نستكمل اليوم مقالاتنا عن المرأة المصرية في العصر القديم و الحديث * المرأة السيناوية *
بقلم اللواء/ سيد نوار
كان الجنود في الجبهة يقاتلون ومن خلفهم رجال المقاومة الشعبية في السويس، لكن كان دور المرأة السيناوية خلال حرب أكتوبر له مكانةً إنسانية وحركية ، فكانت الست فاطوم التي لم تكن تملك من الدنيا سوى عشر دجاجات ذبحتها كلها لرجال المقاومة، وكانت تعمل قدر استطاعتها رغم القصف الشديد على نقل الذخيرة وتضميد جراح الأبطال الشجعان.
يكتمل دور المرأة السيناوية خلال حرب أكتوبر في نموذج فلاحة فايد والتي كلفها أحد الضباط أن تذهب في مهمة استطلاع إلى مكان تمركز آليات العدو ومجنزراته التي تختبئ بين الأشجار الكثيفة في منطقة فايد وسرابيوم، فقامت بحمل ابنتها على كتفها زيادة في التمويه على العدو لتستطيع أن تؤدي مهمتها بكفاءة.
تجيء الغرابة في دور المرأة السيناوية خلال حرب أكتوبر عن طريق جهود السيدة البدوية والتي كان لها دور فعال في حرب أكتوبر فهي التي قامت بتهريب الفدائيين وعلاجهم ومساعدتهم في الوصول إلى الأراضي المصرية من خلال طرق لم يعرفها العدو رغم أنها لم تتعلم ولم تدرب ولكن بفطرة الانتماء وحب الوطن دافعت عن أرضها في مواجهة العدو.
وخلال فترة الاحتلال لم يستطع العدو الاسرائيلي التغلغل داخل كيان أهل سيناء أو تجنيد أحد أبنائها لأن المرأة المصرية زرعت في نفوس أطفالها حب الوطن وعندما أراد العدو الصهيوني “تدويل سيناء” من خلال مؤتمر دولي في الحسنة وقف جميع أهل سيناء رجال ونساء قالوا “إن باطن الأرض خير لنا من ظهرها إذا تخلينا عن مصر أو فرطنا في سيناء”.
• السيدة فرحانة
تستكمل فرحانة وفوزية تصوير دور المرأة السيناوية خلال حرب أكتوبر من خلال البطولات التي في العريشإسمها بالكامل ” فرحانة حسين سلامة ” تبلغ من العمر 83 عامًا وهى واحدة من مجاهدات العريش التى لقبت بتاجرة القماش، فرحانة السيدة التي عاشت الجزء الأكبر من حياتها في نضال ضد آلة الحرب الإسرائيلية العاتية.
ومنحها الرئيس الراحل أنور السادات وسام الشجاعة من الدرجة الأولى ونوط الجمهورية، دون أن تملك مالًا ولا أرضًا وهى تعتقد أن كل ما قامت به لم يكن إلا جزءًا بسيطًا من ديون الوطن الحبيب.
تكريم السادات للحاجة فرحانة
كانت أول عملياتها هي عملية تفجير قطار في العريش، زرعت قنبلة قبل لحظات من قدوم القطار الذي كان محملًا ببضائع لخدمة الجيش الإسرائيلي وبعض الأسلحة وعدد من الجنود الإسرائيليين وفي دقائق معدودة كان القطار متفجرًا بالكامل، وتوالت العمليات بعد ذلك وكانت تترقب سيارات الجنود الإسرائيليين التي كانت منتشرة في سيناء وقبل قدوم السيارة تشعل فتيل القنبلة وتتركها بسرعة أمام السيارة التي تتحول في لحظات إلي قطع صغيرة محترقة.
• السيده فوزية
ويجيء دور فوزية والتي كانت إحدى البطلات في حرب أكتوبر حيث نفذت عمليات فدائية مع أخيها أحمد الهشة وزوجها سعيد أبوزرعي والذين كانوا يزرعون عدد من الألغام في طريق الجورة فجاءت سيارة الدورية الإسرائيلية فمرت على الألغام فتفجرت في الحال.
قامت القوات الإسرائيلية بالقبض على زوجها وشقيقها واحتجزوهما في إحدي الوحدات العسكرية لمدة شهرين وأذاقوهما أبشع أنواع العذاب حتة تحولوا إلى حطام رجال وقاموا بسلخ جلدهما بالكي بالنيران لكي يعترفوا بقيامهم بتفجير سيارة الدورية في الجورة وأنهم ينتمون لمنظمة سيناء، ولكنهم ظلوا على موقفهما.
