وسيط اليوم

جريدة الكترونية عربية

ريشة فى مهب الريح بقلم د. طارق رضوان

ريشة فى مهب الريح
بقلم الأديب المصرى
د. طارق رضوان جمعة

جريدة وسيط اليوم

د طارق رضوان

ترى هل أنتهت حدائق الحيوانات البشرية؟ هل سمعت يوما عن نظرية داروين؟ هل تغيرت مفاهيم نظرية داروين أم أنها ما زالت تتحكم بالعالم؟ هل وجدت حدائق الحيوان البشرية إقبال من الزائرين وعلى ماذا بدل هذا؟ هل أنت مؤيد لفكرة حدائق الحيوان البشرية والادعاء بأن الهدف منها هو هدف سامى لدراسة اختلاف الشعوب وعاداتهم؟ إن كان الأمر بهدف لدراسة الشعوب فهل تعتبر مواقع ومنصات التواصل الاجتماعى أحد طرق الغزو الفكرى وادمان يصعب علينا العلاج والتخلص منه ؟ هل نحن الأن فرائس فى قبضة صياد ماهر؟ وأخيرا هل بحياتنا ما يستحق العناء والعيش من أجله ؟ هل تجد لك دور فى بناء حياتك أو حياة من حولك؟
دعونا نتذكر مقولة جبريل جارسيا ماركيز حين قال أن ” هناك رجل ألقى بنفسه إلى الشارع من الطابق العاشر وفى أثناء سقوطه رأى عبر النوافذ حياة جيرانه، والأسى المنزلبة، علاقات الحب السرية، قبلات حارة، لحظات السعادة الخاطفة، أم تداعب طفلها، حضن أبوى، وفى اللحظة التى تهشم فيها رأسه على رصيف الشارع كان قد غير نظرته للعالم كليا وكان قد أقتنع بأن فى تلك الحياة التى هجرها عن طريق الباب الخطأ، كانت بها ما يستحق العيش”
فى ما بين القرن التاسع عشر والقرن العشرين نشطت حدائق الحيوانات البشرية أو ما يسمى بالمعارض العرقية أو مستعمرات الزنوج. وكان الهدف منها إثبات تفوق الأوروبيين على باقى الأجناس البشرية.ووجدت هذه الحدائق إقبالا شديدا فصارت مصدرا عظيما للثروة. ولم يلتفت أحد إلى كونها مهبنة وعنصرية خاصة وأنه لم يكن هناك تلفاز أو أنترنت وقتها. فهل تعتقد أن تلك الحدائق الحيوانية البشرية أنتهت؟
لأ أعتقد ذلك: فقد ادعى البعض أن صيد الأفارقة أو غيرهم من الهنود والأقزام كان بهدف دراسة عاداتهم وثقافتهم…أليس هذا ما يحدث لنا الأن عبر منصات التواصل الإجتماعى التى تدر الربح الوفير لهم وأصبحت عين لهم علينا فى كل زمان ومكان. المثير للدهشة أن أثناء حصار فرنسا فى الفترة من ١٨٧٠ إلى ١٨٧١ قام الأهالى بافتراس الحيوانات التى كانت موجودة بحدائق الحيوان، وتركها خالية الوفاض. بعد مرور هذه الأزمة جدد المسؤولون تلك الحدائق ولكن استبدلوا الحيوانات ببشر من أجناس أخرى، كان ذلك بالقرب من برج ايفل.
وسجل عدد الزائرين لهذه الحديقة الحيوانية البشرية فى فرنسا عام ١٨٨٩ بنحو ١٨ مليون شخص، بمعدل ٤٠ الف زائر يوميا.
اليوم ترى مثل هذه العنصرية ولكن بصور مختلفة بمعنى: فى الماضى كان الصيادين يصطادون الفرد أو المجموعة ثم يقوموا بتصميم شكل وحكاية مشوقة تتعلق بالفريسة اجذل وإثارة الزائرين. اليوم ترى تقارير ومسرحيات وافلام عن مساعدة اليد العليا من الأوربيين للاجئين من الدول المختلفة، وسواء كان هذا الإنقاذ مشروط أو غير مشروط تلاحظ أن الهدف هو خلق فريسة مميزة للاستعراض وتفوق فئة على أخرى عبر حكايات مصممة خصيصا لذلك.
وختاما أصبح واضحا أن الغرب لم يتعلم ما تعلمناه نحن المسلمون من ديننا الحنيف أن لا فرق بين فرد وأخر إلا بالتقوى والعمل الصالح. اعملك وكفاءتك هى قيمتك، أو هذا ما يحب أن يكون

Follow by Email
Instagram
Telegram
WhatsApp