وسيط اليوم

جريدة الكترونية عربية

  الإنسحاب الأمريكي من أفغانستان دراسة و تحليل لتوابعة و آثاره على المجتمع الدولي بقلم اللواء:  سيد نوار 

الإنسحاب الأمريكي من أفغانستان
دراسة و تحليل لتوابعة و آثاره على المجتمع الدولي

بقلم اللواء:  سيد نوار

 

نبدأ أولا بالسؤال الأهم …..
هل إنتصرت أمريكا و حلفائها على طالبان عند غزو أفغانستد بعد إتهمتها في أحداث سبتمبر؟
بمتابعتي للأحداث حينها, لم تنتصر أمريكا و حلفائها على طالبان !!! و الحقيقة أن طالبان إنسحبت إلى الجبال إدراكا منها أنها لا تملك القدرة القتالية ضد أمريكا و حلفائها و بطأت حرب عصابات ضارية ضد قوات الغزو.
أولا : إعلان بايدن الانسحاب الأمريكي من أفغانستان تنفيذا لاتفاق ترامب مع طالبان
أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، أن الولايات المتحدة لم تكن لتستقر في أفغانستان للأبد وأنه كان يتبع الاتفاق الذي أبرمه الرئيس السابق دونالد ترامب مع طالبان لسحب القوات الأمريكية. لزم الرئيس الأمريكي الصمت عدة مع سيطرة طالبان على البلاد واستمرار عمليات إجلاء الأمريكيين الذين لا يزالون في أفغانستان. كما أعلن أنه لم يكن من المفترض بأي حال من الأحوال أن تكون مهمة الولايات المتحدة في أفغانستان بناء دولة .
واحتشد ألوف المدنيين الأفغان سعيا للفرار من أفغانستان بمطار كابول ، مما دفع الجيش الأمريكي إلى تعليق عمليات الإجلاء موقتا في الوقت الذي تعرضت فيه الولايات المتحدة لانتقادات متزايدة في . واعتبر بايدن أنه لا خيار للقوات الأمريكية في أفغانستان سوى الانسحاب وأكد أنه ” لن يورّث هذه الحرب ” إلى خلفه. لكن الانهيار السريع للحكومة الأفغانية أثار صدمة في واشنطن، و كانت الأحداث تشيرعلى أن سمعة الولايات المتحدة بصفتها قوة عظمى قد تضرّرت بشكل كبير.
ثانيا : بدء الانسحاب العسكري الأمريكي من أفغانستان
بداية تم نقل أقل من 100 جندي، إلى جانب المعدات العسكرية، إلى حد كبير بواسطة الطائرات لتنفيذ أمر الرئيس جو بايدن ببدء عملية الانسحاب في موعد لا يتجاوز 1 مايو/ أيار، وفقًا للعديد من مسؤولي البنتاغون.بالإضافة إلى ذلك، فإن المتعاقدين والعاملين في الحكومة الأمريكية يغادرون أفغانستان، حسبما أعلن المسؤولون. وعبرت وزارة الدفاع الأمريكية عن قلقها من تعرض الأفراد لهجوم من طالبان أثناء مغادرتهم، لذا ليس من الواضح ما إذا كانت ستكشف عن جميع تفاصيل عملية المغادرة، التي من المقرر أن تكتمل بحلول 11 سبتمبر/ أيلول.
كان هناك حوالي 2500 جندي أمريكي في أفغانستان تم الاعتراف بهم علنًا، بالإضافة إلى عدة مئات من قوات العمليات الخاصة الإضافية. وكلهم سيغادرون بأوامر من جو بايدن.أعلن مسؤول في حلف شمال الأطلنطي أن حلفاء الناتو بدأوا أيضًا في سحب قواتهم وأنهم يخططون لاستكمال خروجهم “في غضون بضعة أشهر”. و إنهم “لن يخوضوا في التفاصيل العملياتية، بما في ذلك أعداد القوات أو الجداول الزمنية للدول الفردية” لضمان سلامة قواتها، وأن “أي هجمات لطالبان خلال الانسحاب ستقابل برد قوي”.
ثالثا : أبرز تبعات الانسحاب الأمريكي من أفغانستان
تضمنت تقارير المخابرات الأمريكية حول مخططات طالبان وتوسعها بشكل كبير في حال انسحاب القوات الأمريكية وقوات الناتو من أفغانستان , تقديرات حول احتمال سقوط حكومة كابول في غضون ستة أشهر بعد انسحاب القوات الدولية ومؤشرات حول احتمال اندلاع حرب أهلية، إلا أنّ إدارة بايدن واصلت عملية سحب قواتها من أفغانستان، والتي ستنتهي مع مطلع شهر سبتمبر القادم، معلنة عدم عودتها
فإلى أين تمضي أفغانستان بعد الانسحاب الأمريكي وتوسع طالبان؟
و بوتيرة متسارعة تتمدد طالبان في كافة الأقاليم الأفغانية، و قامت حركة طالبان بالستيلاء على مدينة فايز أباد في شمال أفغانستان، وهي تاسع عاصمة ولاية يسيطر عليها المتمردون المتطرفون في أقل من أسبوع.