كن يتواجدن بصفوف الهلال الأحمر، ويوزعن أنفسهن على المستشفيات، يتبرعن بدمائهن للمصابين، ويشرفن على الطعام المقدم للجنود على الجبهة، غالبا ما تكون هذه عي الصورة المرسومة في ذهن الكثيرين عن دور المرأة في حرب أكتوبر المجيدة، إلا أننا نجد أن للمرأة السيناوية لعبت دورا في ميدان المعركة، وكانت المرأة التي ترعى الأغنام لإخفاء آثار الفدائيين تارة، وتجدها تزرع المتفجرات في سيارات العدو تارة أخرى.
وقد لعبت المرأة السيناوية دورا هاما عندما كانت سيناء تحت تحت الاحتلال الإسرائيلي، ورغم الظروف الصعبة التى عاشها المجتمع السيناوي أثناء حرب الاستنزاف، إلا أن المرأة السيناوية كانت بمثابة أذن وعين المخابرات المصرية في سيناء، حسب ما ذكرت منى برهوم، الناشطة السيناوية.
و من بعض المواقف البطولية التى قامت بها المرأة السيناوية، مثل رعيها للأغنام لإخفاء أثر أقدام الفدائيين عقب وضعهم للألغام في الصحراء، ولعدم تمكين العدو الإسرائيلي من معرفة آثار الفدائيين.
وامتد دور المرأة السيناوية في تأمين الشوارع للفدائيين من خلال لغة الإشارة والأصوات بينهم للهرب من العدو، بالإضافة إلى مساعدتها في نقل الطعام للجنود على الجبهة الشرقية، ونقلها للمعلومات التي كانت تترد عن تحركات العدو.
هناك العشرات من السيدات لهن دور بارز، وكرمهم الرئيس الراحل أنور السادات وأعطاهن نجمة سيناء، تخليدا لدورهن، مثل الحاجة وداد، التي لم يلق الإعلام المصري الضوء الكافي على دور المرأة السيناوية في حرب أكتوبر، وكأنهن عابرات سبيل.
و قد أوضح ” الشيخ حسن عتيق، ناشط سيناوي ” ووصف المرأة السنياوية بأنها كانت أخت الرجل المقاتل في وجه المغتصب الإسرائيلي، حيث ساعدت في نقل المعلومات للمخابرات المصرية عن تحركات العدو الصهيوني، وتهريب الرسائل المشفرة. و تحدث عن دور إحدى السيدات خلال حرب الاستنزاف، وهي ” الحاجة فرحانة ” التي استطاعت أن تضع المواد المتفجرة في سيارات الجيب الإسرائيلية، بالإضافة إلى نقلها مسارات وتحركات العدو للمخابرات المصرية. و أن المرأة السيناوية لاتريد ظهورا في الإعلام أو شاشات التليفزيون، لأنها تفعل ذلك من أجل وطنها فقط.
إن المرأة السيناوية كانت لها دورا كبيرا في رصد تحركات العدو، حيث تم تجنيدها من قبل المخابرات المصرية وتدريبها على الجهاز اللاسلكي. وأضاف، في حديثه، كما أنها لم تثر شكوك العدو الإسرائيلى، حيث كانت مهمتها الأساسية هى رعاية الغنم، فاستغلت السيناوية ذلك في تأمين الطرق للجنود والفدائيين، وحمل المؤن إليهم، ورسم خرائط المطارات الإسرائيلية.
و من أبرز السيدات السيناويات ” السيدة فهيمه ” التي كانت أول امرأة يتم تجنيدها من المخابرات الحربية، لرصد المواقع الإسرائيلية على الضفة الغربية وخط “بارليف”، ومعرفة نوع السلاح وعدد القوات. وأيضا ” السيدة مريم ” التى تم تكليفها لرصد حجم القوات الإسرائيلية في وسط السيناء، بالإضافة إلى تأمين الطرق للفدائيين.
و من الجدير باذكر قصة الطفل أحمد راعي الغنم، الذي استطاع أن يدخل غرفة العمليات الإسرائيلية ووضع أجهزة التنصت التابعة للمخابرات المصرية، لم يكن صغر سنه يثير الشك لدى الإسرائيلين، فكانوا يتركونه يلهو لذلك نجح في دخول غرفة العمليات الإسرائيلية أكثر من مرة، إلى أن شعرت المخابرات المصرية بالخوف عليه لانكشاف أمره، فوجّه الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بجلبه إلى القاهرة، وكان في استقباله وتم كفالته في التعليم المصري حتى دخل الكلية الحربية.
تلك هي المرأة السيناوية أحد رموز المرأة المصرية في العصر الحديث
المزيد من الموضوعات
اللواء محمد البربري رئيس جهاز الحماية المدنية سابقا و أحد أبرز كوادر حماة الوطن بالغربية في حوار مع وسيط اليوم …
اسعار الذهب اليوم في مصر
وزيرة التنمية المحلية تشارك في إحتفالية إطلاق الخطة القومية التنفيذية للصحة الواحدة والإطار الاستراتيجي للتكيف الصحي مع المتغيرات المناخية…