وسيط اليوم

جريدة الكترونية عربية

عالم ناجح ورجل أعمال فاشل إدوين هيوارد أرمسترونج بقلم عالم الاتصالات لواء د. مهندس عبد العزيز بسيوني

عالم ناجح ورجل أعمال فاشل
إدوين هيوارد أرمسترونج ..
بقلم عالم الاتصالات
لواء د. مهندس عبد العزيز بسيوني
مخترع نظام اتصالات إف إم (1890-1954)
يتطلب الإبداع العلمى التركيز على التفاصيل بينما يتطلب الإبداع الإدارى التركيز على الصورة الكلية ومن النادر أن تجتمع موهبة الإبداع العلمى فى تحويل فكرة خيالية إلى واقع مع مهارة إدارة الواقع المعاش فى شخص واحد .. لذلك فشل معظم العلماء فى إدارة البزنس القائم على مخترعاتهم وانتهت تجربة كل منهم بمأساة كلفت بعضهم حياته .. فعندما يتحول العالم المبدع إلى مقاول لتنفيذ الإنتاج الكمى لإختراعاته يفشل لأن عالم المقاولات له قوانين أخرى لا تخضع للعلم .. ويصنف ستيف جوبز وبل جيتس ومارك زوكيربرج (ولم يحصل أى منهم على تعليم عالى) بأنهم رواد أعمال ناجحون تتوفرلهم مهارة إختيار معاونيهم من العلماء والإداريين النابهين والمقدرة على قيادة هؤلاء جميعا لتحقيق نجاح إقتصادى وقد نجح كل منهم فى تكوين مؤسسة إقتصادية تزيد قيمة إيراداتها السنوية عن الدخل السنوى لدولة كبيرة.
ويعتبر إدوين هيوارد أرمسترونج (1890-1954) مثالا للعلماء الذين أثروا فى حياة البشرية بمخترعاتهم العلمية القيمة والفاشلون فى مجال البزنس وقد دفع حياته نتيجة لذلك ..حتى نقدر فضل أرمسترونج على الحياة البشرية المعاصرة يجب أن نعرف الحقيقة التى لا تقبل الجدل وهى أن أى جهاز اتصالات فى العالم لابد أن يحتوى على أحد الإختراعات الرئيسية له مثل الدوائر الإليكترونية لكل من مكونات السوبر هتروداين والتعديل الترددى عريض النطاق ومولدات التردادت.
بعد قيامه بإنجاز إختراعاته الإبداعية شرع أرمسترونج فى إنتاج نظام إرسال إذاعى وعشرات الآلاف من أجهزة إستقبال راديو مبنية على إختراعه لنظام إذاعة بالتعديل الترددى (إف إم) وقد كلفه ذلك مبالغ طائلة .. ولسوء حظ أرمسترونج كانت شركات أجهزة الراديو قد أنفقت إستثمارات كبيرة فى أجهزة إستقبال الراديو بنظام (تعديل السعة) ولم تكن فكرة إنتاج أجهزة تعمل بالنظامين (تعديل السعة وتعديل التردد معا) مطروحة .. كما أنه وفى ظل الكساد الإقتصادى فى تلك السنوات فإن إنتاج أجهزة إستقبال تعمل بالتعديل الترددى فقط لم تكن مدعومة من الشركات الكبرى .. وقد بذلت هذه الشركات ضغطا كبيرا على جهاز تنظيم الاتصالات الفيدرالى لإعادة تخصيص الترددات التى سبق تخصيصها لنظام إذاعة إف إم مما يعنى ضياع الأموال التى أنفقها أرمسترونج .. أدى ذلك إلى فشل زواجه وإنتحاره فى 31 يناير 1954.
عندما أدرك المجتمع الأمريكى قيمة إختراعات أرمسترونج وتم إدخالها فى أنظمة الاتصالات الحديثة حصلت أرملته على جميع حقوق الملكية الفكرية وتحولت إلى مليونيرة.

Follow by Email
Instagram
Telegram
WhatsApp
× اتصل الآن