يعتبر موضوع المرأة أحد الموضوعات الأكثر إثارة للجدل في الأوساط الثقافية والفكرية والسياسية في العالم العربي خاصة في العقد الأخير من القرن الماضي وبداية هذا القرن.
فقد شكلت هذه المسألة محور استقطاب وسجال حادين بين مشروعين مجتمعيين يؤطران أغلب النقاشات والتحليلات المطروحة في الساحتين السياسية والثقافية بشأن عدد من القضايا الاجتماعية.
وغدا موضوع المرأة في ظل هذه الأجواء واجهة للصراع الثقافي والسياسي
وخطاً للدفاع أو الهجوم في الكثير من المناسبات
مما غيب فرص البحث الموضوعي والحوار الهادئ وفسح المجال أمام تناولات جزئية
ساهمت في تغييب الرؤية الشمولية لهذه القضية المجتمعيه
لا بل إن الموقف من قضايا المرأة أصبح معياراً لتصنيف وتقييم التيارات المجتمعية في علاقتها بثقافة حقوق الإنسان الاستجابة لتوصيات المؤتمرات الدولية المتعلقة بالموضوع.
أولاً: المرأة المسلمة موضوع تمثلات سلبية
أذكر أنه في ببعض الفعاليات النسائية المنتمية لثقافات أخرى وبعد الكلام الدبلوماسي المعروف في مثل هذه الاجتماعات سرعان ما تبادر بعض محدثاتي إلى سؤالي عن وضعية المرأة المسلمة ولباسها وعلاقتها بالرجل؟
وكثيراً ما أستشعر لدى الآخرين تمثلات سلبية عن أوضاع المرأة في المجتمعات العربية والإسلامية.
إن هذه التمثلات والاستفسارات المباشرة وغير المباشرة تدعونا إلى كثير من التأمل
فهي من جهة تؤكد ضعف التواصل الحضاري والثقافي بين الشعوب
وجهل كل ثقافة بخصوصيات الثقافات الأخرى
ومن جهة أخرى تبين أن الهيئات الدولية والإقليمية القائمة لم تؤد وظيفتها بعد في التعارف الحضاري والتثاقف المطلوب. والنتيجة الطبيعية لضعف التواصل والتعارف بين الشعوب هو تكوين صورة ذهنية نمطية سلبية عن الآخر وفي عادة ما تستبطن هذه الصورة السلبية في عمقها خلفية تنطلق من اعتبار وضعية المرأة المسلمة في المجتمعات العربية والإسلامية وضعية سلبية.
فهي امرأة مضغوطة اجتماعياً مهمشة سياسياً متحكم فيها. وعادة ما يتم تحميل الدين مسؤولية هذا الظلم والحرمان من الحقوق الذي تعيشه النساء في بعض المجتمعات الإسلامية التي لازالت تعاني من تخلف حضاري عام.
إن هذا الأمر جعل أدرك حقيقة مفادها أن البشرية اليوم لم تتعرف على رسالة الإسلام ومقاصده العليا، التي تتسم بالعالمية والخلود والرحمة، قال تعالى: ﴿ومَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء:107]. ومفهوم الرحمة هنا يدل على بعد إنساني عميق، نابع من تكريم الحق سبحانه للإنسان، ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾ [الإسراء:70]. وقد جاء هذا الخطاب في بيئة عرفت انحرافات اجتماعية وأخلاقية كبيرة حيث استعبد الإنسان واتخذ سلعة ومتاعاً يباع ويشترى في الأسواق
فالمرأة في العصر الجاهلي قبل مجيء الإسلام كانت محرومة من كل الحقوق لا ترث ولا تَمْلك ولا يعترف بآدميتها وإنسانيتها بل تورث كالمتاع ووصل الأمر إلى حد وأد البنات وهن أحياء من جراء ثقافة كره البنات واعتبارهن مصدراً للعار و لقد شكل مجيء الإسلام ثورة اجتماعية حقيقية وعميقة لصالح المرأة أعادت التوازن الاجتماعي المطلوب وأسست لمفهوم الكرامة الإنسانية والمساواة بين الجنسين
إن الوعي بهذا الأمر يقتضي إطلاق مبادرات عالمية لمنع ازدراء الأديان السماوية والاستهزاء بالأنبياء
و ذلك أن من شأن عدم احترام الخصوصيات الدينية للشعوب أن يغذي حركة التطرف في كل الاتجاهات
و غير أنه للأسف الشديد توجه حملات ممنهجة ضد الإسلام والمسلمين ويتم التركيز على تقديم صورة المرأة المسلمة في الإعلام الغربي بصورة نمطية سلبية لتبرير هذا السلوك.
