وسيط اليوم

جريدة الكترونية عربية

الوعي… الوعي… الوَلَس)… تعني الخيانة… 

الوعي… الوعي…

الوَلَس)… تعني الخيانة… 

بقلم /اللواء مهندس السيد نوار 

وسيط اليوم

15/9/2022

  

تمر اليوم الذكرى ال ١٤٠ على معركة التل الكبير في يوم ١٣ سبتمبر ١٨٨٢م الموافق ٢٩ شوال ١٢٩٩ هجرية ، والتي تمكن بعدها الإحتلال الإنجليزي من فرض سيطرته على الأراضي المصرية . 

كان للخيانة دور كبير فيما لحق بأحمد عرابي وقواته من هزيمة، ومنذ ذلك الحين شاع مثل شعبى مصرى يقول :

الوَلَس كسر عرابي ، وكلمة الوَلَس تعني الخيانة ( فلان موالس بمعنى خائن ) .

وُلِد أحمد عرابي في قرية هرية رزنة بمديرية الشرقية في ٣١ مارس عام ١٨٤١م، والتحق بالجيش في ٦ ديسمبر ١٨٥٤ ، ونظرًا لإجادته القراءة والكتابة عين كاتبًا بدرجة أمين بلوك بالأورطة الرابعة من ألاى المشاة الأول، ثم ترقى لملازم عام ١٨٥٨.

عندما تولى الخديوي محمد توفيق الحكم قام بترقية أحمد عرابي إلى رتبة أميرالاى ، عام ١٨٧٩ وجعله ياورًا خاصًا له وعينه أميرالاي على الألاي الرابع مشاة بالقاهرة .

في يوم ٩ سبتمبر ١٨٨١ قام أحمد عرابي بمظاهرة عابدين ، وطالب فيها بعزل مصطفى رياض رئيس الوزراء، وتشكيل مجلس النواب، وزيادة عدد أفراد الجيش المصري .

رضخ الخديوي توفيق لمطالب أحمد عرابي وتم حل وزارة رياض، وتألفت وزارة محمد شريف الثالثة في ١٤ سبتمبر ١٨٨١حتى ٢ فبراير ١٨٨٢، وعين محمود سامي البارودى ناظرًا للحربية فيها .

في ٤ فبراير ١٨٨٢ تمت إقالة وزارة محمد شريف ، وتولى محمود سامي البارودي مهمة تشكيل الوزارة الجديدة والتي أصبح فيها أحمد عرابي وزيرا للحربية ، ولكن سرعان ما توالت الأزمات وتعاقبت الأحداث ، بعد تقديم الدستور لمجلس الأعيان ، وتدخل وكيلي إنجلترا وفرنسا، وطالبا الخديوي بإقالة الوزارة ، واستقالت وزارة محمود سامي البارودي ، وشكلت نظارة جديدة كان عرابي ناظرًا للحربية فيها ايضا، واضطربت الأمور خاصة فى ظل وجود الأسطولين الإنجليزى والفرنسي في مياه الإسكندرية .

أرسلت إنجلترا وفرنسا المذكرة المشتركة الأولى والثانية ، ثم قام الأسطول الإنجليزي بإقتحام الإسكندرية، وفشلت التحصينات المصرية في منع استيلاء الإنجليز عليها وتقدم الجيش الإنجليزي نحو كفر الدوار حيث دارت معركة طاحنة استبسلت فيها قوات الجيش المصري بقيادة طلبة عصمت ، وتمكنوا من رد الإنجليز ليفشلوا في دخول القاهرة من ناحية الشمال ويتحولوا للشرق مدعومين بمباركة دولية، لتأتي معركة التل الكبير ، حيث قدم الإنجليز من القناة ، وكان عرابي قد فكر في ردم القناة حتى لا يدخلوا للبلاد عن طريقها ، فما كان من الفرنسي ديليسيبس رئيس شركة قناة السويس أنذاك إلا أنه تعهد لأحمد عرابي بعدم السماح للقوات الانجليزية بدخول القناة ، حيث أن قناة السويس يجب أن تبقى على الحياد .

أيقن الإنجليز أنهم لن يدخلوا مصر إلا بالخيانة وبمساعدة الخديوي توفيق ، وكذلك مساعدة ديليسيبس بتسهيل مرورهم من قناة السويس للوصول للإسماعيلية ومنها إلى القاهرة، فأصدر الخديوي توفيق أوامره الى محمد سلطان باشا رئيس مجلس الأعيان المصرى بوضع خطة محكمة للقضاء على جيش عرابي

 كانت الوسيلة المضمونة هي شراء الخونة بالذهب ، حيث تم رشوة سعود الطحاوي وهو شيخ من شيوخ العرب، وصديق حميم لأحمد عرابي ومن بلدته وكان عرابي يثق فيه ثقة عمياء، ويسهر معه كل ليلة فينقل الطحاوي أخباره ونواياه إلى الإنجليز، ولم يكتف بذلك بل فعل ما هو أسوأ وأخطر، إذ قام بتجنيد كبار القادة في الجيش لصالح الإنجليز . 

تمكن الطحاوي من رشوة أحمد عبد الغفار قائد سلاح الفرسان ونائبه عبد الرحمن حسن ، وقائد سلاح المشاة على يوسف الملقب خُنفِس .

واستطاع كلٌ منهم أن يشتري عددًا من الضباط المرءوسين وتغلغلت الخيانة بين صفوف القوات المصرية . 

وعد الإنجليز هؤلاء القادة الخونة بأنهم سوف يقبضون عشرة آلاف جنيه ذهب وتم كل منهم ألف جنيه مقدمًا .

قام كل من القادة الثلاثة بدور في غاية الخطورة، بداية بالخائن على خنفس الذي أرسل رسولًا من مقدمة الجيش إلى أحمد عرابي يبلغه بأن الإنجليز لن يتحركوا في ذلك اليوم ، فركن الجيش المصري إلى الراحة بأمر قواده ليتأهب للمعركة الفاصلة من صبيحة الغد ، غير أن القائد الإنجليزي والاس تأهب في مساء اليوم ذاته للزحف في هدوء تام بعد منتصف الليل ، كما تقاعس أحمد عبد الغفار عن حراسة الجيش الذي كان يرابض في التل الكبير وانسحب نائبه عبد الرحمن حسن قائد فرقة استطلاع السواري ، والذي كان يحرس الطريق الصحراوى من الشرق واتجه شمالًا ليخلي الطريق لمرور الإنجليز دون أي مقاومة .

قام على خنفس قائد سلاح المشاة بإرشاد الجيش الإنجليزي للطريق إلى التل الكبير ، حيث فاجأوا جيش عرابي وهو يعسكر في أمان مطمئنا إلى حراسة سلاح المشاة، ومطمئنا إلى أنهم سوف يشتبكون مع الأعداء إلى حين أن تستعد القوة الرئيسية في التل الكبير، و لم يكتف خنفس بما فعل بل قام بوضع مصابيح في الخنادق لكي يهتدي بها الإنجليز أثناء ظلام الليل الدامس حيث أن القمر كان غائبا في نهاية الشهر العربي ، ثم انسحب برجاله فترك ممرًا عريضًا لمرور الإنجليز في تلك الليلة ، وفي فجر يوم ١٣ سبتمبر ١٨٨٢ وقعت المعركة التي قاتل فيها الجنود والضباط المصريون بكل بسالة إلى أن استشهدوا ضحايا الغدر والخيانة .

Follow by Email
Instagram
Telegram
WhatsApp