و يستمر تقدم طالبان في الوقت الذي أعلنت فيه وزارة الخارجية الأمريكية أنّ مستويات العنف في أفغانستان مرتفعة بشكل غير مقبول، ولا تتماشى مع اتفاقية السلام التي عقدتها واشنطن مع الحركة.
ورغم إعلان بايدن أنّ قواته لن تعود إلى أفغانستان، أمر الرئيس الأمريكي قبل أيام بإرسال قاذفات بي 52 العملاقة وطائرات سبيكتر الحربية لعرقلة تقدم عناصر طالبان في أفغانستان. كما أعلنت مصادر عسكرية أمريكية أن القاذفة الاستراتيجية انطلقت إلى أفغانستان من قاعدة جوية في قطر، لشن ضربات لاستهداف مواقع لطالبان حول قندهار، وهرات، ولاشكر جاه في ولاية هلمند, و أن القوات الجوية الأمريكية تواصل مساعدة نظيرتها الأفغانية في قصف أهداف طالبان في ولايتي هلمند وقندهار، في الوقت الذي تحاول فيه قوات الأمن الأفغانية منع سيطرة الحركة المتطرفة.
و هنا يتبادر للذهن سؤال ” هل يمكن لتركيا والهند أن تتقابلا وجهاً لوجه في أفغانستان؟ “
ويُعد نشر القاذفات والطائرات الحربية الأمريكية مؤشراً على مدى حاجة القوات الأفغانية إلى دعم الولايات المتحدة، لا سيّما بعد تعثرها في الفترة الأخيرة أمام ضربات حركة طالبان, في الوقت كانت القوات الجوية الأفغانية ما تزال تعتمد على الطائرات التي زودتها بها الولايات المتحدة، لكنّ هذه الطائرات تواجه مشكلات مثل نفاد قطع الغيار والمدربين الفنيين، بعد رحيل المتعاقدين الأمريكيين. وحوّلت أمريكا اهتمامها بالشأن الأفغاني إلى النواحي الإنسانية، وقد وسعت جهودها لإجلاء المواطنين الأفغان المعرضين للخطر من أفغانستان مع تصاعد عنف طالبان هناك قبل انسحاب الجيش الأمريكي.
إن سيطرة طالبان على مناطق عديدة من أفغانستان, حتى إقتحام العاصمة كابول, قد تعيد مرة أخرى تجارة الأفيون والحشيش إلى ذروتها، وتصبح أفغانستان مرة أخرى مصدراً وبؤرة لتجارة وتصدير المخدرات المحرمة للعالم أجمع, إضافة إلى هذا، دعم قوى التطرف الأخرى في الشرق الأوسط، ولذا وجب التنويه إلى أن دول الشرق الأوسط، خاصة الدول الإسلامية، عليها أن تُعد نفسها لهذا الاحتمال بدعم الفكر التنويري بكل الوسائل من الآن، حتى لا تعطي فرصة أخرى للفكر المتشدد لينمو ويترعرع على أراضيها.
و السؤال الآن ماذا ينتظر تركيا في أفغانستان؟
إن سيطرة طالبان مرة أخرى على أفغانستان قد تكون هي قبلة الحياة لمشروع مد أنابيب الغاز من روسيا عبر البحر الأسود ليصل إلى الهند من خلال أراضي تركمانستان ثم أفغانستان، وهذا المشروع العملاق قد يغير من خريطة الطاقة في العالم، ممّا قد يؤثر وبشدة على أسعار الطاقة في جميع أنحاء العالم. والخطورة هنا تكمن في قدرة طالبان، إن مرّت الأنابيب عبر أراضيها، أن تتحكم في أسعار الطاقة العالمية إلى درجة ما، وأن تستغل ذلك من خلال التلاعب ببورصات النفط لصالحها ولمصلحة إيديولوجية التطرف التي تنتهجها. إن انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من أفغانستان قد يتسبب في زعزعة الاستقرار عبر مختلف البلدان الآسيوية، كما أن أقوى جيش عرفه العالم يستسلم لعشرات الآلاف من المقاتلين المسلحين، مضيفة أنّ انسحاب الرئيس جو بايدن من أفغانستان هو ثاني إخفاق عسكري أمريكي في آسيا خلال نصف قرن. وفي المقابل، لم تتنازل طالبان عن أي من إيديولوجيتها القتالية في المناطق الواقعة تحت حكمها، وما تزال الأقليات العرقية والدينية مضطهدة في البلاد، وهم يمولون عملياتهم من خلال إنتاج الأفيون وتهريب الهيروين.
و نتساءل هل أنفقت الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من تريليون دولار خلال العقدين الماضيين دون فائدة؟ وهل قُتل 2500 جندي أمريكي في أفغانستان إلى جانب عدة مئات من جنود الحلفاء من أجل لا شيء؟ وهل ستؤثر هذه الحقائق المؤلمة بشدة في الانتخابات البرلمانية النصفية العام المقبل، وفرص جو بايدن في إعادة انتخابه في عام 2024؟
إن القيادة السياسية واعية للأحداث, و تتخذ الاحتياطات و السياسات لتفادي أي تداعيات قد تحدث.
وفي الختام أقول
” المتغطي بالأمريكان عريان “

Follow by Email
Instagram
Telegram
WhatsApp