عن مبيعات الكتب بعد المعرض
شهد الإنتاج الروائي في العالم العربي خلال السنوات الأخيرة غزارة غير مسبوقة، ويطرح هذا الكم الكبير من الأعمال الروائية المنشورة تساؤلات عن مدى تأثير هذا الكم على قيمة الرواية العربية ومدى حضورها.
إن تحرينا مبيعات قوائم الروايات الأكثر مبيعاً في السنوات الأخيرة لن نحصل على الرقم الدقيق، لأن دور النشر الكبيرة لا تصرح عن أرقام مبيعاتها، إلا إذا تعلق الأمر بعدد طبعات الروايات الناجحة، وهذا التعتيم ليس محصوراً في دور النشر والتوزيع وحدها بل في مجالات أخرى، وهو ما يصعب مهمة الباحثين من محاولة فهم ظاهرة “بيست سيلر” (الروايات ذات المبيعات الجماهيرية الواسعة) ظاهرة وجدت وانتشرت مع ظهور دور النشر الخاصة التي استخدمت هذا الأمر نوعاً من الترويج، ظاهرة ينبغي الوقوف أمامها بنوع من التحفظ لأنها مضللة ولا يمكن القياس عليها أو التعامل معها كما في البلدان المتقدمة أو البلدان التي تقرأ كثيراً، فقد تدعي بعض دور النشر أنها طبعت لإحدى الروايات عشرات الطبعات، في حين تكون كل طبعة لا تتجاوز ألف نسخة، لأن حجم سوق الكتاب في العالم العربي محدود جداً، كما أن هناك طبعات لا يدري عنها القارىء أو المتابع شيئاً سوى أقاويل دور النشر، ولا مجال للتأكد من هذه الأقوال في ظل غياب ثقافة الإحصاءات، وتوافر المعلومات والمراقبة من الجهات المؤسسية المنضبطة، التي تقدم تقارير صادقة عن حركة الإصدارات والطبعات وأعدادها وما وزع منها، في فوضى التصريحات الدعائية لدور النشر.
إن من أهم الأسباب التي تسهم في زيادة توزيع النصوص الروائية، تحويلها إلى أعمال درامية سينمائية أو تلفزيونية، مثل ما تم لروايات “عمارة يعقوبيان” و”الفيل الأزرق” وكثير من الأعمال، كما تسهم حركة الترجمة إلى اللغات الأجنبية في رواج الأعمال الروائية.
فلنكتب دائماً النص الذي يعيش بعد موتنا، والذي يفتح للقارئ مساحة جديدة يفكر فيها، لنكتب النص الذي يجعل الناس تستشهد به ولنبتعد عن “التريند” لأنه وسيلة رخيصة جداً يدل على فقر تفكيرنا..
(التريند هو اتجاه معين لتحرك الأسعار، ويتم تقييم سلوك الترند أو الاتجاه عند إجراء التحليل الفني، الاتجاهات قد تكون هابطه وتعرف باسم اتجاهات “الدببة” وقد تكون صاعدة وتعرف باتجاهات “الثيران” أو اتجاه أفقي “اتجاهات فارغة”).
فالمعرض ليس موسم لإصدار الأعمال الجديدة، لكنه فرصة كبيرة لتسويقها، هو في الأصل حدث سنوي، احتفالية للناشر يكلل فيها مجهوده على مدار أعوام مضت ويحتفي ويستعرض الإصدارات الجديدة، وليس النجاح هو كمية المبيعات في المعرض، النجاح الحقيقي أن نكسب قراء جدد على مدار السنة، النجاح الأكيد هو المبيعات بعد المعرض، والذي يظهر فيه عدد القراء الحقيقين بعيداً عن مجاملات المعرض.
فعلى كل كاتب أن ينظر لتجربته ويلمس تفاعل الناس معها، ويسمع صداها، فإن لم يجد لها صدى بعد المعرض، عليه أن يعيد النظر في مدى وصوله للجمهور، وأنه بحاجة أن يعمل أكتر على تسويق نفسه وتسويق العمل الجديد.
المزيد من الموضوعات
أسامة حراكي يكتب: التراث
وزارة الثقافة تحتفي بمبدعي ومثقفي مصر في إحتفالية “يوم الثقافة ” 8 يناير القادم…
عمر الشريف يكتب: فلا يؤذين