تقرير: أسامة حراكي
“شايفني هندي” دائما يردد الكثير منا هذه المقولة حين يكذب عليهم أحد كذبة كبيرة، وكان من أحلامي زيارة الهند بلاد السحر والإبهار المليئة بكنوز أسرارها الأسره، فزرتها في فبراير 2014 فكانت لغز كبير بالنسبة لي، ومدعاه لمراجعة كل الكلام عن التخلف والتنمية، لأن المجتمع الهندي بصفة عامة مثل المجتمع المصري، ليس مجتمع حديث وفي نفس الوقت ليس تقليدي، ومن الممكن أن نقول مابعد تقليدي، ففي شوارع البلدين نرى السيارات الحديثة الفارهة بجانب “التوك توك” والعجول في مصر والبقر في الهند، فالهند كأي بلد فيها السلبي وفيها الايجابي، وفيها الأماكن الراقية والعشوائيات، لكن تظل بلد العجائب فقد توقف بنا الزمان، لكن لم نتوقف عن الإنبهار بجماليات الحضارة الهندية والتراث الرائع لهذا الشعب المتكىء على تاريخ موغل في القدم.
نيو دلهي:
عاصمة الهند وهي مدينة تتسم بالازدحام والفوضى، خمس سكانها يعيشون في العشوائيات، وبرغم كل ذلك هي اعجوبة تسير على ما يرام، زرنا فيها:
المسجد الجامع
أو الجامع الكبير بالهند هو المسجد الرئيسي في دلهي القديمة بالهند وأكبر المساجد فيها حيث يتسع لخمسة وعشرين ألف مصل، أمر ببنائه الإمبراطور المغولي شاه جهان باني تاج محل، واكتمل البناء في سنة 1658 هو أيضا يقع في بداية شارع شاندني شوك وهو شارع مزدحم وشعبي جدا في مركز مدينة دلهي القديمة.
القلعة الحمراء
تقع في دلهي القديمة المسورة، تم بناؤها في القرن السابع عشر في عهد الامبراطور المغولي المسلم شاه جهان، وكانت عاصمة للمغول حتى نهاية عهد الأمبراطور “بهادورشاه ظفر” حين نفته بريطانية واستخدمة القلعة كمعسكر لجيوشها، واليوم هي مزار سياحي.
بوابة الهند ” india Gate ”
هي صرح وطني في وسط نيو دلهي، يعتبر أحد أشكال أقواس النصر، بني لتخليد ذكرى 90 ألف جندي هندي، شكلوا الجيش البريطاني الهندي وخسروا أرواحهم خلال الحرب العالمية الأولى.
أعلنت منظمة الصحة العالمية أن هواء مدينة نيودلهي هو الأكثر تلوثاً في العالم، ووجدت أن متوسط مستوى PM 2.5 وهو قياس للجسيمات التي تنتقل في الجو إلى الإنسان وتسبب الأمراض المختلفة في نيودلهي، بلغ 152 ميكروجرام لكل متر مكعب.
تاج محل
يقع في مدينة أجرا أو أغرا التي تبعد عن نيو دلهي 250 كيلو، تعتبر مدينة صغيرة وتشبه حضر الريف في مصر، حين زرتها شعرت أني في المنزلة دقهلية، أغلبية سكانها هندوس وفيها مسلمين قليلين رغم ان المدينة بناها المغول المسلمين، يتكلمون اللغة الأردية “لغة المسلمين بالهند”، في المدينة كثير من الصناعات التقليدية للزخارف الهندية التي تباع للسياح الاجانب، زرنا فيها “ورش” كثيرة.
