الوعي …..
بقلم اللواء مهندس السيد نوار
وسيط اليوم
2/3/2022
التواضع….
التواضع هو من أصعبِ المهاراتِ النفسيَّة و الاجتماعيَّة على الإطلاق لأنَّه يعكس حقيقتَه في المعنى اللغوي و الجوهري للكلمة و ليس في معناها الصوري و السلوكياتِ الاجتماعيَّةِ المُتخمة بالنفاق.
يقولُ لك شخص أنَّه مجردُ عبدٍ فقير أو أنَّهُ لا يستحقّ الثناءَ أو أيَّ كلامٍ آخرٍ يعطي الانطباعَ بأنَّهُ متواضعٌ هو يفعلُ تماما هو فقط يحاولُ أن يعطيكَ الانطباعَ بأنَّهُ متواضع.
هذا الفعلُ لا يختلفُ في شيءٍ عن أيِّ فعلٍ اجتماعي يهدف شعوريا أو لاشعوريا إلى أن يستعرِضَ حركاتٍ بهلوانيَّة يقولُ لك فيها: انظر. أنا أُحْسِنُ حركاتِ اللباقةِ الاجتماعية.
كل ذلكَ ما هو إلا تعال مقنَّع.
فالتواضعُ الحقيقيّ يمارَسُ في سر النفسِ و غالبا ما لا تراهُ على صيغةِ تواضعٍ كما اعتدتَ عليهِ اجتماعيا و إنما بصيغ مختلفةٍ كليَّاً عن المظهر. هذه الصيغ الخارجيَّة هي نتيجة التواضعِ و ليستْ التواضعَ بحد ذاتِه. و السبب في عدمِ قدرتِكَ على تمييزِها على أنّها نتائج التواضعِ و لأنّها في أحيانٍ كثيرةٍ تبدو و كأنّها لا تختلفُ عن عدمِ الثقةِ بالنفسِ و عدمِ الاعتبارِ لقيمةِ الذاتِ علما أنّها في الحقيقةِ عكسُ ذلك كليَّا.
التواضعُ هو أن ترى نفسَكَ أكثرَ وضاعة من ذلكَ المكانِ العالي الذي تبرمجت لحمايتِهِ آليات عصبيَّة و نفسيَّة في ردودِ أفعالِكَ العاطفية و السلوكيّة التي تنبعث عادة من العقلِ الباطنِ كآلياتٍ دفاعيَّةٍ كي تتجنَّبَ الأذى النفسي أو انهيار ذلك المكانِ العالي الذي ارتبِطَت به قناعاتك أنّهُ جوهَركَ اللازمِ لاستمراريتِك.
ظاهريّا قد يبدو الشخص من دونِ عِزّة نفس لكن مفهوم عزّةِ النفس يختاف جذريا لدى المتواضع الصادق عنه من ذلك المفهوم لدى من تكون عزّة نفسه ظاهرية.
عزّة النفسِ ترمز إلى قوَّة النفسِ و تعاليها عن كلّ القشور التي يمكن أن تضعها في مكان تنحدر فيه عن الارتقاءِ في تفاعلِها و تجلياتِ ردودِ أفعالِها عن الأخلاف التي تؤمن بها فعلاًو ليسَ ادعاء.
يتجلى التواضعُ بسلوكيَّات كالصبر و التسامح و المحبَّة و الاستعدادِ لخدمة من يحتاج و غيرها من الأخلاقيَّاتِ المستحبة لدى الناس التي هي نفسها غالبا ما لا تقوى على القيامِ بتلكَ الأفعالِ لأنّها حقا في منتهى الصعوبةِ أن تمارس.
* كيفَ تتجلى عزة النفسِ لدى المتواضع الصادق *
تتجلى عزة النفس في تعاليها على الرغبات و الإلحاحات الطفولية التي تصر على عدم الرغبة أن يبدو الشخصُ أقلّ ضعفا ز أكثر كفاءة و أعظمَ شأنا مما هو في الحقيقة.
ذلك لأنّ تلكَ النفسَ هي في الحقيقةِ لا تريد أن تقعَ في فخ ارتكاب تصرفات و اعتناق أفكار ناجمة عن الانحدارِ الأخلاقي الذي يجعلها تمارِس قذارات الأفعال البذيئة ضدَّ الآخرين.
إن التواضع يجعلك قويا و مرنا في الحياة في مواجهة مصاعبها و مع الناسِ حين يحتاجونَ إليك و إلى نضجِك
لتصبِح إنسانا فاعِلا متفاعِلا و ليس فقط منفعِلا.
كن متواضعا حقيقيا.. ستصل إلة القناعة.. متفاعلا بصدق مع الآخرين
الوعي… الوعي…. الوعي
المزيد من الموضوعات
كلمة للتاريخ يوما ما سيجئ الحساب…
بالبنط العريض…
بريهان العبودى تكتب.. الغدر ونكران المعروف