أسامة حراكي يكتب: المرأة والعنف ضدها
في الوقت الذي تؤكد فيه أغلبية الدساتير العربية المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات، ومع أن الدين الإسلامي ساوى بين الجنسين في الثواب والعقاب، إلا أن أغلبية النساء العربيات يصرخن من القوانين الظالمة لهن، فلا زالت معظم القوانين تظلمهن، فثمة الكثير من القوانين والشخصيات العربية يتحدثون عن قوانين بعينها يرون أنها لا تنصف المرأة العربية وتظلمها، وعلى الرغم من تباين تلك القوانين بين دولة وأخرى، إلا أن تلك المتعلقة بقضايا الشرف والعنف الأسري، ففي جرائم الشرف يحمي القانون القاتل في معظم البلاد العربية وكأن الخطيئة دائماً أنثى.
وبرغم أن في بعض المجتمعات أصبحت المرأة تتساوى مع الرجل في العمل والأجر والوصول إلى المراكز القيادية، ولم تعد النظرة إليها على أنها مجرد امرأة فقط، بل نصف المجتمع، ورغم ذلك لا تزال مشكلة العنف الموجه للمرأة من المشكلات المؤلمة، وعلى الرغم من الحملات التي تقام من أجل محاربة العنف، إلا أن المشكلة تتفاقم وتتعدد صورها، فقضية العنف ضد المرأة غير الظاهر منها هي القضايا التي تحتاج إلى مزيد من الجهد والحوار بين الرجال والنساء، كي يدرك الرجل أن المرأة إنسان كما عليها واجبات لها حقوق، وهناك عنف غير الجسدي هو العنف النفسي، فالآباء والأشقاء والأزواج الذين يتحكمون بالمرأة ويملون عليها قراراتهم يمارسون هذا النوع من العنف.
ليست المرأة ضلعاً ناقصاً ولا أقل شأناً ومقدرة من الرجل، لكن ثقافة قرون طويلة من التسلط الذكوري جعلتها تستكين وترضى أحياناً بما لا ينبغي الرضا به، بل إن هذه الثقافة البائسة التي تم حشو الرؤوس بها جعلت كثير من النسوة تستلذ دور الضحية وتدافع عنه بحجة أن الدين أمرنا بذلك، بينما النص حمال أوجه، ويستطيع المناصر للعدل والمساواة، الداعي إلى التنوير والتغيير المتطلع إلى الأمام أن يجد في النص ما يدعم موقفه ويثبت برهانه، لكننا للأسف نرى كثيراً من التلكؤ والخضوع لدى الكثيرين من المثقفين والمؤثرين في الرأي العام، فنلاحظ أنهم لا يرفعون صوتهم لنصرة المرأة خشية من موجات التخلف والتطرف الضاربة مجتمعنا.
فإن تحرير المرأة يكون بتحرير الرجل من عقليته الذكورية واقتناعه بأن التسلط الذكوري لا ينتج سوى مجتمعات مشوهة، وأنه متى انحاز إلى إنسانيته استطاع إدراك الظلم اللاحق بالمرأة من خلاله، والذي هو في جوهره ظلم للذات، لأن النتائج الكارثية للتسلط الذكوري لا تنعكس فقط على الرجال وإنما على المجتمع كله.
لحسن الحظ بدأت المرأة العربية بكسر حاجز التمييز والعنصرية في كثير من دولنا العربية، وإن كانت القوانين في بعض الدول لا تزال جائرة ومتخلفة، وتفرض على المرأة أموراً لا تمت للقانون ولا الإنسانية بأي صلة، إلا أننا نشهد صحوة نسائية جيدة، ونسمع أصواتاً عالية مطالبة بإلغاء تلك القوانين التي لم تأت في أي شريعة سماوية، بل كتبت بذهنية ذكورية متسلطة، همها التسيد والهيمنة على المرأة ومنعها من نيل حقوقها البديهية.
المرأة كالشجرة، إن لم تُسقَ بماء الحب تصفر وتموت، أو تعشق الغيوم الشاردة كي ترتوي، فنحن لم نُولد في مجتمع جاهلي يئد الأنثى، لكننا ولدنا في مجتمع متناقض يئد من أحلام الأنثى وأحاسيسها الكثير، فلا تُغذواْ عقول بناتكم بأنهن كائن ضعيف يحتاج لحماية رجل، بل وتعدوهن لتقبل هذا الكائن بكل عيوبه، وغفر نواقصه والتعايش معها والتضحية بكل ثمين في سبيل ارضائه.
المزيد من الموضوعات
عمر الشريف يكتب: ليتني أعود طفلاً
أسامة حراكي يكتب: في يوم الطفولة العالمي
امسية ثقافيه وندوة ادبية بمقر حزب الوفد بطنطا…