فهي إما أنها امرأة مغطاة كلياً ومحرومة من التعليم ومن المشاركة في بناء المجتمع أو هي المرأة الجسد التي تروج لثقافة “ألف ليلة وليلة”، ولا تصلح إلا للمراقص والإغراء وحتى التقارير التي تنجز عن المرأة في البلدان الإسلامية من قبل العديد من الهيآت والمؤسسات الدولية تركز أحياناً على قضايا جزئية تختزل واقع المرأة المسلمة في قضايا الأحوال الشخصية
وأذكر في هذا السياق تقرير باللغة الفرنسية عن المساواة بين النساء والرجال:
“Egalité entre les femmes et les hommes: une condition du succès du Printemps arabe”
الذي قدمت في لجنة المساواة ومكافحة التمييز في الجمعية البرلمانية بمجلس أوربا في أبريل 2012م، الذي اختزل واقع المرأة في دول الربيع العربي في زواج الصغيرات وقضايا الإرث وتعدد الزوجات وقدم صورة قائمة عن المرأة في هذه الدول خاصة المغرب وتونس مع أن هذه البلدان قامت بإصلاحات عميقة في مجال النهوض بقضايا المرأة.
وأشير إلى مثال آخر وهو الصورة السلبية للمرأة المسلمة في الإعلام الأمريكي
ففي المتحف العربي الموجود في ولاية ميشيغن (Michigan) مثلاً، أثار الانتباه التعبير عن وضعية المرأة المسلمة من خلال لوحتين الأولى امرأة منقبة قسراً محرومة من المشاركة في الحياة العامة، والثانية امرأة عارية لا تتقن إلا الإغراء والغواية.
أمام هاتين الصورتين المتقابلتين والمتناقضتين تغيب الصورة الحقيقية للمرأة المسلمة وهي المرأة المعتزة بهويتها المنفتحة على واقعها وعلى محيطها المرأة التي تواكب هموم الإنسانية وتساهم في معركة البناء الحضاري.
ثانياً: مقاربة قضايا المرأة في إطار المفاهيم والمبادئ الكلية التأسيسية للإسلام
إن التصور الإسلامي للمرأة ينبغي أن يؤطر بمنطلقات منهجية ومفاهيم كلية تترجم المكانة الحقيقية للمرأة في هذا الدين.
ومن أهم هذه المفاهيم:
مفهوم تكريم الإنسان ذكراً كان أو أنثى.
قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾ [الإسراء:70].
مفهوم الاستخلاف في الأرض: انطلاقاً من قول الحق سبحانه:﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾
[البقرة:30]، وقوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الأَرْضِ﴾ [الأنعام:165] وقوله سبحانه: ﴿وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْض﴾ [النمل:62].
مفهوم المساواة بين بني البشر: إن التصور الإسلامي للمرأة ينطلق من أصل المساواة ليس في الحقوق فقط، بل فيما هو أعمق من ذلك وهو أصل الوجود. قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً﴾ [سورة النساء:1].
