس كجلوس فقراء تحت سقف بيت متهالك تدخله المياه فتشوه وتغرق فرشهم، وهنا يكون للمكان الأثر الأهم في تقدير قيمة الشيء، ولا تكون قيمة لنجاح طلاب في دراستهم إن لم يحصلواْ على النسبة التي توصلهم إلى الكليات التي يريدونها، هنا تصبح قيمة الشيء ناقصة، على الرغم من أنها كاملة من مفهوم النجاح.
هكذا تفقد الأشياء قيمتها بالقياس إلى ما حولها، وترتفع قيمتها كذلك بالنسبة إلى ما حولها، فلنحرص على تقدير قيمة الوقت والأشياء بمنظور أكبر، ونبادر إلى رفع قيمة هدايانا أو مساعداتنا لمن نحب، حين نختار الوقت والمكان والزمان المناسب لها، فإن المحبة الحقيقية هي المبادرة على غير المتوقع، وما أجمل أن نجد ما نحب من غير توقع.
والأمثلة على أهمية الوقت وقيمته لا تعد ولا تحصى، وهي متشابهة لدى مختلف الشعوب التي تؤكد ثقافتها مقدار الوقت وقيمته، لكن منا الكثيرين نحن العرب نهدر هذا، ومن الأقوال:
ـ الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك “الإمام الشافعي”
ـ إضاعة الوقت أشد من الموت “مصطفى أمبن”
ـ الوقت أثمن ما ينفقه الإنسان “ثيوفراستوس”
ـ الوقت روح العالم ” فيثاغورس”
لو عرف الناس قيمة الوقت لما اشتروا أحذية تحتاج للربط “سقراط”
ـ أي جريمة أكبر من ضياع الوقت “مثل انجليزي”
ـ الوقت من ذهب “مثل شائع”.
المزيد من الموضوعات
وزير الثقافة يترأس إجتماع اللجنة العليا لوضع إستراتيجية جديدة لتطوير الهيئة العامة لقصور الثقافة…
أسامة حراكي يكتب: التراث
وزارة الثقافة تحتفي بمبدعي ومثقفي مصر في إحتفالية “يوم الثقافة ” 8 يناير القادم…