وسيط اليوم

جريدة الكترونية عربية

“أبطال الموال بين الحقيقة والخيال” فى حكاوى الخطاوى.

كتبت:ياسمين حموده

 

أكد الدكتور محمد أمين عبد الصمد، الباحث في الانثروبولوجيا الثقافية، أن الموال القصصي ابن الجماعة الشعبية، فهو مادة احتفالهم ومتعتهم، ولا يكتفي الموال بهذا فقط، بل هو مستودع لقيم ومفاهيم اجتماعية يحرص عليها أفراد المجتمع ويؤكدونها، ويُعتبر الموال القصصي التاريخ الشعبي الذي يسجل شفاهة أحداث حقيقية مر بها هذا المجتمع، وتفسيره لها، ورغم إضافات المؤدين (شأن أي مادة تنتقل شفاهة) لعبارات أو أحداث أو تدخلهم بالتفسير، إلا أننا نجد إشارات لأحداث حقيقية حدثت بل وتنويعات على نفس الحادث .

جاء ذلك خلال الحلقة الحادية عشر، من سلسلة حلقات برنامج “حكاوى الخطاوى” التى أطلقها الدكتور محمد أمين عبد الصمد أون لاين عبر موقع اليوتيوب، بعنوان”أبطال الموال القصصى”، للمساهمة فى تنمية ورفع الوعى الثقافى لدى أفراد المجتمع بالموروث الشعبى فى مختلف المجالات .

 

وأضاف عبد الصمد، أن الموال القصصي اهتم بالبطل الفرد، ومن خلاله وخلال أعماله قام بالتأريخ للجماعة ككل، ويقترب هذا المفهوم من النظرية المعروفة في الدراسات التاريخية بـنظرية الرجل العظيم، والتي سادت مجال الدراسات التاريخية حتى القرن التاسع عشر، واختلاف التاريخ الشعبي عن التاريخ الرسمي، ليس تزيداً أو عدم معرفة، ولكن لإشباع حاجات سياسية واجتماعية وثقافية، فالتاريخ الشعبي إن جازت التسمية هو تفسير الجماعة لما حدث، وأهمية الحادث بالنسبة لها، ولذلك يؤكد بعض الدارسين، أن الحقيقة هي ما يقال حتى ولو دخل فيه الخيال الشعبي، فما دام قد اعتنقته الجماعة الشعبية وآمنت به فهو حقيقة .

وألقي الدكتور محمد أمين الضوء على تاريخ الأبطال الحقيقيين أو الشخصيات الحقيقية لأبطال مواويل، مثل “أدهم الشرقاوي” ابن قرية زبيدة بالبحيرة، ففي التاريخ الرسمي هو التلميذ المشاكس القاتل السجين مؤبداً، الهارب من سجنه القاتل بالأجر، والفارض للإتاوات على الأغنياء، وقاطع الطريق وزعيم عُصبة من الأشقياء، ولكن فيما بعد أصبح بطلاً، و”يس” أحد أبناء قبيلة العبابدة، وكان أشقى مجرم عرفته مصر في زمنه وكان يعمل قاتلاً بالأجر، وتحولت عمليات القتل والسلب والنهب إلى تسلية ومتعة، وكان يطربه كثيرا أن يتردد اسمه بين الناس فيصابون بالهلع والخوف، وساهم في هذا تمثله وتقمصه لشخصيات السير الشعبية وخاصة السيرة الهلالية، واتسع نطاق جرائم هذا الشقي فشمل مديريتي أسوان وقنا، وأصبح هو محور حديث الناس وسامرهم، ولم يجرؤ أي شخص على مواجهته أو حتى الإرشاد عنه.

وتابع باحث الانثروبولوجيا الثقافية، حديثه عن أبطال المواويل، مشيرا إلى أن “حسن المغنواتي” بطل الموال الشهير حسن ونعيمة، هو شخصية حقيقية من قرية بني واللمس ببني مزار بمحافظة المنيا، واشتهر باسم حسن النمس، وقتله أهل نعيمة لأنه شبب بابنتهم في أغانيه، وهو ما اعتبروه مساساً بكرامتهم، كما أنه خروج على التقاليد الحاكمة في هذا المجتمع، ولكن احتفاء المبدع الشعبي بحسن هو احتفاء بالفنان، كما إنه تمرد مستتر على تقاليد بالية ومتزمتة، وحادثة قتل “متولي” لشفيقة هي حادثة حقيقية حدثت في جرجا التابعة لمحافظة سوهاج فقد قام متولي بقتل شقيقته شفيقة التي سقطت وجلبت العار للعائلة كلها، وتعاطف المبدع الشعبي مع متولي سواء بتصوير مواقفه البطولية أو تبرير أفعاله ومدحه بشكل مباشر، وهذا لأن متولي حافظ على قيمة يهتم بها المجتمع ويوليها عنايته، وهي قيمة الشرف وارتباط هذا بالمرأة وسلوكها .

Follow by Email
Instagram
Telegram
WhatsApp