وسيط اليوم

جريدة الكترونية عربية

إنا لله وإنا إليه راجعون..

بقلم: عماد برجل

إنتقلت إلى رحمة الله تعالى بالأمس القريب المرحومة “عيب”..

المرحومة “عيب” كانت قائدة ورائدة للمجتمع الراقي فى زمن الآباء والأجداد…

أدارت العلاقات بالذوق والإتيكيت ووضعت حجر الأساس لأصول التربية السليمة.

تحياتي لتلك الكلمة التي سمعناها سلفا من أفواه الأمهات والآباء وتقبلناها بحب وتعلمنا أنها ما قيلت إلا لتعديل سلوكنا فاعتبرناها مدرسة مختزلة في ثلاثة أحرف.

تحياتي لأكاديمية “عيب” التي تخرجت منها زوجات صابرات صنعن مجتمعات الذوق والإحترام وتخرَج منها رجال بمعنى الكلمة كانوا قادة فى الشهامة والرجولة.

أبجديات “عيب” جامعة بحد ذاتها وحروفها المجانية بألف دورة مدفوعة التكاليف.

بحروفك يا كلمة “عيب” قدَّر الصغير الكبير وإحترم الجار جاره وتداولنا صلة الأرحام بمحبة وشوق.

كان الأب يقف ويقول “عيب” عمك، خالك، جارك، سلِّم، صافح، سامح. 

كان يقول للبنت “عيب” لا ترفعي صوتك، “عيب” لا تلبسي كذا.. فترَبين البنات على الحشمة والستر والأدب والعفاف. 

وتربى الشباب على غض البصر، “عيب” لا تنظر للنساء،

“عيب” لا ترفع صوتك بوجه أستاذك، لا تهزأ من المسن، 

وتربى الصغار على “عيب” لا تنقلوا سر الجار والدار، 

لا تسأل صديقك ما دينك و ما طائفتك؟

“عيب” كانت منبراً وخطبة يرددها الأهالي بثقافتهم البسيطة، لم يكونوا خطباء ولا دعاة أو مفتين، وإنما هي كلمتهم لإحياء فضيلة وذم رذيلة. 

ثُرْنا على كلمة “عيب” ذات يوم عندما قلنا: علمونا “العيب” قبل الحرام، وتمردنا عليها ظنا منا أننا سنعلم الجيل بطريقة أفضل، فأخذنا الحرام سيفا بدون “عيب”، فنشأ جيل جديد لم يفلح فى غرس كلمة “عيب” ولا شقيقتها الكبرى “حرام” فى التفاهم مع سلوكياته، أو مع التطوير والتزوير المستمر في العصر والمفاهيم والقيم، حتى ماتت كلمة “عيب” وإنتهت من قاموس التربية. 

تحياتي من القلب للمرحومة كلمة “عيب”، ولكل الأجداد والآباء الذين إستطاعوا أن يجدوا كلمة واحدة يبنوا بها أجيالا تعرف الأدب والتقدير والاحترام.. في الوقت الذي أخفقت محاولتنا بكل أبجديات التربية المتطورة.

Follow by Email
Instagram
Telegram
WhatsApp