عمر الشريف يكتب: ربيع المؤمنين
لا شك أن كل إنسان يمتلك صفات شخصية قد اكتسبها عبر حياته، منها ما هو إيجابي يأخذ به في طريق النجاح والتقدم، وللأسف منها ما هو سلبي يعيقه ويكبّله باستمرار ويسبب له انحرافات خطيرة عن جادة الحق والصواب.
وتغيير الصفات السلبية في النفس صعب وشاق لأنه يحتاج أولاً إلى الشعور الصادق بوجوب التخلي عن هذه الصفات واستبدالها بصفات إيجابية، والإحساس الحقيقي بمدى خطورتها على الذات وعلى الآخرين المحيطين بنا، ثم تأتي بعد ذلك الإرادة القوية والعزيمة الحاسمة في البدء بخطوات ثابتة للتحرك في التغيير نحو الأفضل واقتلاع جذور تلك الصفات السيئة التي طالما استحكمت بواطننا وجعلتنا نخسر الكثير.
وشهر رمضان فرصة هامة ورائعة لتحقيق هذا الهدف السامي، فمن فوائد هذا الشهر الكريم أنه يدفعنا بكل قوة للتغيير السلمي لكل صفة سيئة قابعة في نفوسنا، ويحملنا على التحرر من سلطانها وألا نأتمر بأمرها، فالصيام من حيث المبدأ هو امتناع وإمساك عن المفطرات، ولكنه في الحقيقة والجوهر تحفيز قوي لزيادة التمسك بمكارم الأخلاق والتحلي بفضائل النفس، كما أنه تعزيز لتقوى الله تعالى في اجتنابنا ما حرم علينا والابتعاد عن النواهي والذنوب.
وقواعد التغيير في رمضان ملائمة لطبع الإنسان ومنسجمة مع العقل السليم، فهو تغيير هادئ ومتوازن مؤسس على الترغيب والترهيب، الترغيب في الثواب والأجر والترهيب من العقوبة وغضب الله تعالى، كما أنه مستمر ومتكرر يحدث في النفس أثراً واضحاً كونه يستمر شهراً كاملاً في التزام آداب الصيام، التي منها ضبط النفس والحلم والصبر والتجاوز عن أخطاء الآخرين، والسخاء والكرم والبذل في سبيل الله للفقراء والمحتاجين.
فرمضان مدرسة للتغيير ودورة تدريبية لتطبيق قواعد الإيمان لكل مسلم، وفي نهاية شهر الصوم يكون المسلم قد اعتاد بإذن الله خصال الخير والتقوى، وأصبحت بدورها سجية في نفسه وطبعاً سليماً أصيلاً فيه، لكي يعتاد الخير وتطبيقه باقي شهور العام، حتى إذا فترت همته بعد ذلك وتلوثت طبائع الخير لديه، عاد رمضان القادم ليخضعه لدورة تدريبية أخرى من جديد على مكارم الأخلاق وأساسيات تقوى الله عز وجل.
رمضان فرصة للإصلاح والبناء والترميم، وهو موسم خير وبركة وقربات، من قام بحقه قامت نفسه بالفضيلة والخلق القويم، ومن حرم من خير هذا الشهر فقد حرم الخير كله.
المزيد من الموضوعات
أسامة حراكي يكتب: التراث
وزارة الثقافة تحتفي بمبدعي ومثقفي مصر في إحتفالية “يوم الثقافة ” 8 يناير القادم…
عمر الشريف يكتب: فلا يؤذين