في الذكرى الخمسون لعميد الأدب العربي
هذا المقال سبقتني يداي لأكتبه قبل أن تستقر فكرته في رأسي، حيث تمُر اليوم ذكرى وفاة كاتب ومفكّر وشاعر مصري، من أبرز أعلام الحركة العربية الأدبية في القرن العشرين، وأحد أبرز الشخصيات المكونة لوجه مصر الثقافي والإنساني في التاريخ المعاصر، وذلك من خلال إسهاماته بكتاباته التي نالت شهرة عالمية، ومن أشهرها كتاب “الأيام”.
يعرّف الأسلوب الأدبيّ بأنّه طريقة الكاتب الخاصّة في اختيار المفردات وصياغة العبارات، تعبيراً عن المعاني لأغراض التأثير والإقناع، مع إبراز لشخصيته، وقد امتاز أسلوبه بخصائص تميّزه عمّن سواه، ولا يشترك معه أحداً غيره، كالتراكيب الموسيقية، والأسلوب التركيبي في صياغة الجمل، ومقدرته اللغوية الفذّة، وسلالة الأسلوب رغم وجود بعض الكلمات الدخيلة في كتاباته.
من خلال آرائه وتوجهاته للإصلاح والتنوير، أصبح عميداً لكلية الآداب، ثم مديراً لجامعة الإسكندرية، ثم وزيراً للمعارف، إلى جانب كونه نموذجاً إنسانياً مُلهماً، بتغلبه على فقده لحاسة البصر، واعتماده على بصيرة نافذة لا يزال ضوءها براقاً حتى اليوم… إنه عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، الذي على مدى الشهور الماضية تداولت معلومات وأقاويل في الوسط الثقافي وبين المهتمين بالتراث، عن إزالة مقبرته لجانب مقابر أخرى بمنطقة التونسي، لأجل تنفيذ أحد المحاور المرورية الجديدة، فقررت أسرته نقل رفاته ليس لمكان آخر، بل لخارج مصر.
فأقول لأسرته الكريمة التي فكّر بعض أفرادها الكرام بنقل رفات أديبنا العظيم إلى العاصمة الفرنسية باريس ودفنها هناك: أُذكركم أن برغم تعرض أديبنا لهجوم من متطرفين خلال حياته لم يترك مصر، لذلك لا يجب إخراجه منها بعد مماته؛ لأن هذا بمثابة نفي له.
كما أن مقبرة أديبنا الراحل وأسرته، الموجودة بالقرب من مسجد ابن عطاء الله السكندري، تضم أيضاً رفات ابنته أمينة، التي كانت من أوائل الفتيات اللائي حصلن على شهادة جامعية في مصر، ورفات زوجها الراحل محمد حسن الزيات، الذي شغل منصب وزير خارجية مصر 1973.
فأقترح على الدولة نقل رفات عميد الأدب العربي طه حسين إلى جامعة القاهرة ودفنه فيها باعتباره رمزاً تعليمياً وثقافياً، أو تدشين مقابر لجميع رموز مصر في شتى المجالات، ومنهم طه حسين في العاصمة الإدارية الجديدة التي تُبنى حالياً، بحيث تتحول تلك المقابر لمزارات سياحية وثقافية.
بالمناسبة اليوم يمر 50 عاماً على وفاة طه حسين حيث توفي 28 اكتوبر 1973، وبالتالي ستتحرر كل حقوق الملكية لكتبه ومؤلفاته، وبالتالي فنحن بصدد إعادة طباعة لكتبه من دور نشر مجهولة كما حدث مع كتب العقاد بداية من عام 2014 عندما مر على وفاته هو أيضاً 50 عام، حيث تدخلت دور نشر في تغيير عناوين كتبه، فجعلت كتاب عثمان “عبقرية عثمان” برغم أن العقاد لم يُقر هذا الاسم، بل وصل الأمر بالتدخل وتحقيق كتابات العقاد نفسها في بعض دور النشر ذات الطابع السلفي، وكل ذلك والعقاد كاتب مُحافظ، فما هو المتوقع تجاه كتب طه حسين بداية من اليوم؟!
أعتقد أنها ستكون مذبحة ومأساة أكبر من مأساة هدم مقبرته.
المزيد من الموضوعات
عمر الشريف يكتب: ليتني أعود طفلاً
أسامة حراكي يكتب: في يوم الطفولة العالمي
امسية ثقافيه وندوة ادبية بمقر حزب الوفد بطنطا…