الرسم والألوان وفنونهم الجميلة
في أحد الأيام دخل لصوص بيت الفنان بيكاسو قبل أن يشتهر وسرقوه، وحين عاد مع صديقه إلى البيت اكتشف السرقة، واكتشف أنهم لم يسرقوا إلا أغطية الفراش وبعض الوسائد، فبكى بحزن، فقال له صديقه مواسياً: إنهم لم يسرقوا شيئاً مهماً فلا تحزن، فقال بيكاسو: إنني حزين لأنهم لم يسرقوا أياً من لوحاتي، وهذا يعني أن لوحاتي لم تعجبهم
يستلزم ترميم الأعمال الفنية من لوحات زيتية ومائية وسجاد فني وخزف ومنحوتات، حس فني مرهف مع التقنية العالية والبراعة اليدوية، فعلى المرمم أن يدرس السياق التاريخي للوحة أو التحفة، وسيرة صاحبها والعادات الإجتماعية وقت إبداعها، والتقنيات التي كانت متاحة آنذاك، فالفن مادة قابلة للتلف وعمل الفنانون المرممون ينصب على تمديد فترة حياته، حيث يقومون بمسحة جمالية من دون أن تغيب عن بالهم مهمتهم الأساسية وهي حفظ الأعمال وصونها
قبل الثورة الصناعية لم يكن في حوزة الرسامين سوى عدد محدود من الألوان، وفي غياب وسائل صناعية للحصول على المواد الملونة والأصباغ، كان الرسامون يستعينون بخلطات طبيعية، فمثلاً كانوا يحصلون على اللون الرصاصي من فتات الرصاص العالق بالأنابيب المتآكلة، يجمعونه بعناية ويخلطونه مع مواد مثبتة، مثل زيت الجوز أو زيت بذور الكتان أو زيت الخشخاش، وهذا ما يفسر تسمية تقنية الرسم الزيتي، وتلك الوسيلة أصبحت ممنوعة لما يمثله الرصاص من مخاطر تسمم وإصابة بالسرطان.
ومن الطرق الأخرى كان اللون الأسود يستخرج من حرق بعض النباتات لا سيما البرقوق، أو الحطب في عدم توفر تلك النباتات، ففي الأسود قوة التباين والتناقض وسطوة الحضور والسحر الآسر والجاذبية الطاغية، فيه العمق والتوهج وفيه التعددية في الأشكال بلون واحد “أسود حالك، أسود غامض، أسود وضاء، أسود ملون” فالأسود يحيل نفسه إلى أكثر من درجة لونية، وكان الفنانون يحصلون أيضاً على لون أسود أكثر هدوءاً أو أقل تفحماً، أي رمادي داكن من حرق عظام الحيوانات، أما لون الزنجفر”الأحمر البراق الذي يميل للبرتقالي” كانوا يستخرجونه من تفتيت معدن سلفيد الزئبق، واللون الأزرق الغامق البراق “الكحلي النيلي” كانوا يستخرجونه من مسحوق معدن اللازورد غالي الثمن، المستخدم في صناعة المجوهرات، وهو مركب من سيليكات الصوديوم والألمونيوم ويضم نسبة من الكبريت، وكان اللون الأخضر الفيروزي الباهت يستخرج من تعريض أوراق النحاس لأبخرة الخل وجمع رماد النحاس، أما الأخضر الترابي فكان يستخرج من صخور بركانية، وكان بعض الفنانين يستعينون بأنواع من الحشرات عبر تجفيفها وطحنها للحصول على اللون الأحمر العنابي، أما اللون الأصفر الأمغر “لون المغرة الضارب إلى البني الباهت” فكان يستخرج من مادة الطبشور الذي يضم نسبة من سيليكات الحديد، وكان بعض الفنانين يستخدمون مُح البيض “صفاره” مع خلطة من مواد أخرى، فلاحظوا أن صفار بيض دجاج المدينة أقل عمقاً وشدة من صفار بيض دجاج الأرياف، فاستخدموا صفار بيض دجاج المدينة للوجوه الشابة النضرة، وصفار بيض دجاج الريف للوجوه الأقل شباباً، والوجوه الشاحبة.
المزيد من الموضوعات
عمر الشريف يكتب: ليتني أعود طفلاً
أسامة حراكي يكتب: في يوم الطفولة العالمي
امسية ثقافيه وندوة ادبية بمقر حزب الوفد بطنطا…