زرنا فيها تاج محل وهو ضريح رائع البناء أنيق العمارة ومزخرف، تم تشيده على مصطبة من المرمر الأبيض، وأقيمت عند كل زاوية من زوايا المصطبة مئذنة متناسقة الأجزاء ارتفاعها 37 متر، بناه الإمبراطور المغولي شاه جهان (1630ـ 1648) مقبرة كصرح تذكاري يضم رفاة زوجته الثالثة التي توفيت أثناء الولاده، تخليداً لذكراها، ويتألف المكان من ثلاث أبنية: مبنى الضريح ويتوسط مبنيين مسجد وقصر، مسجد يتم الصلاة فيه، وقصر للإمبراطور بجانب قبر زوجته يستطيع منه أن يرى مبنى ضريحها، ويعتبر تاج محل من أرقى الأمثلة على العمارة المغولية، وهو أسلوب يجمع بين الطراز المعماري الفارسي والتركي والعثماني والهندي، يعاني هذا المعلم العالمي تآكل الحجارة المستخدمة في بنائه وتآكل الأسس الخشبية التي توجد أسفله، ويقول بعض الخبراء أنه قد ينهار خلال الأعوام القادمة.
مومباى:
تقع على الساحل الغربي للهند وفيها ميناء، وهي المركز الثقافي والاقتصادي والتجاري للهند، مدينة جميلة زرنا فيها:
محطة “جاتراباتي شيواجي” للقطارات
مبنى تاريخي جميل كانت تسمى في السابق محطة فيكتوريا، حيث تم افتتحها يوم تتويج الملكة فيكتويرا ملكة لبريطانيا، وفي عام 1996 تم تغير اسمها إلى “جاتراباتي شيواجي” وهو اسم أحد القادة الذين حاربوا حكم الاستعمار البريطاني.
بوابة الهند البحرية
هي نصب تذكاري مبني على الطراز الهندوسي لإحياء ذكرى زيارة الملك جورج الخامس ملك بريطانيا والملكة ماري تك، ويقع على المحيط الهندي عند مدخل ميناء مومباى
جزيرة إليفاتتا
جزيرة تبعد عن شواطئ بومباي 50 دقيقة، تنطلق القوارب إلى هذه الجزيرة من منطقة واحدة فقط هي بالقرب من بوابة الهند، ركبنا القارب وتوكلنا على الله وكان القارب مليئ بالسياح، وحين وصلنا الجزيرة وجدنا سلالم تؤدي للمعبد الذي في أعلى الجبل الذي يتوسط الجزيرة، وهي سلالم متعبة احتجنا إلى نصف ساعة للوصول الى االأعلى، وحين وصلنا لقمة الجبل وجدنا منظر رائع جدا للجزيرة ثم قمنا بزيارة المعبد وعدنا أدراجنا.
النقطة الحمراء على جبين المرأة الهندية
يعتقد البعض أن النقطة الحمراء على جبين المرأة في الهند تعني رمز للجمال عند غير المسلمات، أو رمز لمركز الطاقة في الجسد وهو علامة فارقة للمتزوجات، لذلك تعتز المرأة الهندية بالنقطة الحمراء على جبينها وتظهر منطقة السرة في لباسها المعروف بالساري، ففي الثقافة الهندية يقدس الشعب الهندي العديد من الاشياء, ومن ضمن هذه الاشياء منطقة السرة في جسد المرأة، وتعتبر هذه المنطقة رمزاً للحياة والاستمرار، فتظهرها للملأ للدلالة على استمرارية هذا الشعب وتجدده وقوته وخصوبته، لذا تحرص المرأة الهندية على اظهار هذه المنطقة من خلال اللباس التقليدي لها، وبما أن هذه المنطقة تكون ظاهره لجميع الناس فمن المعيب في ثقافتهم أن ينظر الرجل إليها بشكل مباشر, لذا بنفس الشكل الدائري باللون الاحمر الذي يكون جذاباً توضع على الجبهة، فهم يفرقون بين الرجل السوي والغير سوي من خلال نظرته، فإذا نظر الرجل الى جبهة المرأة فهو إنسان محترم يقدر المرأة، وإذا نظر إلى سرتها فهو شخص غير مرغوب وغير محترم وينظر للمرأة نظرة دونية، وهذا ما يفسر أن في حفل الزواج يقوم الزوج بوضع هذه النقطة على جبهتها، أي أنني احترم كونك امرأة وانظر اليك كعقل وليس كجسد لذا اضع النقطة على جبهتك، وهي دلالة على الشرف لذا توضع في أعلى الرأس.