فالمساواة بين الرجال والنساء تعتبر أصلاً من أصول النظر الإسلامي في قضية المرأة. “فالرجل والمرأة في نصوص الشرع متساويان شقيقان لا يجوز معاملة أحدهما بالتمييز أو التفضيل أو المحاباة. وأهمية توضيح هذا المبدأ يظهر في أن مساواة الجنسين في مجال أوامر أو حكم لا يحتاج إثباته إلى دليل لأنه الأصل. والذي يحتاج إلى البحث عن الدليل هو عدم المساواة وتخصيص النساء بأحكام مميزة”[1].
وأدلة هذا الأصل في الشريعة الإسلامية كثيرة منها[2] كون الرجل والمرأة متساويان في أصل الخلق والتكوين ومتساويان في المسؤولية والعمل والجزاء ومتساويان في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والهجرة والجهاد والاستشهاد ومنها أن النصوص الشرعية تجعل التفاضل بين المسلمين ذكوراً وإناثاً على أساس التقوى لا على أساس الجنس ومنها ما أكده جمهور الأصوليين من أن خطاب الذكور في نصوص الشرع سواء كان بالمفرد المذكر أو بالجمع المذكر يخاطب النساء والرجال معاً دون أي تفريق أو تمييز إلا إذا وجدت قرينة مخصصة
ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما النساء شقائق الرجال»،[3] وهو نص صريح وارد بصيغة العموم يقتضي أن الأصل في الشريعة الإسلامية مساواة النساء بالرجال.
ويرى الشيخ محمد الغزالي رحمه الله أن المساواة بين الرجل والمرأة هي الأصل وأن الفروق بينهما استثناء.
قال رحمه الله: “إن الذي يتدبر القرآن الكريم يحس المساواة العامة في الإنسانية بين الذكور والإناث، وأنه إذا أعطى الرجل حقاً أكثر فلقاء واجب أثقل لا لتفضيل طائش”[4].
وبناءً على ما سبق فالمرأة كائن حر مخير ومستقل مسؤول ومحاسب في تبعات اختياراته، إذ من المعلوم أنه ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ﴾[سورة الزمر:7] ﴿وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ﴾ [سورة النجم:39].
وهكذا فالمرأة مستقلة في أفعالها ومسؤولة عن أعمالها. ومن مظاهر الاستقلالية اتفاق جمهور فقهاء الإسلام على أن للمرأة كامل الحرية والاستقلالية في إدارة أموالها واستثمارها وسائر التصرفات دون أي سيطرة عليها في شيء من ذلك للرجل من قريب أو زوج. وكل استثناء من هذا الأصل لا يكون إلا بنص ولا يتوسع فيه إلا بدليل، وهي استثناءات تتعلق في الغالب بالأسرة والعلاقة بين الزوجين[5].
ثالثاً: منطلقات منهجية:
1. التمييز بين الأصول الشرعية الثابتة والاجتهادات المتغيرة
إن الوعي بحقيقة دور المرأة تحقق فعلاً في نساء الرعيل الأول، اللواتي قدمن البيعة للنبي صلى الله عليه وسلم في أيام العسر وقبل أن يشتد عود الإسلام، ورابطن على الثغور وقدمن أرواحهن مقابل المعتقد. نساء عهد النبوة وصدر الإسلام قدمن شواهد عن وعيهن بحقيقة أدوارهن في الحياة
كما أن العلاقة بين الجنسين حكمتها منظومة الأخلاق العامة التي تؤطر المجتمع دون تكلف مصطنع.
إن المرأة المسلمة في عصر الرسالة التي تعد نموذجاً لتحرير المرأة أدركت رسالتها ودورها في بناء المجتمع، وانطلقت بثقة وعزم في مسيرة الإصلاح والعطاء خدمة للصالح العام. وأذكر هنا قصة أم سلمة التي سمعت نداء المنادي وهو ينادي في الناس فأحست بالمسؤولية في متابعة ومواكبة الشأن العام وذلك ما يعبر عنه بجلاء حديث عبد الله بن رافع قال:
«كانت أم سلمة تحدث أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر وهي تمشط: أيها الناس فقالت لماشطتها: كفي رأسي وفي رواية فقلت للجارية استأخري عني
قالت: إنما دعا الرجال ولم يدع النساء، فقلت: إني من الناس»[6]
فقول أم سلمة: “إني من الناس” يعبر عن وعي سياسي واجتماعي عميق بضرورة الانخراط المرأة في قضايا الأمة وتدبير شؤونها.
