وسيط اليوم

جريدة الكترونية عربية

عمر الشريف يكتب: بشرة خير…

عمر الشريف يكتب: بشرة خير…

كتب عمر الشريف

وسيط اليوم

11/6/2023

 

فتحت عيناي فإذا بوجوه عربية متجهمة تطالعني، كنت على وشك أن أسأل أين أنا عندما فاجأتني لكمة أسالت الدم من أنفي وفمي، هممت أن أردها فإذا بيدي أوثقتا برباط بلاستيكي محكم، ثم تتابعت اللكمات، وفجأة توقف كل شيء وصوت يزمجر: “مو هذا يا بجم” ثم حاول أحدهم ان يوقفني فسقطت فاقداً الوعي مرة أخرى.

استيقظت على فراش وثير في غرفة أنيقة تطل على حديقة، أمامي شاشة تلفاز ضخمة بعرض الحائط، وصور مناظر طبيعية تزين جدران الغرفة، على يميني طاولة ملحقة بالسرير عليها أجهزة ريموت كنترول للتحكم في ستائر الغرفة والتكييف والإضاءة والشاشة، وموبايل أنيق مرصع بالأحجار الكريمة مربوط فيه رسالة اعتذار، وطبق فاكهة ومجموعة فاخرة من الشوكولاته والمكسرات، وعلى يسار السرير ثلاجة صغيرة مليئة بالمشروبات الغازية والعصائر والمياه، فأكلت قطعة شوكولاته وشربت ماءاً مثلجاً.

أين أنا؟ أين ملابسي وجواز سفري، ضغطت جرس الاستدعاء الذي بجانبي فدخلت فتاة شديدة الجمال، تبدو ممرضة أو هكذا، قالت لي بالعربي المكسر: أي خدمة؟
قلت لها: أين أنا؟ وما هذا المكان؟ اعتذرت بأنها مكلفة فقط بالعناية بي، وأنّ شخصاً آخر سيأتي ليتحدث معي.

ثم فحصت حرارتي وقامت بقياس ضغطي وتغيير الضمادات على رأسي وذراعي وقالت لي: استرخي، وبدأت بتدليك جسدي بعملية مساچ دغدغت اعصابي.

قلت لها: أريد استخدام الحمام، فساعدتني على النهوض من السرير وقادتني إلى حمام فاخر ملحق بالغرفة.

بعد أن انتهيت لاحظت أن حقيبة سفري موجودة، أخرجت منها ملابسي وساعدتني على ارتداءها، ثم سرحت شعري حيث يوجد طاولة ومرآة وكم هائل من أفخر العطور والماركات: شانيل، تو وان تو، وعطور عود فاخرة.. وضعت عطراً بواحدة منهم وأحسست بالانتعاش، ثم سألتني: هل أنت جائع؟
قلت نعم: لكن أرجوكِ أخبريني اين أنا؟
ردت حسناً: ورفعت سماعة الهاتف الأرضي وقالت فلتأتواْ بالطعام.

دقائق ودخل أحد موظفي المكان وأعد مائدة جميلة ومتنوعة، كنت اريد ان أجر الطاهي إلى أي نوع من الحديث، لكنه احتفظ بالابتسامة العذبة والتنويه بالاطباق الموجودة.
أكلت ثم أحسست بالخدر فنمت.

بعد ساعة استيقظت على ضجة غير تلك التي تصدر من التلفاز، كانت من الحديقة حيث كان هناك أصوات استغاثة، استندت على الأثاث حتى وصلت النافذة وفتحت جزءاً من الستارة ونظرت، فإذا بمجموعة من مفتولي العضلات يضربون شخصاً يشبهني، أدركت حينها سبب الاعتداء، هم رجال يعملون عند شخصية ما، والشخص الذي يشبهني واضح انه أخطأ في حق تلك الشخصية، وواضح أنها شخصية عربية، برغم القليل الذي سمعته كان باللغة العربية، ولكن من تشكيلة العطور العربية، واضح أنها شخصية لها علاقة بالخليج العربي، عدت إلى السرير وأدرت التلفاز بأعلى صوت ممكن، كنت أريد ان أفصل ما بيني وبين الواقع الغريب المحيط بي.

بعد ساعة فتح شخص الباب ودخل رجل متوسط الطول والسمنة يرتدي ملابس انيقة، وقال لي بلهجة خليجية: “مساك الله بالخير” رددت السلام.
قال لي: أولاً أنا اسف عما حدث لك، ثانياً اعذر الشباب لأنهم تجاوزوا الحد معاك.
قلت له: كان برغبتي أن اقول حصل خير، لكن حقيقي لن أستطيع أن اتسامح أو اعذر عصابة الهمج التي تسميهم شباب قبل أن افهم.

بقيت أسارير وجهه منفرجة، لكنه كرر الاعتذار ثم سألني: “انشالله عجبك الموبايل”
قلت له بتهكم: “يعني الموبايل مقابل العلقة اللي اخدتها من غير ذنب”.

كنت غاضباً ومتألماً وفي قرارة نفسي أدرك أن بإمكانه أن يؤذيني، وعندما طال الكلام ولم يستطع تهدئتي قال: ” كم تبغى تعويض وراح تاخده”.
قلت له: أريد العودة إلى بلدي ولا أريد مالاً. فقال: على الأقل تقبل الموبايل هدية، ثم أمر بتجهيز سيارة لتنقلني إلى المطار.

ساعدتني الفتاة على النهوض لتغيير ملابسي، واثناء ذلك وقعت على الأرض، فصحوت ووجدت نفسي في غرفتي بمنزلي وقد وقعت من على سريري، وقلت: “خير اللهم اجعله خير” فشعر بي أخي ونهض يساعدني وقال لي: “إيه مالك” فقصصت عليه ما رأيته في منامي، فقال لي: أكيد هذا مما يدور في عقلك الباطن بسبب اعتذارك عن دعوة معرض الكتاب بأبو ظبي بسبب اختباراتك، وربما تكون بشرة خير لدعوة أخرى قادمة بإذن الله.

نهضت ودخلت الحمام وأنا افكر بالأيفون الذي رأيته في الحلم، وقلت لنفسي: “ياريت كنا نقدر ناخد او نحتفظ باللي اتقدملنا بالأحلام” وحين خرجت وجدت رسالة قد وصلت على “ايميل” هاتفي، حين فتحتها وجدتها دعوة لمعرض كتاب الدوحة القادم، فقلت: الحمد لله حقاً إنها لبشرة خير.

Follow by Email
Instagram
Telegram
WhatsApp
× اتصل الآن