عمر الشريف يكتب: الأفكار السلبية
يقال إنه في الحرب العالمية الثانية تبين لهتلر أن ثلاثة ضباط خالفوا أوامره، فقرر إعدامهم بطريقة غريبة، حيث وضع كل ضابط في سجن وحده، وقال لهم: إن هناك في كل سجن تسرباً لغاز سام سيقتلكم خلال ست ساعات، وبعد أربع ساعات فقط تفقد حراس السجن الضباط الثلاثة فوجد اثنين منهم قد ماتا فعلاً، والثالث يعاني تشنجات ويلفظ أنفاسه الأخيرة، مع أن موضوع الغاز كان “خدعة نفسية” ليجعل عقولهم هي من تقتلهم، حيث اتضح أن فكرة الغاز القاتل جعلت أجسامهم تفرز هرمونات تؤثر سلباً بالقلب وأجهزة الجسم، وتبدأ بإماتة الجسم.
فالأفكار السلبية لها من التأثير الخطير على الجسم ما يجعل الإنسان يموت بشكل بطيء نتيجة تأثر الجسد بما يحمله العقل من أفكار قاتلة، فالأفكار السلبية ما هي إلا جرعات مسمومة تستهلك قدرات الإنسان وتجعله حبيس المرض والاضطراب الدائم، وتجعله يصاب بالشلل النفسي وعدم الرغبة في الإنجاز وفقدان الرغبة في تحقيق أي هدف حتى ولو كان هذا الهدف بسيطاً سهلاً في متناول اليد.
وغالباً ما تعشش الأفكار السلبية في عقول الأشخاص الذين لا يملكون مقداراً كافية من الثقة بالنفس وتقدير الذات والوعي الحقيقي لمقاومة هذا النوع من التفكير القاتل، الذي يكبر في داخل الإنسان ويسري في خلاياه دون هوادة أو رحمة، وكلما تغلغلت مثل هذه الأفكار في عقول البشر كلما كان علاجها أصعب والشفاء منها عسير، لأنها مع مرور الزمن تتجذر في العقل وتصبح مزمنة عصية على الاقتلاع والتغيير إلا بإرادة قوية ومثابرة مستمرة .
ومن المؤلم أن الوهم والجهل يزيدان من فرصة ازدياد مساحة التفكير السلبي على مساحات العقل الأخرى، وتتوسع سيطرته على حساب التفكير الإيجابي الفعال، فتصبح نظرة الإنسان إلى الحياة نظرة سوداوية عديمة الأفق وليس فيها أي أمل في التغيير نحو الأفضل، فيفقد حينها الرغبة في العمل وإنجاز أي هدف، فيميل إلى الشعور والكآبة وفقدان الرغبة في الحياة إذ يجدها بلا طعم ولا فائدة، والكآبة المزمنة غالباً ما تقود صاحبها للانتحار هرباً مما يشعر به ويدور في عقله.
ولا شك أن التخلص من التفكير السلبي أمر ضروري وهام لما له من آثار خطيرة على الجسد والروح والنفس، وكلما استطاع الإنسان أن يوقف من تغلغله منذ البداية كلما كان الأمر أسهل والشفاء منه أسرع، وبالتالي فإنه لا بد من مقاومته وعدم الاسترسال فيه، ومقاومته تكون بتغيير طريقة التفكير الخاطئة التي نفكر بها واستبدالها بنمط التفكير الواعي الذي يبحث عن الحل وكيفية الخروج من المشكلة، لأن مجرد التفكير بالمشكلة والوقوف عندها والبكاء على ما حدث لمجرد إلقاء اللوم وتعزية أنفسنا لن يفيد شيئاً على الإطلاق، وكلما كانت ثقة الإنسان بنفسه عالية ازدادت مقاومته لهذا المرض الخبيث، فالثقة بالنفس وتقدير الذات بشكل موضوعي علاج فعال لكل فكرة سلبية قد تحاول أن تزلزل تفكيرنا أو تغرقنا في السوء، وكل هذا منوط بإرادة الإنسان، فالإنسان إنما هو إرادة فاعلة بدونها لا يمكن أن يحقق شيئاً، فالإرادة الحقيقة النابعة من الداخل هي أساس بناء الإنسان المتين القادر على مواجهة الصعوبات وإنجاز التحديات دون أي تراجع أو استسلام.
كما يعرف التفكير السلبي على أنه النظرة التي تحتوي على التشاؤم جهة الأشياء، وتقييم المواقف بصورة سلبية مبالغ فيها، وتأتي الأفكار السلبية نتيجة للمواقف التي تحدث للفرد في بيئة عمله أو أسرته أو مدرسته، وتتزايد قوتها إذا لم يكن الفرد على ثقة تامة بنفسه.
وهناك العديد من أسباب التفكير السلبي منها:
الضغط و الانتقاد السلبي الذي قد يتعرض له الشخص ممن حوله .
إجراء المقارنة بين الشخص وغيره من الأشخاص المتفوقين فيشعر بإحباط لعدم وصوله نجاحات وإنجازات الآخرين.
ضعف الثقة بالنفس والخوف من الفشل في إتمام المهام المكلف بها.
عدم التقدم لخطوة إجراء مايتم التفكير فيه لسبب الخوف وعدم الثقة بالنفس .
النظر للنفس بالسلب، فمن المهم أن تكون على وعي بالأفكار التي تملكها عن نفسك بشرط تكون إيجابية .
لا تمتلك فن التجاهل فالحياة مليئة بالأشخاص والمواقف السلبية، ولكن إن كنت سوف تأخذ كل شيء بشكل شخصي وتتأثر به فسوف تعاني كثيراً، لذا عليك أن تتعلم فن التجاهل وأن تحاول أن تمرر الأشياء المزعجة، لا أن تتلقاها مباشرة وتسمح لها بالتأثير عليك.
ونستعرض سوياً لحل هذا التفكير السلبي بأبسط الطرق:
– لابد أن يشغل الإنسان وقت فراغه، لأن العزلة الدائمة والفراغ بيئة لتوالد الاكتئاب والأفكار السلبية.
-التخلص من الأفكار السلبية بتلاوة القرآن، فالكثير منا تراوده الأفكار السوداء والسلبية التي تزيد من توتره ويأسه، وهنا تكون تلاوة القرآن طريقة تساعد على التخلص من الافكار السلبية.
– قراءة الدعاء لأن الدعاء والتوكل على الله هو الوسيلة للوصول راحة القلب والبدن، لأن الله سبحانه إذا أراد شيئاً يقول له كن فيكون.
– بالإضافة لتلاوة القرآن والدعاء ربط يومنا بالأذكار، لتكون الأذكار في كل وقت وعلى مدار اليوم لتحل محل الأفكار المرضية والعبارات السلبية، وتجعل اللسان طيب الذكر دوماً، وهناك اذكار كثيرة رائعه يمكن أن تطرد الأفكار السلبية وتبعث الطمأنينة في أروحنا، وتحلو بها أيامنا، وتزيل همومنا، وتفرج كربنا منها:
“أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق”
“بسم الله الذى لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم”
“اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام”
“لا إله إلا الله وحده لا شريك له”
“الله له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير”
“لا حول ولا قوة إلا بالله”.
المزيد من الموضوعات
عمر الشريف يكتب: ليتني أعود طفلاً
أسامة حراكي يكتب: في يوم الطفولة العالمي
امسية ثقافيه وندوة ادبية بمقر حزب الوفد بطنطا…