وسيط اليوم

جريدة الكترونية عربية

تقرير: تعافي اقتصاد مصر على المسار الصحيح رغم زيادات الإصابة

كتبت- منال المصري:

قال بنك الكويت الوطني إن تعافي الاقتصاد المصري من جائحة فيروس كورونا يسير على المسار الصحيح بصفة عامة بفضل الإصلاحات الاقتصادية المستمرة، على الرغم من تزايد حالات الإصابة بالفيروس مؤخراً.

وأشار البنك، في تقريره الاقتصادي ربع السنوي الأول من عام 2021 التي تصدره إدارة البحوث الاقتصادية في البنك، إلى أن مصر نجحت في إدارة أزمة جائحة فيروس كورونا بشكل جيد بفضل سياسات الإغلاق المبكر والتدابير الاحترازية التي اتبعتها إدارات الصحة العامة، فضلاً عن تطبيق إجراءات مالية ونقدية هامة.

وأوضح التقرير أن تلك الجهود تضاف إلى إجراءات الإصلاح الاقتصادي السابقة التي ساهمت في تحسين المؤشرات الرئيسية للاقتصاد الكلي بصفة عامة وعززت من مرونة الاقتصاد الكلي.

وأشار التقرير إلى أنه في الآونة الاخيرة شهدت مصر زيادة عدد حالات الإصابة بالفيروس وتخطت الإصابات اليومية أكثر من ألف حالة في يناير قبل أن تتراجع إلى 600 حالة في المتوسط في فبراير وعلى الرغم من ذلك لم يتعد إجمالي الإصابات والوفيات أكثر من 178 ألف حالة إصابة و10 آلاف حالة وفاة منذ بداية تفشي الجائحة، فيما يعد أقل من المتوسط المسجل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وفي كافة أنحاء العالم.

وذكر التقرير أن الإصلاحات الاقتصادية الجادة التي بدأت منذ عام 2017 ساهمت في تعزيز مرونة الاقتصاد المصري وجعله أكثر قدرة على مواجهة الصدمات.

وكانت مصر إحدى الدول القليلة التي تمكنت من تحقيق نمو اقتصادي في عام 2020، إذ وصل معدل النمو إلى 3.6% في السنة المالية 2019-2020 مقابل 5.6% في العام السابق، وفقا للبيان.

وبحسب البنك، كشفت أحدث البيانات عن استمرار وتيرة الانتعاش في الربع الثالث من عام 2020 (الربع الأول من السنة المالية 2020-2021)، إذ ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.7% على أساس سنوي مقابل انكماش بنسبة 1.7% في الربع السابق وسط تخفيف قيود الإغلاق وعودة فتح الأنشطة الاقتصادية تدريجياً، كما ساهمت السياسات المالية والنقدية التيسيرية ومواصلة الجهود الإصلاحية في إحراز هذا التقدم.

وأضاف التقرير أن أداء مؤشر مديري المشتريات، والذي يعد من أهم المؤشرات الاقتصادية الرئيسية، أظهر علامات تدريجية على الانتعاش. واتخذ المؤشر الكلي اتجاهاً تصاعدياً، إذ بلغ في المتوسط 50.2 في الربع الرابع من عام 2020 بعد تسجيله 49.8 و38.3 في الربعين الثالث والثاني من 2020، مما قد يشير إلى زيادة احتمال نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الرابع من عام 2020.

وقال البنك إنه على الرغم من أن القراءات الشهرية الأخيرة تراجعت إلى منطقة الانكماش (48.7 نقطة في يناير 2021)، فإن هذا المستوى ما يزال يمثل تحسناً ملحوظاً عن المستويات التي شهدناها في ذروة أزمة الجائحة (29.7 في أبريل) ومقارنة بأداء العام الماضي (46 في يناير 2020).

وأوضح التقرير أن هذا الانتعاش يبدو قد أصبح أكثر شمولية مما أدى إلى استجابة قوية على صعيد التوظيف، وهو الأمر الذي انعكس في التراجع المستمر لمعدل البطالة والذي وصل إلى 7.2% في الربع الرابع من عام 2020 مقابل 9.6% في الربع الثاني من نفس العام، مما يشير إلى اقتراب عودة أنشطة الأعمال من مستوياتها الاعتيادية.