بما أن الهند هي ثاني أكبر دول العالم من حيث تعداد السكان، فإن هذا يجعلها من أغنى المطابخ من حيث التنوع، ففيها تعددا الأديان التي تؤثر في نوعية الطعام، فمن يقدس البقرة ولا يأكل لحمها يبتكر أصنافاً وأنواع مختلفة من الخضار والصلصات والحلويات التي يدخل فيها الحليب ومشتقاته، علماً بأنه ليس الدين وحده المؤثر في المكونات، حيث توجد مناطق بالهند تستخدم المكسرات في الطعام دون غيرها، وهنا يندمج الإبتكار لتكون المنطقة والدين عاملان أساسيان، فتكون المواد الأولية مثل الخضار والبقول من الأساسيات، فاستخدام البقول لتعويض البروتين الحيواني بالنباتي، ويكون الدافع للابتكارات واستخدام أنواع من دقيق العدس لتحضير الخبر، ودقيق الحمص للتحمير عوضاً عن دقيق القمح، ولا يعتبر الطعام الهندي كله ذا مذاق حار، إنما يتنوع المذاق بحسب المكونات، سواء كانت بقوليات أو بهارات أو مكسرات ومواد الألبان.
فيعتبر المطبخ الهندي من المطابخ الغنية التي تحتوي على عدد لايحصى من الأطباق الشهية، حيث تقدم كل منطقة خصائص متميزة بطهوها، فتتميز الأطباق الهندية باستخدام واسع للتوابل والأعشاب التي تعتبر كنزاً من كنوز الهند، وأيضاً هي جزء مهم من شخصية المجتمع الهندي.
ويختلف الطعام الهندي من مدينة إلى أخرى بحسب عوامل عديدة، منها التركيبة السكانية والعرقية في شبه القارة الهندية، كذلك لاختلاف الثقافات المحلية، والمواقع الجغرافية، سواء كانت على البحر أو في الداخل أو الجبال، وكذلك باختلاف المواسم وحالة الطقس، وكل هذا التنوع نتجت عنه تشكيلة واسعة من أساليب الطهو والمذاق والنكهة.
فمثلاً المنطقة الشمالية تشتهر بأطباق اللحوم من الكباب والمأكولات الدسمة الغنية بمنتجات الألبان والكريم والسمن والمكسرات والزعفران، مثل “البرياني” و”التندوري” سواء كانوا لحوم أو دجاج أو أسماك، وتطهى في فرن التندور المبني من الطين.
والمنطقة الجنوبية تشتهر بأطباق نباتية من الخضار المتنوعة، مثل الخضار مع صلصة الكاري الحارة، وسمبوسة الخضار بصلصة الكاري، ومخلالات “التشاتني” والخضار بجوز الهند.
بينما تشتهر المنطقة الشرقية بأطباق الأرز المختلفة، والخبز المفرود المسطح ومن أنواعه “النان ـ البوري ـ الشاباتي” واجملهم الثوم بالجبنة.
أما المنطقة الغربية وخصوصاً الساحلية، تشتهر بأطباق واسعة من الأسماك والمحار بنكهات الزنجبيل والكركم وجوز الهند، وقد استمتعانا بمذاقها في إحدى مطاعم مدينة مومباى.
أكل الهند كله “شطة والفلفل” لدرجة أن هناك شاي بالفلفل والبهارات، وحتى مشروبات باردة نوع حار ونوع بالفلفل.
ومن أطباق الحلويات “الراس ملاي ـ الجلاب جامون” والأيس كريم “كولفي”.
