وسيط اليوم

جريدة الكترونية عربية

وفاة طبيب الغلابه دكتور محمد مشالي

وفاة طبيب الغلابه دكتور محمد مشالي
كتبت ياسمين حموده


دكتور محمد مشالي من أكبر أطباء محافظة الغربية قيمة وقامة.
تخرج الدكتور محمد عبد الغفار المشالي في كلية الطب عام 1967 ويطلق عليها “دفعة النكسة” نظرا لأنه قام هو ودفعته باداء أخر أيام اختبارات الكلية تحت القصف في 5 يونيو من عام النكسة في كلية الطب، الذي لم يكن يرغبها في يوم من الأيام وكان يفضل عليها كلية الحقوق لكنها رغبة قديمة عند أبيه عبد الغفار مشالي أحد رجالات التعليم بمحافظة الغربية.
ولد لأب يهوي القراءة ويعشق عميد الأدب العربي طه حسين الذي تأثر به تأثيرا كبيرا فأصبح الابن يتيه حبا في العميد الذي رفض لقب “الباشاوية” من الملك أحمد فؤاد بسبب تأليفه لكتاب”المعذبون في الأرض”، وبسبب رفض طه حسين التخلي عن الكتاب أصدر الملك أوامره بعدم تداول الكتاب وحرمان طه حسين من لقب “الباشا” لكن ذهبت الملكية والباشاوية وبقي طه حسين.
“المعذبون في الأرض” كان نقطة تحول كبيرة في حياة الدكتور مشالي فقد تأثر بأحوال الفقراء ونذر نفسه للغلابة الذين “أكل الدهر عليهم وشرب” وأصبحت حياته بين ثلاث عيادات للكشف على الفقراء اولهم عيادة ميدان السيد البدوي بطنطا، والثانية في محلة روح والثالثة في “شبشير الحصة”. والتي تبرع بها الأهالي للطبيب حتي يكشف فيها على المرضي بثمن ٥ جنيهات.
لا يرتدي ساعة روليكس أو أي من الأنواع الأخري. فقط مجرد “جزء” من ساعة رقمية تؤدي الغرض منها فيستوي عنده ساعة العشرة جنيهات مع ساعة المائة جنيه. ويستوي عنده وجبة “الطعمية”مع وجبة” الكباب” بل عنده ٤ “طعميات” أهم من “كباب” الدنيا وما فيها
يعشق الكتب ويقول عن نفسه”من أهداني كتابا فكأنما أهداني خروفا” والكتب عندي هي الحياة وهي من علمتني ومن ثقلتني “و يهوي شراء الجورنال كل يوم ولا يفلت منه ورقة إلا وقرأها حتي لو كانت “ملفوف بها أطعمة”.
لا يمتلك سيارة فقد باعها بعد أيام قليلة من شرائها بعد أن حذره المتعاملين من خطورة قيادة السيارة في مثل هذا السن المتقدمة، وخوفا على حياته وحياة الآخرين.
لديه من الآبناء ثلاثة “مهندسين” أدبهم وعلمهم وتخرجوا في كليات الهندسة ويعملون في مراكز مرموقة بل تولي أيضا رعاية أبناء شقيقة المتوفي الذي فارق الحياة في ريعان شبابه تاركا له ثلاثة من الأبناء سهر عليهم وأوصلهم إلي الجامعات بعد أن كانوا جميعا في رياض الأطفال.

ثمن الكشف الزهيد هو من ساعده في ذلك لأنه فيه”بركة” ولم يستدين في يوم من الأيام على الإطلاق ولم يجدد “عفش” بيته ويسير مسافات طويلة ويأكل وجبة واحدة فقط في آخر اليوم ويعمل 11 ساعة في عيادة طنطا وسويعات في عيادتي “محلة روح” و”شبشير الحصة” وكلما كان في طريقه وأراد “توصيلة” تقف أي سيارة “يشاور لها” سواء كان يعرفه أولا. وقال هو بنفسه عن ذلك “دي نعمه من الله”.
إنه طبيب الإنسانية الذي “طبطب” على مشاعر الناس وخفف من آلامهم وأوجاعهم بدلا من دغدغتها بكلام معسول يمارسه بعض الأطباء لابتزاز مرضاهم.
طبيب الإنسانية لم يكن في يوم طبيب جزار.

 

رحم الله الدكتور محمد مشالي.

Follow by Email
Instagram
Telegram
WhatsApp