خاب وخسر
ما نزال في أنوار هذا الشهر الكريم، الذي أكرمنا الله عز وجل فيه بالمنح والعطايا والهبَّات الجليلة لكي ينفض عنا غبار الخطايا والمعاصي، ويُحيي من جديد قلوبنا التي رَانَ عليها سواد الأوزار والذنوب، وخصوصاً أننا نعيش في ضوضاء الحياة والانشغال في مكابدة الواقع من حولنا، فقد أصبح اهتمامنا الأكبر مُنصب على تأمين حاجاتنا الحسية والمادية التي يتطلبها الجسد من طعام وشراب ومسكن وملبس وغيرها، ونافسنا في الحصول عليها وتحصيلها، وأغفلنا الإهتمام بأرواحنا والإرتقاء بها نحو خالقها والتقرب منه بصالح الأعمال والتحلي بخير الصفات، حتى أصبحنا من جراء ذلك كله مبعثرين ومهدَّمين، حققنا الكثير من مكاسب الجسد والدنيا في مقابل جروح الروح وضعف الإيمان، مما جعل من نور الإيمان في قلوبنا باهتاً، وتأثيره على سلوكنا تأثيرً محدودً لا يقاوم مغريات محرمة ومسالك مُغوية، فغدت تلك الجروح جروحاً قاتلة قد تنهي الحياة بخاتمة سوء.
فالذي يعيش بلا إيمان إنما هو ميت بين الأحياء، وشهر رمضان ما هو إلا تلك الفرصة الذهبية لنفخ الروح والبعث من جديد، لكي نحيا بإيمان حقيقي يملأ قلوبنا بالهدى والتقوى، ويجنبنا الضلال.
فكم هو محروم ومسكينٌ ذاك الشخص الذي أدركه رمضان، ولكنه حتة يومنا هذا لم يعرف حقه وفضله، وكم هو محروم ومسكين من لم يتضلع من منهل بركات هذا الشهر المعطاء ويملأ روحه بالسكينة والانشراح والإقبال على الله، أمَا عَلِم هذا المحروم أن رمضان شهر العطاء المفتوح؟ شهرٌ جعل الله ثواب النافلة فيه كثواب الفريضة، والفريضة فيه بسبعين فريضة فيما سواه، وأجر صيامه لا يعلمه إلا الله، ومغفرة ما سبق من الذنوب واردة في أعمال الصيام، والقيام، وموافقة ليلة القدر فيه، وبعد كل هذا العطاء يمضي عنه رمضان ولم يغفر له، فإنه حقاً قد خاب وخسر.
المزيد من الموضوعات
أسامة حراكي يكتب: التراث
وزارة الثقافة تحتفي بمبدعي ومثقفي مصر في إحتفالية “يوم الثقافة ” 8 يناير القادم…
عمر الشريف يكتب: فلا يؤذين