تقرير: أسامة حراكي
من الطابق 23 ومن نافذة غرفتنا التي كانت تطل على رافد أوكا من نهر فولغا 10 صباحاً بتوقيت موسكو، لمحت أطفالأ يلعبون ويمرحون ويتزلجون فوق النهر ويقطعونه ذهاباً وإياباً! دققت النظر أكثر لأتأكد أن ما أره حقيقي، وفتحت النافذة وكان الجو شديد البرودة في الخارج وغرفتنا كانت دافئة، وتأكدت أن ما أراه صحيحاً فقد كان النهر متجمداً، وعلى الفور أيقظت صديقي وطلبت منه أن ينهض سريعاً كي ننزل ونشارك الأطفال مرحهم، وسرنا على مياه النهر المتجمدة، وكان بالقرب منا منطقة مخصصة للعب بالثلج والتزحلق عليه، وكان الموجودون يصنعون بيوت واشكال جميلة جداً، وشاركناهم لعبهم وفرحتهم.. “ليتنا نستطيع البقاء هنا في هذه الأجواء النقية كقلوب الأطفال” هكذا قلنا لأنفسنا من شدة السعادة، عملياً لم يكن يمكننا ذلك بسبب الصقيع الموجود، لكن لقطات الكاميرا جمدت تلك اللحظات، تارةً لزميليان وصديقان أحبا تلك المدينة، وطوراً لأطفال سعداء بقدوم الثلج واللعب به، إنها موسكو التي تتباها بجمالها الدائم وأناقتها الساحرة والمنعكسين على الوجوه والقلوب، هي عاصمة روسيا وأكبر مدينة من حيث عدد السكان، زرتها للمرة الاولى في مارس من شتاء عام 2014 والزيارة الثانية كانت في شهر يونيو من صيف 2018 اثناء حضور مونديال كأس العالم لكرة القدم.
الساحة الحمراء:
هي من أهم المعالم البارزة التى تعرف بها مدينة موسكو، وتقع الساحة الحمراء فى قلب المدينة وتتخذ شكل المربع، يفصل ما بين موقع القلعة الملكية سابقاً والمقر الرئيسي الذي يوجد فيه رئيس روسيا، وتعد الساحة الحمراء الميدان الرئيسي في المدينة الذي يمكن أن تخرجوا منه إلى أي وجهة تريدونها، أنصحكم عندما تختاروا الذهاب إليها بأتخاذ محطات مترو موسكو، لأن المدينة لديها مشكلة كبيرة مع الأختناقات المرورية ولن تحتملوا فترة ساعاتين في الموصلات لتصلوا فقط إلى الساحة الحمراء، حيث أنكم في المترو ستصلوا في فترة وجيزة، وتضم الساحة الحمراء كاتدرائية القديس الشهير “سانت باسيل” وهناك أيضاً متحف تاريخي يمكن التعرف فيه على تاريخ المدينة، وكان هناك منطقة ضخمة مخصصة للتزلج تقع داخل الساحة.
الكرملين:
عبارة عن موقع تاريخي والكلمة بالروسية تعني القلعة وتطلق اليوم على مركز المدينة القديم بما يقع فيه من مباني، والمنطقة بأكملها محاطة بجدار ضخم يمتد لمسافة 2 ميل ونصف ويرتفع إلى 65 قدم، وتحتوي المنطقة مجموعة من القصور القديمة ذات الهندسة المعمارية الفخمة التي كانت تستخدم في العصر القديم من قبل القيصر ورجاله، تعد المنطقة هي القلب التاريخي للعاصمة الروسية، يوجد بالمنطقة متحف الكرملين وهي المدخل الرسمي الوحيد الذي يسمح فيه بدخول السياح والذي يقع بالقرب من حديقة ألكسندر من ناحية الغرب.
كاتدرائية سانت باسيل:
توجد الكاتدرائية في الساحة الحمراء، وتتألف من عشر كنائس صغيرة بعضها يتكون من عشر أمتار مربعة، لذا تعد الدواخل إليها ضيقة جداً، تتميز الكاتدرائية بقبابها الغريبة الشكل حيث أنها ذات شكل بصلي ملون بألوان مبهجة مما يجعلها واحدة من الكنائس الفريدة.
حديقة ألكسندر:
أحد أجمل ساحات موسكو الخضراء، صمم عند مدخل الحديقة رمز من الرخام تكريماً للجنود الذين قتلوا أثناء الحرب العالمية الثانية المعروف باسم قبر الجندي المجهول، تعتبر أولى الحدائق المفتوحة للعامة وتتكون من ثلاث حدائق “الحديقة العليا، الحديقة الوسطى، الحديقة الدنيا ” والتي تمتد بطول الجدار الغربي لمجمع مباني الكرملين بمسافة 865 متراً، وتشتهر الحديقة العليا بعدة أماكن منها ضريح الجندي المجهول، وبوابة زينت كإحتفال بنصر روسيا علي نابليون بونابارت، أما الحديقة الوسطى فأكثر ما تشتهر به برج كوتافيا.