كما تعتبر الهند مكانا ضخما ومتنوعا يزخر بالاختلافات الوراثية واللغوية وشؤن الطهو والخياطة التي عادة ما توجد في قارة برمتها، وفي هذا السياق جمعت مجلة “بيزنيس انسايدر” الأمريكية في تقرير لها، مستندة على مجموعة من المصادر المتنوعة، بعض الحقائق التي ربما لا يعرفها البعض عن الهند منها:
ـ تعد الهند ثاني أكبر شعوب العالم تعدادا للسكان برقم يزيد عن 1.2 مليار مواطن، كما تعد أكبر الاقتصاديات العالمية بناتج قومي إجمالي يتجاوز 5 تريليون دولار طبقا لأرقام 2013 لذا من البديهي أن تكون دولة مليئة بالغرائب والعجائب.
ـ فيها أكثر من 500 نوع من الحيوانات البرية في غاباتها
ـ أكثر مكان مبلل في العالم فتعد الهند المكان الأكثر بللا في العالم، حيث يسقط عليها حوالي 40 ألف قدم من المطر سنويا.
ـ الدولة الأولى في تعداد الشباب في العالم بحلول 2020
ـ بحلول عام 2020، سيكون متوسط العمر في الهند حوالي 29 عاما، ومن المتوقع أن يرتفع عدد أصحاب الفئة العمرية من 15 إلى 43 من 430 مليون في 2011 إلى 464 مليون في 2021.
ـ الهند يستهلك نصف الخمور الموجودة في العالم، حيث استهلكت الهند حوالي 1.2 مليار لتر من الخمور في 2012، وتعد الهند أكبر سوق للخمور في العالم من حيث الحجم، لكن فرنسا الأولى من حيث نصيب الفرد.
ـ يبلغ طول شبكة الطرق في الهند مجتمعة 4.7 مليون كم، وهي ثاني أكبر شبكة طرق في العالم بعد الولايات المتحدة، وتعادل هذه المسافة ما يزيد عن طول محيط الكرة الأرضية مضروباً في 117 مرة.
ـ تتسبب الحوادث في الهند في وفاة شخص كل 3 دقائق بمعدل إجمالي بلغ 138،258 في حوادث الطرق خلال 2012.
ـ تصدر الهند من الشعر ما تزيد قيمته عن 415 مليون دولار سنويا من تجارة الشعر، ويقوم كثير من الهندوس بالتبرع بشعرهم في المعابد بدلا من النقود أو المجوهرات التي لا يمتلكونها، ويعتقد أن حوالي 40 ألف حاج يتبرعون بشعرهم يوميا.
ـ بلغ إجمالي قيمة ثروة أغنى 25 شخصية في الهند 174.8 مليار دولار، حوالي قيمة الناتج المحلي الإجمالي لأوكرانيا، فيما وصلت ثروة رجل الأعمال الهندي، موكيش أمباني، أغنى رجال الأعمال الهنود، إلى 24.2 مليار دولار.
ـ تواجه 25% من أراضي الهند مصير التصحر نتيجة للتغير المناخي والإسراف في استخدام التربة، و25% من مساحة الهند يعادل 810 ألف كم مربع، وهي مساحة بريطانيا 3 مرّات.
ـ تمتلك الهند أكبر مخزون عالمي من البقر الحلوب بنسبة 17.2%، ويوجد في الهند 44.9 مليون بقرة حلوب، وفقا لإحصائيات 2011، بينما يوجد في العالم أجمع 260 مليون بقرة حلوب.
ـ تعد الهند أعلى الدول في معدلات الانتحار على الإطلاق، وفي 2012 سجل 135،445 حالة انتحار، بمعدل 371 حالة انتحار في اليوم، وذلك وفقاً لبيانات المكتب الوطني لسجلات الجريمة.
المزيد من الموضوعات
أسامة حراكي يكتب: التراث
وزارة الثقافة تحتفي بمبدعي ومثقفي مصر في إحتفالية “يوم الثقافة ” 8 يناير القادم…
عمر الشريف يكتب: فلا يؤذين