قصة قصيرة يكتبها الأستاذ رأفت نوار المحامي
فى الطائرة التى أقلعت منذ قليل من باريس كان مقعده مجاورالمقعدها، لاحظ أنها تنظر اليه بتركيز واضح فلم يأبه وبدأ يقلب صفحات كتاب فى يديه، لكنها بعد برهة همست سائلة إياه باردون هوحضرتك من الإسكندرية فدُهشَ وأجاب نعم،قالت ومن شارع الإقبال؟ فأجاب بالإيجاب فابتسمت وقالت شكلك متغيرش كتير ياصلاح، فأسقط فى يديه ونظر إليها محدقافى وجهها، وسألها من تكون؟ فقالت أنا البنت الصغيرة صاحبة الضفيرة الذهبية كما كنت توصفها زمان، وكنت ساكنه فى الفيلا المقابلة لفليتكم فى شارع الإقبال وفى وشها، فصمت لحظة مرت عليه كأنها الدهر كله، ثم مد يده وصافحها وقال بصوت متقطع، ياه يابسنت،كبرتى ومعرفتكيش،يمكن عشان البرنيطة الأنيقه مدارية شعرك الذهبى فقالت ربما وخلعت القبعة عن رأسها، فشهق وقال وإنتى أيضا لم تتغيرى كثيرا يابسنت،شعرك مازال جميلا والنغزتين فى خدودك كما هما على جمالها وإبتسامتك مازالت صافيه، فسألته إنت هنا فى باريس بتعمل إيه فقال أنا معار من جامعة الإسكندرية لجامعة تولوز، ونازل مصر فى أجازةلمدةشهر، فقالت وأناكمان هنا للدراسة فى السربون بعمل دكتوراة فى الأدب المقارن بين العربية والفارسية
وإسترسلت، تعرف ياصلاح أنا آخر مرة شفتك فيها كانت يوم مارجعت من حرب أكتوبر٧٣، كانت فيلتكم منوره طول الليل والضيوف مالين حديقة الفيلا، وأنا جيت مع بابا وماما وسلمنا عليك يابطل، كنت فى الإعدادية ومن يومها لم أراك ولم أحاول أن أسأل عن أخبارك رغم إنى كنت مشدودة إليك،و كلمنى ياصلاح عن أحوال وعن أولادك، فقال عن أولا دى فأنا لم أتزوج،وعن أخبارى فبعد وفاة بابا وماما أخوتى باعوا الفيلا بتاعتنا الجميلة لمقاول بنى على أرضها ناطحة سحاب شكلها قبيح، وكانت سببا فى إختلافى مع أشقائى حتى اليوم وقاطعت الإسكندرية بسبب هذاالتصرف فى فيلة الأب والجد، ففرت الدموع من عيون صاحبتنا وقالت قلبت على المواجع ياصلاح بالحال من بعضه من بعضه فبعد موت بابى ومامى أختى الكبيرة وزوجها باعوا
فيلتنا إحنا كمان وعشان كده مش بنزل مصر كتير وأنا المرة دى نازلة القاهرة بس عند خالى الوحيد، هنا بدأت الذكريات القديمة تلاحق صاحبنا، وركز فى وجه جارته ومد يده وأمسك بيدها وقال مازالت ضفيرة شعرك فى عقلى الباطن وكثيرا مازرتينى فى أحلامى وضفيرتك الذهبية تنور غرفتى، فقاطعته قائلة وإنت ليه ياصلاح لم تتزوج للآن،فقال لأنه لم تصادفنى ضفيرة كضفيرتك بعد ولانغزتين كما فى خدودك، وصمت لحظة وقال تتجوزينى
يابسنت فنطقت على الفور وقالت طبعا ياصلاح دا إنته قدرى، وأول ماننزل ل مطار القاهرة هنطلع على الزمالك فورا لأقدمك لخالي عشان تخطبنى منه، وبعدقليل هبطت الطائرة مطار القاهرة فاستقلت بسنت سيارة تاكسي وبجوارها صلاح الى شارع إسماعيل صبرى فى الزمالك، حيث قدمت بسنت صلاح الى خالها السفير الذى رحب به وترحم على الست والدته التى كانت جارة عزيزة للمرحومةةشقيقته والدة بسنت………. – رأفت نوار
المزيد من الموضوعات
أسامة حراكي يكتب: التراث
ما لا تعرفه عن اللواء البربري
وزارة الثقافة تحتفي بمبدعي ومثقفي مصر في إحتفالية “يوم الثقافة ” 8 يناير القادم…