عمر الشريف يكتب: صناعة التملق
كم هي راقية تلك النفوس التي لا تعرف المواربة ولا المداهنة، وكم هي عظيمة تلك الشخصيات التي لا تتصنع التمثيل والخداع، وخصوصاً أننا في عصر أصبح فيه ارتداء الأقنعة في المناسبات الاجتماعية والتزلف لدى أصحاب القرار بضاعةً رائجة ينتهجها الكثيرون في مسيرة حياتهم المهنية والاجتماعية.
فقد أصبحنا نرى أشخاصاً يناقضون أنفسهم في مواقف متعددة بوقت واحد، وينقلبون على أفكارهم التي أعلنوها سابقاً وفقاً لما يتطلبه الوسط المحيط، ونرى أحدهم يحاول قدر الإمكان الانسجام والتكيف مع اليد الأطول، فمثل أولئك الأشخاص ليس لهم مبدأ سوى مبدأ البيع والشراء حسب المصلحة، والمبادئ والثوابت الإنسانية عندهم ليست سوى شعارات يصدعون بها رءوس الناس موهمين غيرهم بالمثالية والمصداقية.
فمن كثرة هؤلاء في هذا الزمن لم نعد نشعر بعنصر المفاجأة ولم نعد نشعر بأي صدمة عندما نرى إعلامياً يلون كلامه وينمّقه لإقناع الناس بوجهة نظره، هدفه الوحيد هو استمالة قلوب المشاهدين إليه، فنراه يتهجم تارةً على الدين وعقائده وتارة على الصحابة، هو هلامي لزج غير ثابت أو مستقر، يتقن صناعة التملق.
فمثل أولئك الأشخاص قد يحققون شهرة مؤقتة على بعض وسائل الإعلام التي يعجبها هذا النوع من الشخصيات الفقاعية، وقد يحققون مكاسب مادية جيدة من وراء هذا كله، ولكنهم في الحقيقة من مهملات الزمن وسرعان ما سيصبحون شخصيات مستهلَكة لا قيمة لها، ولا تأثير لها في عقول الناس وأفكارهم، فما هم إلا ممثلين مأجورين بأثمان محددة، يلعبون أدواراً على مسرح الحياة، والممثل في النهاية ستغلق عليه ستارة المسرحية.
المزيد من الموضوعات
عمر الشريف يكتب: ليتني أعود طفلاً
أسامة حراكي يكتب: في يوم الطفولة العالمي
امسية ثقافيه وندوة ادبية بمقر حزب الوفد بطنطا…