وسيط اليوم

جريدة الكترونية عربية

أسامة حراكي يكتب: أبو الفنون

عندما يقول المسرح كلمته ينصت الجميع، فالمسرح هو مواجهة مباشرة بين الفنان والجمهور بلا واساطة ولا وسائل تسويقية، وفي المقياس الفني يعتبر الصعود فوق خشية المسرح معياراً لقدرة وكفاءة الممثل الجيد، وليس هناك مسرح للنخبة وآخر لغير النخبة، ففي المسرح يكون الأمي والمثقف متجاوران، فهما يستوعبان بالدرجة نفسها، فالمسرح يحل المعادلة الصعبة، وهي أن يصل الوعي بالمسرح لكل من الأمي والمثقف في آن واحد، فأنواع الفنون كافة ولا سيما التمثيل في المسرح، هي اختلاجات داخلية يحولها الإنسان إلى مواقف معينة يترجمها ويقدمها للناس، ويعبر من خلالها عنهم وعن ذاته.

ومناسبة اليوم العالمي للمسرح، للأسف الوضع الذي وصل إليه المسرح المصري بشكل خاص وضع مزري للغاية، فقد فقدنا العشرات من دور العرض المسرحي، وتحولت بعض هذه المسارح إلى جراجات أو مخازن أو سوبر ماركتات، وعلى الرغم من أن وزارة الثقافة تنشأ مسارح جديدة، إلا أن هذا لا يعوض حجم الخسارة الكبيرة، فمازالت جهود الإرتقاء بالحركة المسرحية في مصر فردية، وليس هناك تعاون بين الفنانين لإنقاذ المسرح من كبوته، حيث تتجلى الأنانية على الصالح العام، أو كما قال جورج برنارد شو: ” النوم ضرب من النقد خاصة في المسرح ” فعلى الدولة أن تشجع مهرجانات المسارح، ودعم مبادراتها وتعميمها بحيث يزداد الإهتمام بالمسرح كفن إنساني عميق قادر على طرح الأسئلة، وفتح أبواب النقاش بين المرسل والمتلقي، أو داخل كل منهما على حدة.

المسرح يبقى في أذهان الناس ويتأرشف في عقولهم وقلوبهم، ولهذا لا يزال الناس يحفظون أعمالاً مسرحية مات أصحابها منذ عشرات السنينن، فمدبولي والمهندس وصبحي كبرنا ونشأنا على أعمالهم، وإذا شبهنا هؤلاء الكبار أحدهم بالآخر فلن نجدهم يتشابهون من حيث الشكل والأداء والأسلوب، لكن النقاط المشتركة بينهم أنهم فنانون أصحاب قضية، وهي قضية إنسانية وإجتماعية ووطنية، فتحية للذين لا يجيدون التمثيل على مسرح الحياة، ولم تمتزج وجوههم بالأقنعة يوماً، ولم يتعاملوا معنا إلا بوجوههم ومواقفهم ومشاعرهم الحقيقية.

Follow by Email
Instagram
Telegram
WhatsApp