الحب في الشرق وجع قلب، يتوارى خلف جدران المدينة المتهالكة، ألم للجسد وعيون تتّسع حدقاتها، ونشاط خيال لعاشقة تشعر بالغيرة.
نور من خلال نافذة وحبيب يحبّ اللعب في الظُّلمة ويعدّه أصل كلّ وجود، والكذب أكثر وجوباً من الصدق، فيلسوف ساخر بكلّ ما حوله، إله حبّ يسير بين البشر.
دائماً ما كانت تلك الخلافات تطفو على سطح علاقتهما، والسبب الرئيس كان غيرة تلك العاشقة على حبيب متنقّل في الهوى بين البرّ والبحر، والمدينة تراقب بشراسة قلوب العاشقات لتقتصّ منهن في أيّة لحظة.
كانت لقاءاتهما سرقات من زمن تلك المدينة، أوقات من الخوف أكثر من لحظات عشق تجمعهما، وقُبَل تصل حدّ النخاع وأحضان بحجم الكون، يشعران خلالها بنشوة انتصار العشق على البغض.
وفي إحدى خلافاتهما أخبرها:
-إنّكِ تشكّين بحبّي وهناك فرق بين الشكّ والغيرة
ردّت عليه بانزعاج واضح:
-هل تعلم أنّني أضحك على المخادع حدّ الوجع والقيء لظنّه أنّني لا أعرف بخداعه؟!.. هذا أنت حبيبي.. والله كان خطأً منّي حين عبّرت لك عن حبّي بهذه الغيرة.. لحظات ضعف لا تستحقّها
أجابها بتجهّم واضح:
-وكيف ستعرفين الحقيقة وقد دخلت الغيرة رأسكِ الجميل؟
-إممم.. هو الحبّ وأنتَ لا تشعر.
كان يتلذّذ بإشعال نار غيرتها التي يراها في عينيها وصوتها، وحتى عراكها معه
قال لها:
-هل تعلمين أنّ الغيرة لا تسمح بالتفكير العقلانيّ، ستبقيكِ دائماً مشوّشة
أجابته والغضب بدأت تزداد وتيرته بينهما:
-أيّ عقلانيّة تلك التي تتحدث عنها،..إنّها ليست موجودة في علاقتنا هذه أيّها المتذاكي!
أجابها باستهزاء وغضب:
-أها.. إذن لا توجد عقلانيّة في علاقتنا أليس كذلك؟!.. وأنتِ قد ظُلمتِ بعفن الشرق ولا تستطيعين الخلاص إلا بعشق من خلف جدرانه النتنة!!
-نعم حقّاً.. ومع كل هذا تردّها إليّ باللعب من خلف ظهري!.. فقط لأنّني لا أمتلك الشرعيّة حتّى بغيرتي عليك!.. أيّ منطق هذا؟!.. أخبرني بالله عليك
-الشرعية؟!.. تباً لها.. مَنْ مِنّا استطاع امتلاكها؟!.. وأيّ منطق هذا الذي يكون صحيحاً بمكان ويُعدّ جريمة بغيره؟!.
أرادت أن تخفّف وطأة هذا الخلاف الذي جعل من لقائهما نزاعاً، أخبرته:
-هل تعلم يا حبيبي؟.. البارحة سمعت صوتك.. كان عالياً لكنّني لم أفهم منه كلمة!
ردّ عليها بشيء من المزاح:
-لم أسكر منذ أيّام ولم تخطُ قدماي شارعكم كي تسمعي لي صوتاً!
ردّت عليه والابتسامة عادت مشرقة بوجهها الجميل:
-إذن لعلّه الصوت الذي أسمعه دائماً يأتيني من السماء!
-أها.. أهو الله؟!.. أتظنّينه موجوداً؟!
-نعم حبيبي هو موجود.. سلّة بزهور تتدلّى فوق رؤوس النساء..
عاد له جنون المزاح مرّة أخرى وأراد أن يتدفّأ بنار غيرتها:
-أيحبّ الله النساء؟!
كان سؤاله غريباً لم تسمعه منه سابقاً،
أجابته بحزم:
-نعم.. الله يحبّ كلّ النساء
ردّ عليها:
– لكنّه لم يتخذ له عاشقة كما أنا؟!
-نعم.. لن يفعلها حبيبي!
-لماذا باعتقادكِ؟!
-كي لا يخنق إحدى النساء بالغيرة!
أجابها بقوّة وحزم أكبر:
-هه.. ستسمعين اليوم آهات كلّ النساء!..
فلا تخنقيني.. سأكون اليوم إلهاً !.
المزيد من الموضوعات
أسامة حراكي يكتب: التراث
وزارة الثقافة تحتفي بمبدعي ومثقفي مصر في إحتفالية “يوم الثقافة ” 8 يناير القادم…
عمر الشريف يكتب: فلا يؤذين