وذكر البنك أن توقعاته تشير إلى تحسن الأداء الاقتصادي في الفترات القادمة على أمل تحقيق تقدم مستدام في حملة التطعيم وتسارع وتيرة انتعاش الاقتصاد العالمي.

ويتوقع أن يصل نمو الاقتصاد المصري إلى حوالي 2.8% في السنة المالية 2020-2021، وأن ينتعش بقوة إلى حوالي 5% على المدى المتوسط على خلفية الاستفادة من التزام السلطات بالإصلاحات واستمرار دعم صندوق النقد الدولي.

ولكن البنك حذر من أن آفاق النمو الاقتصادي ما زالت غير مؤكدة، وذلك نظراً للزيادة المستمرة في حالات الإصابة بفيروس كورونا وإمكانية تفشي السلالات المتحورة الجديدة، مما قد يؤدي إلى إعادة فرض إجراءات الإغلاق والتأثير سلباً على النمو الاقتصادي في مصر والعالم.

وأشار التقرير إلي أن الجنيه المصري ارتفع مقابل الدولار الأمريكي بدعم من أساسيات الاقتصاد الكلي وتدفقات رؤوس الأموال، إذ ارتفع الجنيه المصري بنسبة 2% مقابل الدولار الأمريكي في عام 2020 وواصل ارتفاعه هامشياً منذ بداية العام الحالي، حيث بلغ متوسط سعر تداول الدولار الأمريكي 15.6 جنيه في فبراير مقابل 15.7 جنيه في يناير.

كما يعكس ارتفاع قيمة الجنيه المصري أيضاً تحسن أداء الاقتصاد الكلي واتباع السياسة النقدية الملائمة التي أبقت أسعار الفائدة الحقيقية مرتفعة نسبياً، إلى جانب تزايد مستويات الثقة بفضل استمرار وتيرة الإصلاحات التي لم تتراجع منذ تعويم الجنيه المصري وهو الإجراء الذي أسفر عن نتائج اقتصادية جيدة.

وأكد التقرير أن الإصلاحات الاقتصادية أدت إلى استقرار الاقتصاد الكلي واتخاذ التضخم لاتجاه هبوطي، والذي ساهم مؤخراً في دعمه وضع الحكومة لعدد من التدابير المحددة التي تهدف إلى تجنب نقص المواد الغذائية.

وبلغ معدل التضخم في الحضر 4.3% على أساس سنوي في يناير 2021 فيما يعزو بصفة رئيسية إلى انخفاض أسعار المواد الغذائية والمشروبات المحلية، ويعد هذا المعدل أقل من المستوى الجديد المستهدف من قبل البنك المركزي للربع الرابع من عام 2022 والبالغ 7% (± 2%)، وفقا للتقرير.

كما تباطأ معدل التضخم الأساسي إلى 3.6% على أساس سنوي مقابل 3.8% في ديسمبر، وفقا للتقرير.

وأشار التقرير إلى أنه خلال الأشهر المقبلة قد يرتفع معدل التضخم في ضوء الارتفاع الأخير في أسعار السلع والطاقة وإمكانية تزايد الطلب مع انتعاش النشاط الاقتصادي، إلا أن البنك يتوقع أن يظل معدل التضخم تحت السيطرة بصفة عامة في ظل مواصلة السلطات للجهود الإصلاحية وما دامت الأسس الاقتصادية هي التي تتحكم في استقرار سعر الصرف.

وأبقى البنك المركزي المصري على أسعار الفائدة دون تعديل في أول اجتماعاته المنعقدة في عام 2021 (4 فبراير) بعد خفضه لأسعار الفائدة بمعدل تراكمي بلغ 4% في عام 2020.

وأوضح التقرير أن هذا القرار جاء نتيجة لضرورة الإبقاء على ارتفاع معدلات الفائدة الحقيقية مقارنة بالدول الناشئة الأخرى لجذب المزيد من رؤوس الأموال الأجنبية وتجنب أي انعكاسات مفاجئة في ظل تقلب أوضاع الاقتصاد العالمي.

