هبط مسبار الفضاء الأمريكى بيرسيفيرانس، على سطح المريخ
كتب اللواء/ سيد نوار
فى يوم الخميس الموافق الثامن عشر من فبراير 2021، وفى تمام الساعة العاشرة وخمس وخمسين دقيقة مساء بتوقيت القاهرة هبط مسبار الفضاء الأمريكى بيرسيفيرانس، على سطح المريخ وبالتحديد فى منطقة تم تحديدها واختيارها بدقة متناهية اسمها «حفرة جيزيرو»، لأن هناك أدلة علمية كثيرة تثبت أن هذه المنطقة تملك كل الخصائص الضرورية الضامنة لاستدامة الحياة على الكوكب الأحمر، وبالتالى يمكن أن تكون مستقبلا مكانا لائقا لحياة البشر على سطح المريخ. كانت هذه خامس رحلة استكشافية تقوم بها وكالة الفضاء الأمريكية ناسا للكوكب الأحمر وكلها تمثل أحداثا تاريخية وإنجازات علمية عظيمة لكل البشرية.
كل هذه الرحلات والتى قد تطلقها دول أخرى فى الحاضر والمستقبل، تستخدم كاميرات رقمية ذات تقنية متطورة تستخدم مجسات ضوئية تقوم بتحويل الضوء الى شحنات كهربية تسمى «سى سى دى» أو العنصر المزدوج الشحنة تمكنها من تحويل فوتونات الضوء الى إلكترونات، تنتج فى النهاية صورا غاية فى الوضوح والتفاصيل وهى غاية تلك الرحلات.
قد يقول قائل: ولماذا نحتفى بتلك الإنجازات، ونحن كما يقول المثل المصري: ليس لنا فى «التور ولا فى فى الطحين»؟. حقيقة الأمر نحن لنا كثير فى التور وفى الطحين أيضا. كيف ذلك؟. هذا ما ستجيب عليه هذه المقالة التى تلخص مساهمات أساسية لعلماء مصريين عباقرة بكل معانى الكلمة بالولايات المتحدة يفخرون دائما بانتمائهم لمصر. نعم كانت مصر موجودة بقوة عندما هبطت برسيفيرانس على المريخ. ليس هذا قولا خياليا وليس نوعا من المبالغة، بل هو حقيقة علمية مدعومة بالإثباتات.
إنها اختراعات وأبحاث عمرو محمد محسن النابغ المصرى الذى يعتبر واحدا من أعمدة الثورة العلمية التى غيرت الدنيا منذ أواخر سبعينيات القرن العشرين الذى له بصمات واضحة فى كثير من جوانبها. عمرو كان الثانى على الجمهورية فى الترتيب على الثانوية العامة عام 1963 رغم أنه قفز من الأول الإعدادى ليمتحن الشهادة الإعدادية ويتفوق على الجميع ويكون الأول على منطقته ويلتحق بمدرسة عين شمس الثانوية للمتفوقين. التحق بعدها بكلية الهندسة جامعة القاهرة وتفوق على الجميع أيضا بمن فيهم أول الثانوية العامة، حيث حصل على امتياز فى كل المواد شاملة المقررات القومية والتربية العسكرية التى كانت موادا دراسية حينها. عمل معيدا بعدها بقسم الهندسة الكهربائية شعبة اتصالات، والتحق بالجامعة الأمريكية فى نفس الوقت ليحصل منها على ماجستير فى علوم الجوامد وليحصل أيضا على الدرجات النهائية فى كل المواد فى سابقة لم تتكرر من قبله أو من بعده أبدا. حصل بعدها على العديد من المنح الدراسية الكاملة، اختار منها المنحة المقدمة من كال تك، أو معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، والذى هو واحد من أعظم الجامعات والمعاهد فى العالم. هو المكان الذى عمل به أحمد زويل. من محاسن الصدف أن أحمد زويل كان من دفعة عمرو فى الثانوية العامة أيضا، غير أنه اختار الالتحاق بكلية العلوم جامعة الإسكندرية ثم حصل على الدكتوراة من جامعة بنسلفانيا الأمريكية. كل أعمال عمرو محسن العلمية والإبداعية موثقة ومتاحة وتشمل أكثر من 70 بحثا أساسيا أصيلا، إضافة الى 45 براءة اختراع منها 31 مسجلة فى الولايات المتحدة وأربع عشرة مسجلة دوليا، وكلها لها تطبيقات صناعية معروفة.