لقد تعرضت الأحكام الشرعية المرتبطة بالمرأة إلى كثير من المبالغات وسوء الفهم بسبب الظروف الاجتماعية والسياسية التي أنتجت بعض الفتاوى، وكذا وضع المرأة في عصور الانحطاط التي توقف فيها الاجتهاد وكثر التقليد وتخلف المسلمون فيها عن فهم رسالة الإسلام الخالدة ودور الإنسان في عمارة الأرض.
2. التمييز بين واقع المرأة المسلمة والدين الإسلامي
إن معرفة موقع المرأة في المرجعية الإسلامية،سيمكننا من التمييز بين النموذج المعياري والنموذج التاريخي.
لقد عرفت أوضاع المرأة اختلالات كبرى عبر التاريخ وتداخلت العادات الاجتماعية مع التطبيقات الدينية السليمة، مما يفرض إطلاق مسيرة البحث والاجتهاد العلمي والفقهي وتحرير فهم الدين وتطبيقه من أسر صور ونماذج التطبيقات غير السليمة.
وهكذا ينبغي التمييز بين القيم الدينية الأساس والأحكام الشرعية التي تتضمنها النصوص الصحيحة الثابتة
وبين الصور التطبيقية التي أملتها ظروف البيئة المشبعة بالموروث الثقافي والمرتهنة لثقل العادات والتقاليد
فالنظم الاجتماعية نتيجة لتفاعل الإنسان مع بيئته ومحيطه، ومهمة التجديد والمجددين هي إحياء القيم الدينية الأساسية في بناء المجتمع السليم وتوجيهه وجهة الخير والصلاح.
ومن العلماء الذين وهبوا فكرهم لهذه القضية الشيخ محمد الغزالي رحمه الله ومن أقواله في هذا الصدد:
“إن هناك تقاليد وضعها الناس ولم يضعها رب الناس، دحرجت الوضع الثقافي والاجتماعي للمرأة واستبقت في معاملتها ظلمات الجاهلية الأولى وأبت إعمال التعاليم الإسلامية الجديدة فكانت النتائج أن هبط سوق التربية ومال ميزان الأمة كلها مع التجهيل المتعمد للمرأة والانتقاص الشديد لحقوقها”[7]. وقد استنكر الشيخ رحمه الله بأسلوبه المعهود تهميش المرأة فقال:
“المرأة عندنا ليس لها دور ثقافي ولا سياسي، لا دخل لها في برامج التربية ولا نظم المجتمع، لا مكان لها في صحون المساجد ولا ميادين الجهاد، ذكر اسمها عيب، ورؤية وجهها حرام، وصوتها عورة ووظيفتها الأولى والأخيرة إعداد الطعام والفراش”[8].
إن تفعيل التجديد والاجتهاد لن يتأتى إلا بتخليص التصور الإسلامي من التقليد والغلو والتشدد والمخلفات الفكرية السلبية التي تنشأ من سوء فهم الدين والخضوع للتقاليد الاجتماعية المكرسة للتمييز ضد المرأة وهذا لا يعني إغفال الاستجابة للتطورات التي عرفتها الحياة الاجتماعية والاقتصادية وما تعانيه المرأة في ظلها من صعوبات وإشكالات تختلف من مجتمع لآخر وتلتقي في كثير من المظاهر
فالمشكل الذي تعاني منه المرأة أساساً ليس هو الدين بل هو التخلف العام الذي أصاب المجتمع وأبعدها عن إرساء دعائم التنمية الحقيقيةالتنمية بمفهومها الشمولي التي تستحضر الإنسان وحاجاته المتعددة الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية
فبقدر ما يرتفع منسوب التنمية السياسية والدمقرطة والتطور تتحسن وضعية النساء باعتبارهن المتضرر الأول من الاستبداد السياسي وضعف مؤشرات التنمية البشرية في مختلف المجالات.
