تقرير: أسامة حراكي
ليس الانتقال من بكين عاصمة الصين إلى هونج كونج ذات الحكم الذاتي، مجرد رحلة من شمال شرق الصين إلى جنوبه، ففي البلاد الشاسعة يستغرق السفر بالطائرة لساعات، وكما تكون الساعات أحياناً كافيةً للانتقال من قارة إلى قارة أخرى، كانت تلك الرحلة في سماء التنين الأصفر كفيلة بنقلنا من عالم إلى آخر، عالم أبعد بكثير من الساعات التي تفصله عن بكين، هنا تحديداً في هونج كونج وجدنا فرقاً كبيراً، لم نشعر بأننا لا زالنا في البلاد نفسها.
هي منطقة ادارية تتبع الصين ولكن تتمتع بحكم ذاتي، كانت مستعمرة بريطانية حتى عام 1997، عندما أعادة بريطانيا ملكيَّتها إلى الصين، لكنها تتمتع باستقلالية ونظاما سياسيا مختلفا عن الصين، وفق مبدأ “بلد واحد ونظامان مختلفان” الذي يمنح المدبنة حكمها الذاتي، وحكومة وبرلمان مستقلان، تتميز بناطحات السحاب الكثيرة ومينائها الواسع، ويبلغ عدد سكَانها 7 ملايين نسمة، ومساحتها 1,104 كم2، وهي تضم بذلك إحدى أكبر الكثافات السكانية في العالم.
تضم هونج كونج شبكة مواصلات متينة وأهمها قطارات النقل الجماعي، كما توجد حافلات “بيج باص” التي تقدم جولات في حنايا هونج كونج، وتغطي عدد من المناطق المشوقة خلال النهار والليل، فالجولات الليلية تشكل طريقة رائعة لمشاهدة المدينة من السطح المفتوح في الطابق العلوي للحافلة، ومن الرائع أننا أنهينا جولتنا في شارع النجوم، المصمم على غرار ممشى المشاهير في هليود، والتقطنا صوراً بجانب تمثال “بروس لي” وشاهدنا سمفونية الأضواء التي تقام كل ليلة في الثامنة مساءاً.
هونج كونج مدينة يحلو اكتشافها سيراً على الأقدام، إذ تحتوي على الكثير من الأبنية المتصلة مع بعضها البعض بجسور وممرات، وتقدم فرصة رائعة للتنزه في جزرها.
نغونج بينج:
لم نفوت فرصة زيارة منطقة “نغونج بينج” في جزيرة “لانتو” فركبنا التلفريك الذي تمر عرباته من فوق البحر، واستمتعنا بالمشاهد الأخاذة التي تطل على الخليج والمناطق المجاورة له، وكان يظهر تمثال “تيان تان” بوذا الكبير، ويخال لنا أننا قمنا بمغامرة غير محسوبة النتائج، وأننا مهما صعدنا لن نستطيع الوصول إلى القمة، لكن لم يمضي سوى 25 دقيقة مدة الصعود، حتى وجدنا أنفسنا فوق الجبل، في قرية “نغونج بينج” وغرقنا في دهشة ونحن نحدق إلى المناظر الطبيعية الخلابة والتمثال الذي على ذلك الارتفاع الشاهق، وتسلقنا 268 درجة للوصول إليه، وحين وصلنا وجدنا معبد ودير “بولن” وسط الأشجار، وكانت الشمس مشرقة على المعبد وينعكس لونها الذهبي على كل الأشجارة المجاورة.
قمة فكيتوريا:
على ارتفاع 550 متراً تُشرف قمة فكيتوريا على المدينة، قمنا بزيارتها حيث وقفنا في طابور طويل كي نستقل “التلفريك” الذي سيحملنا للقمة، وحينما وصلنا وقفنا في شرفة تطل على منظر رائعة لمدينة هونج كونج، ثم قمنا بجولة في أنحاء حدائق قمة فيكتوريا، وأيضاً يوجد فرع لمتحف “مدام توسو” متحف الشمع المنتشرة فروعه في بلدان عديدة، ويضم هنا 100 تمثال من الشمع لمشاهير وشخصيات معروفة مثل “جاكي شان وبروس لي”.
تعتبر هونج كونج جنة المتسوقين، فالتسوق هو معلم أساسي من معالم الجذب السياحي في المدينة التي تضم بعض أكبر مراكز التسوق وأروعها في العالم، إذ تقدم جملة من متاجر المصممين الراقية، ومحلات الأزياء والمنتجات الإلكترونية، فتتراصف المتاجر والأسواق فيها بجوار بعضها البعض، مما أتاح لنا المقارنة بين الأسعار والبضائع لنحصل في النهاية على ما هو أفضل، حيث عثرنا على الأزياء والهدايا التي نريد، وجميع المشتريات معفاة من الضرائب باستثناء التبغ ونتجاته، وكان هناك وفرة من المقاهي والمطاعم لنستريح فيها حين نشاء، وأكشاك الطعام التي تقدم الأطعمة التقليدية الأصيلة لهونج كونج، عن نفسي كنت أكل الأسماك فقط، أو الدجاج واللحم البرياني على طريقة الشريعة الاسلامية في مطاعم هندية أصحابها مسلمون من الهند يقيمون في هونج كونج التي تحتضن شريحة واسعة من المسلمين، وتضم عدداً من المساجد.
في هونج كونج المفاجأت المستمرة حيث رأينا أشياء غريبة، كأشخاص يفرغون ضغوطهم النفسية الجاثمة على صدورهم من خلال صراخهم في ركن الصارخين في الحدائق قبل الذهاب إلى عملهم، أو بعده قبل ذهابهم لبيوتهم، وأيضاً أولئك الذين صبغوا كلابهم باللونين الأبيض والأسود لكي تبدو أشكالها مثل دب الباندا، ومن حلقوا وبرها وتركوا أطراف منها كي تزداد أناقةً.
المزيد من الموضوعات
أسامة حراكي يكتب: التراث
وزارة الثقافة تحتفي بمبدعي ومثقفي مصر في إحتفالية “يوم الثقافة ” 8 يناير القادم…
عمر الشريف يكتب: فلا يؤذين