تتلخص مساهمات عمرو فى الخمس رحلات الأمريكية، فى اختراعاته وأبحاثه التى تمكن تلك المسبارات من التقاط صور فائقة الجودة يشاهدها العالم الآن.
كانت رسالة الدكتوراة التى حصل عليها عمرو من كال تك عام 1973، تمثل أبحاثا أساسية فى المجسات الضوئية «سى سى دى» وتم نشر نتائجها فى ثلاثة أبحاث تمثل أساسيات الموضوع. عقب حصوله على الدكتوراه التحق عمرو بمعامل بل فون المرموقة واستمر فى أبحاثه فى نفس المجال لمدة ثلاث سنوات ونشر أربعة عشر بحثا فى نفس الموضوع إضافة الى أربع براءات اختراع.
فى عام 1984 أسس عمرو شركة أطلق عليها آكتل الخاصة به فى وادى السيلكون بكاليفورنيا، وكان يطلق عليه العبقرى المصري. كان عمرو وطنيا خالصا، دائما يفضل تعيين مصريين مثله فى شركته، فضم لتلك الشركة أربعة علماء آخرين هم عباس الجمال وخالد العياط وعصمت حمدى وشافى الطوخي.
جميع هذه المسبارات تستخدم شريحة تتحكم فى العمليات الإليكترونية وعمليات تكوين الصورة تم اختراعها فى شركة آكتل. هذه الشريحة الصغيرة المربعة الشكل تحتوى على مجسات ضوئية مصنوعة من أشباه الموصلات مرتبة فى صفوف متوازية. عندما تتكون الصورة على هذه المجسات يتم إطلاق شحنة كهربية تتناسب قيمتها طرديا مع كمية الضوء الساقط عليها. تعمل هذه الشحنة على تفريغ مكثف مشحون متصل مع المجسات الضوئية. تتم إعادة شحن هذه المكثفات من خلال تيار يعمل على مسح كل المكثفات. فى نهاية تلك العمليات تتكون صورة رقمية للجسم الذى تم التقاط صورته. هذا المنتج تمت تسميته مصفوفة البوابات المنطقية القابلة للبرمجة، تم اكتشافه وتطويره فى شركة آكتل وتم منحه جائزة أفضل منتج عام 1988، كما وصفته العديد من المجلات الإلكترونية بأنه أفضل إبداع ظهر فى تلك السنة. تلقى عمرو بسببه جائزة «مبدع العام» التى تمنحها شركة آرثر يونج عام 1989. جميع المسبارات التى تم إطلاقها الى المريخ تستخدم هذا المنتج بالإضافة الى ذلك، يستخدم هذا المنتج، فى كثير من المنتجات الالكترونية الحديثة مثل أجهزة الاتصالات، مراكز المعلومات، الذكاء الصناعي، الكترونيات الفضاء والسيارات والدفاع.
هذا المنتج موثق فى خمسة أبحاث علمية منشورة، إضافة الى 21 براءة اختراع تحمل اسم عمرو إضافة الى الأربعة المصريين الآخرين.
عمرو محسن يعرفه كل من درس معه وهو أحد قادة جنود مصر العظيمة المنتشرين فى أرجاء المعمورة والذين يخفض لهم الجميع الجناح شهادة لها بأنها دائمة الإخراج لحكمة الأجيال وأنها دائما المبينة للعباد العلم والسيف والقلم.
المزيد من الموضوعات
اسعار الذهب اليوم في مصر
وزيرة التنمية المحلية تشارك في إحتفالية إطلاق الخطة القومية التنفيذية للصحة الواحدة والإطار الاستراتيجي للتكيف الصحي مع المتغيرات المناخية…
رئيس مجلس الوزراء يُتابع مع وزير الثقافة استراتيجية عمل الوزارة وأهم الأنشطة والفعاليات المُنفذة…