3. أن الأحكام المرتبطة بالمرأة تفسر في شموليتها ولا تؤخذ مجزأة إن التشريع في قضايا المرأة والأسرة لا يمكن فهمه بشكل مجزأ فهو بنية متراصة ومنظومة متكاملة يكمل بعضها بعضاً ويفسر بعضها البعض الآخر. فالشريعة الإسلامية قائمة على أن الأحكام الشرعية لا تؤخذ بشكل مجزأ بل تفهم في شموليتها وتكاملهاوتفسر في نطاق تشريع أسري متكامل يضمن التوازن النفسي والاجتماعي للإنسان تشريع اهتم بالإنسان وسعى لإقرار استقراره وسعادته، فأحكام الإرث وأحكام الزواج والطلاق وأحكام النفقة وأحكام النسب والأحكام المنظمة للعلاقة بين الجنسين وغيرها من الأحكام المرتبطة بالأسرة وبالنظام العائلي هي أحكام تكون وحدة منسجمة تعبر عن فلسفة النظام العائلي بل النظام الاجتماعي في الإسلام
وهذا النظام يقوم على عدة مبادئ وأسس منها رعاية التوازن بين الحقوق والواجبات وبين الحرية والمسؤولية، ويؤدي إلى تحقيق مقاصد الاجتماع البشري المتمثلة في ضمان التوازن النفسي والاستقرار الاجتماعي وهذا تحد حقيقي يسائلنا عن المجهودات المبذولة للتعريف بالصورة الحقيقية للمرأة في الإسلام من قبل المؤسسات الرسمية والمدنية، الصورة المبنية على مبادئ المساواة والكرامة والإنصاف والاستقلالية والمسؤولية.
في الختام أؤكد أن الدين الإسلامي في مصادره الأصلية وتطبيقاته السليمة ليس فيه ما يشرع أو يدعو للانتقاص من المرأة أو للتمييز السلبي ضدها. بل بالعكس هناك تمييز إيجابي لصالح المرأة في كثير من القضايا، وبعض التدابير والأحكام المحدودة التي يجتزؤها البعض من سياقاتها الثقافية هي إجراءات وتدابير ينبغي أن تفهم في إطار تلك السياقات، وينبغي أن تفهم في سياق التغاير والتنوع الثقافي الذي هو ثراء للبشرية وحق من حقوق الإنسان.
فمطلوب من النخب المؤهلة والمؤسسات العلمية بذل الوسع والجهد الفكري اللازم على المستوى النظري لتحويل الأحكام العامة إلى مقولات مؤطرة ومفاهيم موجهة. إضافة إلى التعريف بالأنظمة الاجتماعية الموجودة في الإسلام وأهمها نظام الحماية الاجتماعية الذي تتمتع به النساء كما ينبغي التعريف بالنماذج النسائية الناجحة في الواقع وعبر التاريخ في مختلف المجالات وهي نماذج كثيرة تحتاج لمزيد من تسليط الضوء عليها.
وتجدر الإشارة أن المنظومة الإسلامية تزخر بجوانب مضيئة ومتقدمة وتشكل بلسماً لكثير من المشكلات النفسية والاجتماعية التي تتخبط فيها البشرية اليوم لكن تحتاج إلى مجهودات متكاملة لبيانها وحسن تقديمها وعرضها.
المزيد من الموضوعات
ندوة أدبية وثقافية بحزب الوفد بطنطا…
اللواء محمد البربري رئيس جهاز الحماية المدنية سابقا و أحد أبرز كوادر حماة الوطن بالغربية في حوار مع وسيط اليوم …
كلمة للتاريخ يوما ما سيجئ الحساب…