كان يامكان على مر الزمان والايام تتوارث الاجيال وتتجدد الأفعال فكان لنا لقاء وقصه من قصص الزمان
يحكي أن في قديم الزمان كان يعيش رجل حكيم صالح، عرفه الناس بالتقوي وخوف الله عز وجل حتي عظم شأنه بينهم، فقرروا ان يختاروه سلطاناً عليهم.
وبدأ هذا الرجل يحكم قومه بالعدل والاحسان ويأمرهم بالتسامح والعمل والتعاون وان يساعد الغني منهم الفقير وان يعين القوي الضعيف وان يعلم العالم منهم الجاهل، فعم الخير والرخاء في البلاد، وعاش الناس في سعادة وسلام، وكان السلطان العادل يقابل من يأتي اليه طالباً العون او المساعدة بالبشري والترحاب، وكانت الابتسامة لا تفارق وجهه، فأحبه الجميع وكنوا له كل ود واحترام ومهابة واطلقوا عليه اسم السلطان الحكيم لأن احدا لم يكن مثله في مكارم الاخلاق وحسن الطباع .
علم الشيطان بأمر هذا الملك العادل، فحزن حزناً شديداً، وقال في نفسه : لقد غلبني هذا الانسان، فأنا اوسوس للناس بالشر، وهو يأمرهم بالخير والعدل والاحسان، يجب أن افكر في طريقة للتخلص منه، وبالفعل وردت للشيطان فكرة خبيثة فقرر أن يذهب الي هذا السلطان وهو نائم وينفخ في اذنيه بقوة، حتي يصاب الملك الحكيم بالصمم ولا يتمكن من سماع شكوي الناس ومظالمهم ولا يستطيع ان يحكم بينهم وبالفعل نفذ الشيطان فكرته الشريره .
استيقظ الملك من نومه، فشعر بألم شديد في اذنيه، زاره الاطباء ولكنهم عجزوا عن علاجه، وقالوا في حسرة شديدة : لقد اصيب مولانا الملك بضمم شديد لا علاج منه ..
ذات يوم جاء احد الرجال المظلومين الي الملك يريد أن يطلب منه العون ويشرح له شكواه، إلا ان السلطان لم يتمكن من سماعه، فأخذ المظلوم يبكي وهو يقول : لقد ضاع حقي، من سيستمع الآن الي شكواي ؟
قام الملك الصالح للصلاة ودعا الله عز وجل ان يرشده الي طريق الحق والصلاح حتي يتمكن من الحكم بالعدل بين الناس، فهداه الله عز وجل الي فكرة طيبة، وادرك الملك انها إلهام من الله عز وجل، فجمع السلطان المنادين وامرهم ان يجمعوا الناس عنده، شريطة أن يلبس كل مظلوم ثوباً احمر حتي يراه السلطان ويتعرف عليه ويذهب عنه اسباب حزنه .
فرح الناس بهذا الامر ووجد كل صاحب مظلمة طريقه الي قضاء حاجته لدي السلطان، وعندما علم الشيطان بما حدث ازداد حزنه فهو العدل الاول والاكبر لبني آدم، عاد الشيطان من جديد يفكر في خطة يتمكن بها من افساد امر الملك الذي اصبح يتعرف علي كل مظلوم يلبس ثوباً احمر ويدعوه إليه، ويطلب منه ان يكتب شكواه علي الورق حتي يقرأها الملك ويحقق في مظلمته، فقال الشيطان في نفسه : سوف اجعل السلطان اعمي لا يبصر .
وبالفعل تسلل في الليل وضرب بقوة علي عيني السلطان خلال نومه، فاستيقظ يصرخ من الالم والزعر قائلاً : لقد اصبت بالعمي، اعتكف السلطان حزيناً في داره واخذ يدعو الله ويصلي ليل نهاراً، فكيف يستمع الآن للمظلوم بعد ان اصبح اصم واعمي، وقرر ان يعرض علي الناس أن يختاروا سلطاناً غيره . لكن الناس رفضوا ذلك وتمسكوا به، واجتمع كبار الاطباء حول الملك يحاولون اعادة بصره إليه، ولكنهم عجزوا عن ذلك، فكانوا كلما صنعوا علاج للملك افسده الشيطان، اشتدت حيرة الناس وفكروا كثيرة ماذا يفعلون بأمر السلطان الصالح الحكيم، فقال قائل منهم : نلجئ الي الله عز وجل، فالله سبحانه وتعالي لا يتخلي عن احد من عباده، وليس امامنا الا الدعاء للسلطان بقلوب صادقة مؤمنة .
اجتمع الناس في المساجد وظلوا اياماً يصلون ويدعون الي الملك الحكيم وذات صباح استيقظ الملك وقد عاد إليه سمعه وبصره، واخذ يشكر الله عز وجل علي نعمه وفضله، وفرح الناس كثيراً وتولي الشيطان حزيناً مدحوراً، لقد هزمت آيات القرآن كل كيد الشيطان فباب الله قبلة المؤمنين الصالحين وهذا هو خير طريق يسلكه الانسان .
المزيد من الموضوعات
أسامة حراكي يكتب: التراث
وزارة الثقافة تحتفي بمبدعي ومثقفي مصر في إحتفالية “يوم الثقافة ” 8 يناير القادم…
عمر الشريف يكتب: فلا يؤذين