وسيط اليوم

جريدة الكترونية عربية

عمر الشريف يكتب: عند قدميها الجنة 

عند قدميها الجنة 

إن الإنسانَ نبع فياض من المشاعر والعواطف المختلفة التي يجود بها على الناس من حوله، ويتوجه بها للكثيرين ممن يعيش بينهم ويتشاطر الحياة معهم، ولا شك أن أقدس عاطفة من القلب وأكثرها طهراً وإخلاصاً هي محبّتنا وتقديرنا لأمهاتنا لما لهم من فضل عميم وخير واسع أظلونا به بكل دفء وحنان ودون كلل أو ملل. 

فالمحبة بين الأبن والأم لها سر عجيب يتعدى حدود المنطق والعقل والتفسير، فالإنسان مفطورٌ على حب أمه، كما أن الأم مفطورة على حب ولدها والفناء في تربيته والاعتناء به مهما كلفها ذلك من تعب وعناء، كما أنها لا تتوانى في التضحية والبذل مهما كان الأمر غالياً أو نفيساً، فهي الإنسان الوحيد الذي لا يتعب من مرضك، ولا يمل من شكواك، ولا يملّ من أخطائك، ولا يضيق من عيوبك، فحبها لك لا يبلى، وحنانها لا يفنى، لا يتقادم عهده ولا تخبو ناره، بل هو حب مخالط للدم والأعصاب، يعيش داخل كيانها، ويتغلل في سويداء قلبها.

فمهما بادلنا الناس مشاعرهم، ومهما منحونا عواطفهم وأمتعونا بمحبتهم، فإن محبة الأم تبقى نفيسة طاهرة لا تعرف المصلحة والخيانة، ولا تعرف الخداع والتظاهر بالصدق والإخلاص، تبقى مشاعرها قوية متجددة مهما تطاول الزمن وتقلبت الأيام، ولا تنتظر من ولدها على تلك المحبة المقدسة أي مقابل أو عوض، فمحبة الأم نقية شفافة فوق كل الشبهات.

ومن الجميل أن يجتمع العالم فرحاً وتقديراً على الاحتفاء بالأم والتذكير بحقوقها، فهو احتفال إنساني رائع نابع من القيم الأخلاقية الإنسانية القائمة على العاطفة الصادقة والمشاعر الطاهرة من تجذر عاطفة الحب والامتنان لهذه الأم التي هي بلا شك مصدر للعطاء والتضحية النبيلة في حياة كل واحد منا، فقيمة الأم قيمة غالية، ومحبتها في القلوب محبة خالصة.

ولذلك كان حق الأم على الابناء حقاً عظيماً مقدماً على سائر الحقوق الأخرى، وكان برّها والعناية بها واحترام مشاعرها من أكثر القربات عند الله رفعةً في الثواب وتحصيلاً للحسنات، وإن الجنة التي هي الرغبة العليا لكل مؤمن كانت عند قدمي هذه الأم من خلال القيام بخدمتها وخفض الجناح لها والسهر على توفير كل سبل العناية والراحة لها، فالأم هي باب الله الواسع لدخول جنة النعيم.

Follow by Email
Instagram
Telegram
WhatsApp