وقال البنك إنه مع بقاء معدل التضخم ضمن النطاق المستهدف، سيتاح للبنك المركزي المصري المجال لخفض معدل الفائدة خلال العام الحالي (ربما بمقدار 100 نقطة أساس) لتعزيز الانتعاش الاقتصادي وتقليل تكاليف خدمة الدين الحكومي.

وأضاف بنك الكويت الوطني في تقريره أن القطاع المصرفي حافظ على أداء جيد في ظل النمو الائتماني القوي، إذ قدمت السلطات حزمة من التدابير اللازمة لمساعدة المقترضين المتضررين بشدة.

وأشار إلى أنه في واقع الأمر، ظلت نسبة القروض المتعثرة منخفضة، إذ بلغت 3.4% في الربع الثالث من عام 2020 (مقابل 3.9% و4.1% في الربعين الثاني والأول من عام 2020 على التوالي).

في حين ارتفع عرض النقد بمفهومه الواسع (ن2) بنسبة 19.7% على أساس سنوي في ديسمبر 2020. كما تسارعت وتيرة نمو الائتمان المحلي بقوة إلى 23% في ديسمبر 2020 مقابل 7.6% في العام السابق.

وأكد البنك أن هذه الزيادة جاءت بفضل انخفاض أسعار الفائدة، وبصفة خاصة، الإجراءات الحكومية التي ساهمت في تشجيع الإقراض، خاصة للشركات الصغيرة والمتوسطة ومؤسسات التمويل الأصغر.

وأعلن البنك المركزي المصري مؤخراً عن زيادة نسبة محافظ القروض لتلك المؤسسات (بموجب بعض شروط الاقتراض الميسرة) إلى 25% من إجمالي محافظ القروض، بهدف تعزيز الشمول المالي وخلق فرص عمل للشباب المصري.

وأشار بنك الكويت الوطني إلى أنه نتيجة لذلك، فإنه يتوقع خلال العامين المقبلين أن يظل نمو الائتمان مرتفعاً على الرغم من أنه قد يتباطأ قليلاً عن أعلى مستوياته (بمعدلات أحادية الرقم متوسطة إلى مرتفعة) في ظل تلاشي تأثير إجراءات دعم الائتمان المطبقة مؤخراً.

وبحسب التقرير، حققت مصر أداءً جيداً في عام 2020 مقارنة بالأسواق الناشئة الأخرى في ظل مضي الإصلاحات بخطى حثيثة وبدعم من المجتمع الدولي.

وعلى المدى القريب، تتمثل المخاطر المحيطة بآفاق النمو بصفة رئيسية في حالة عدم اليقين التي تحيط بانتعاش النمو العالمي ونجاح حملة التطعيم. وقد يؤدي الارتفاع الأخير في حالات الإصابة بالفيروس، بما في ذلك السلالات المتحورة الجديدة، وفرض إجراءات إغلاق جديدة إلى التأثير سلباً على النشاط الاقتصادي، وفقا للتقرير.

أما على المدى البعيد، فمن المتوقع أن يظل أداء الاقتصاد المصري قوياً طالما ظلت السلطات ملتزمة بالمضي قدماً في الإصلاحات، على الرغم من استمرار بعض المخاطر. وفي ظل استقرار أوضاع الاقتصاد الكلي، يتطلب الوصول إلى مستوى أفضل من النمو الاقتصادي المستدام التركيز على التحديات الهيكلية للبلاد، بحسب البنك.

ويرى البنك أنه لتحقيق هذا النمو أيضا يجب أيضا على القطاع الخاص لعب دور أكبر في دفع عجلة النمو، والحد من الفقر، وخلق فرص عمل لعدد كبير من الشباب المصريين الذين يدخلون سوق العمل.

ويتوقع أن يؤدي تحسين بيئة الاستثمارات أمام القطاع الخاص المحلي والأجنبي إلى تقليل الاعتماد على رؤوس الأموال الأجنبية، التي إذا استمر الاعتماد عليها على المدى الطويل قد ترتفع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى مستويات لا يمكن تحملها، ويجعل الاقتصاد أكثر عرضة للصدمات الخارجية وتدفق رؤوس الأموال إلى الخارج.

Follow by Email
Instagram
Telegram
WhatsApp