بعد الحروب النابليونية أمر القيصر ألكسندر الأول المهندس المعماري “أوسيب بوف” بإعادة بناء أجزاء من المدينة التي دمرت من قبل القوات الفرنسية، وضع بوف حديقة جديدة على موقع النهر من نهر نيجلينايا، الذي تم توجيهه تحت الأرض.
مسرح البولشوي:
هو واحد من أفضل وأهم المسارح في موسكو، وهو رمز من الرموز التاريخية يضم مجموعة مختلفة من العروض الأوبرالية وعروض البالية والرقص، يرجع تاريخ بنائه إلى عام 1856 ولقد رُعي في تصميمه أن يكون على النهج الكلاسيكي الجديد، يمكن حجز تذكرة والاستمتاع بواحد من العروض الرائعة التى يقدمها المسرح مما يجعلها أمسية فنية جميلة (وكان من أحلامي أن أزور موسكو ومن أمنياتي أن أحضر عرض بمسرح البولشوي، والحمد لله في زيارتي الأولى لموسكو في 2014 حققت حلم من أحلامي وزرتها، وحققت أمنية من أمنياتي وحضرت أوبريت “الملاك الناري” يارب تحقق أحلام وأمنيات الجميع”).
محطات المترو القديمة من موسكو:
هي من الأشياء التي لا بد لكم من زيارتها عندما ستذهبون إلى موسكو، حيث ستضطرون إلى الذهاب إليها على كل الأحوال لأنها وسيلة موصلات سريعة وغير مكلفة، والمترو هناك يأتي كل دقيقتين، ومدينة موسكو لديها واحدة من أقدم محطات المترو في العالم، ولقد أحتفظت المدينة بمحطاتها القديمة وأبقت عليها حية إلى الأن منذ وقت الإمبراطورية الكبرى، لذا فهي من الأشياء التي ينبغي عدم تفويتها.
يصعب علينا نحن العرب التلفظ باسم روسي أو ألماني، لكن بعد أن زرنا محطة مترو أنفاق “كومسومولسكايا” في موسكو، شعرنا بأننا نغرد بالاسم كما العصفور طليق اللسان، فجمالية الموقع كفيلة بجعل المستحيل ممكناً، كيف لا ونحن في إحدى أجمل محطات القطارات في العالم، زخارف الجدران ورخامية الأرض والنقوش التي تزين كل التفاصيل، دعائم هذه المحطة فسيفسائية تتناثر على جدرانها الأحرف الروسية والعلم الأحمر والمطرقة والمنجل، تروي للركاب التاريخ الشيوعي كما أحب الزعيم “خروشوف” أن يرويها، هي باختصار أكثر من محطة انتظار للمترو، إنها أشبه بدار اوبرا افتتحت عام 1951 وتنساب في حناياها الموسيقى الكلاسيكية التي تبعثر كثيراً من الدفء على المكان، وتمنينا أن يتأخر وصول المترو الذي كنا في انتظاره، اقصدوها إذا زرتم موسكو.
مهرجان ماسلينيتسا:
الذي يرجع إلى التقاليد السلافية الوثنية القديمة، التي كانت تقام في وداع الشتاء واستقبال الربيع وشمسه الدافئة، حيث يحتفل خلاله الشعب الروسي بتوديع الشتاء القارس في الأسبوع الأخير قبل بدأ الصوم الكبير عند الطائفة الأرثوذكسية، فالأغاني والرقصات التقليدية وأسواق الصناعات اليدوية وإعداد الفطائر الروسية الشهية هي أبرز ما يميزه، كميات هائلة من الفطائر الرقيقة المستديرة الشكل، التي ترمز إلى قرص الشمس الدافئة، يرافق تناول هذه الفطائر مشروب ساخن اسمه “سبيتين” يعد مع العسل والأعشاب المختلفة والتوابل والشعير، وكان قد اشتهر في روسيا قبل الشاي، ولا يقتصر المهرجان على الفطائر والأغاني فقط، فهناك حرق دمى مصنوعة من القش ترمز إلى الشتاء وبرده القارس، وفي اليوم الأخير من المهرجان يطلب الروس المسامحة والغفران من بعضهم البعض، استعداداً لمرحلة الصوم، وحضرنا هذا المهرجان الجميل.
ماتريوشكا:
هي عبارة عن دمية تتضمن داخلها عدة دمى أخرى بأحجام متناقصة، بحيث أن الأكبر تحوي الأصغر منها وهكذا.. تعرف اللعبة أيضاً باسم “بابوشكا” وتصنع الدمية عادةً يدوياً من الخشب مثل خشب الزيزفون أو خشب الصندل، ويختلف طرازها حسب الصانع، لكنها عادةً ما تمثل المرأة الروسية الريفية باللباس التقليدي “سارافان” وترسم ملامح المرأة وبناتها وحفيداتها اللاتي يشبهنها والتي تكون من 3 إلى 5 قطع وما فوق وهي تمثل الأجيال، وغالبا مايغطى الرأس باللون الأحمر، إلا أن هناك تطور في الألوان.
المزيد من الموضوعات
أسامة حراكي يكتب: التراث
وزارة الثقافة تحتفي بمبدعي ومثقفي مصر في إحتفالية “يوم الثقافة ” 8 يناير القادم…
عمر الشريف يكتب: فلا يؤذين