وسيط اليوم

جريدة الكترونية عربية

كيف بدأ الهبد؟! بقلم الدكتور مصطفى زلوم

يقال بأن مُجَرِباً أراد أن يصنع شيئا نافعاً للبشرية. لكنه لم يكن يعرف ما هو هذا الشيء على وجه التحديد، فأتى بمعادن مادية أولية.. فجاء بحديد، وبلاستيك، وسيليكون، ونُحاس، وألمونيوم، وبلاتين، ورصاص، ثم وضعهم في إناء كبير، وقام بالتسخين عليها.

وعند درجة حرارة معينة، بدأت المواد الصلبة تنصهر بعدما كانت المعادن اللينة قد ذابت تماماً. وفشلت التجربة! غير أن الرجل لم ييأس وعاود المحاولة، معتقداً أنه سوف يصل لاختراع عظيم يكون له شأن كبير! ومحاولة وراء محاولة دون يأس أو ضجر. كانت المفاجئة الفظيعة!

بعد عدة محاولات بئن بالفشل الذريع، وبعدما شعر المُجرب بالتعب والإرهاق. ترك الإناء يبرد بعدما ذابت به المواد للمرة المائة، أو للمرة المائتين.. أو ربما للمرة الألف، نام المجرب بعيدا عن الإناء ليستريح، على أن يقوم من نومه في الصباح ليتخلص مما فيه، ويعيد التجربة من جديد، علّه يصل لحلمه في خلق شيء لا يعرف ما هو! وقام الرجل صباحاً ليجد بالإناء عجب العُجاب! لقد وجد المجرب الدءوب بإنائه جهاز كمبيوتر بدائي!

وبعد عدة تطويرات أجراها الرجل المجرب. وصل للنسخة المقاربة لما كنا نراه بالماضي! لتتلقفه الشركات المطورة للأجهزة بعدة تحديثات حتى وصلنا لجهاز الحاسوب المتطور الرائع، ووصل إلينا الكمبيوتر الجميل الرائع الخرافي!

هل صدَّقت هذه القصة الخرافية؟ (لا..؟) إذن بماذا تحكم على من يصدقها؟! وبماذا تحكم على من قال بأن الضرب العشوائي على أزرار الآلة الكاتبة عدة مئات من المرات قد يصل لأن تجد بالأوراق رواية لموليير! أو قصيدة لشيكسبير؟! هل هو مخرف؟ أم من الممكن أن يكون ذلك صحيحاً! ولو كان صحيحاً.. فما نسبة نجاحه؟ أو ما نسبة دقة النص الذي سوف تحصل عليه من الضرب العشوائي على أزرار الآلة الكاتبة؟ هل سيكون دقيقاً متماسكاً له “حبكة” إن كان رواية. أو متسق القافية والقالب لو كان قصيدة!!

ما سقته لك في المقدمة، القصة الخرافية السخيفة. والتي لا تنطلي على طفل، بل على طفل معاق ذهنيا هي لب نظرية «الأكوان المتعددة» أو ما تسمى بنظرية «M»، والتي قدمها العالم الأمريكي المتخصص في الفيزياء النظرية، «إدوارد ويتن» والذي يشغل منصب أستاذ الفيزياء الرياضية في معهد الدراسات المتقدمة الأمريكي. والتي تعد أحدى النظريات الناتجة عن فكرة الأكوان المتعددة التي طرحها العالم الإنجليزي الراحل «ستيفن هوكينج » أستاذ الفيزياء النظرية وعلم الكون بجامعة إكسفورد. تلك النظريات العظيمة التي يتبناها ويؤمن بها الملحدون، ولا يقبلون فيها أي تشكيك من ناحيتك. بل ويحكمون على الغير مؤمن بها بالكفر بالعلم المجرد، وبأن مصيره النار.. ولكن نارهم تلك التي ستحرق غير المؤمنين بما يقدسون لو قلنا لهم ربما ستصهر الكافرين بعلومكم وتخرج من منصهرات أجسادهم كائنات أخرى أكثر رقي وتقدم سيضحكون منك. رغم إن الخلية الحية موجودة بالأساس، ما يجعل المهمة أسهل من ذي قبل حين خُلِقَ الكون الحي “عشوائياً” بدون الخلية الأولى.. بحسب ما يعتقدون!

طالما أننا ننظر للغرب على أنه رمز التقدم، وأن الوارد منه هو فقط الحق المبين، وطالما أننا نرضى بالتقزم والانسحاق. فإن عملية التلاعب بالأفهام بخير وفير! ومخاطبة المعقول الساذجة تسير على قدم وساق. فقط اكتب عدة مصطلحات باللغات اللاتينية، مع استشهاد من شخص غربي اسمه غير دارج للعيون، تحتاج قراءته عملية استهجاء طويلة. وستجد الآف المنبهرين يصرخون من فرط الإعجاب بتلك التفاهات! ويوسمونك بالعالم الذي بلا حدود، ثم يجلسون يندبون الحظ العثر الذي جعلهم من أتباع كتب تراثية! تحكي قصصاً لا يرونها من الصدق بمكان!

أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ.

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، ‏‏جلوس‏‏‏

Follow by Email
Instagram
Telegram
WhatsApp