( جبر الخواطر )…
كتب / محمد صقر
وسيط اليوم
31/12/2022
أحبائي و متابعي من كل مكان إليكم التحية و دعوني هذه المرة أحدثكم عن واحدة من العبادات التي يفتقدها كل إنسان منا في حياته في موقف و في غير موقف و التي تفتقر إليها النفوس في ظل حياة قاسية نحياها جميعا إن جبر الخواطر عبادة قلبية عظيمة تضمن لمن يؤديها حق أدائها حسن الثواب و جنات الفردوس نزلا فكفى أنها ذات وقع جميل و عزيز على قلب كل ذي خاطر مكسور و لذا فقد كانت النصيحة هي أنه من استطاع منكم أن يجبر خاطر غيره فلا يتردد و لا يتأخر فيا لجبر الخواطر من قدر سام عند الله و عند خلقه .
و إنني إذ أنثر بقلمي الآن هذه الحروف يراودني موقف رسول الله الكريم – صلى الله عليه و سلم – حينما جلس يواسي طفلا مات عصفوره فعن أي إنسانية أتحدث بعد ذلك !؟ و عن أي جبر للخواطر يروق لي أن أتكلم بعد ذلك !؟ و هنا حاشا لله و لي أن أقارن أبدا فأنا لا أقارن بين أحد و بين الحبيب المصطفى و لكنني فقط أضرب مثلا يؤخذ منه نصحا و حثا على إدراك مثل هذه الأمثلة التي أراها تقنع الجميع ألا يتخلى و ألا يتجاهل و ألا ينسى أن يجبر خاطرا مكسورا و هو يعي قدر ذلك تمام الوعي .
كما لا يفوتني في ثالث فقرات مقالتي المتواضعة أن أضرب لكم أمثالا أخرى لعلها تكون خير وسيلة لإقناع من لم يقتنع بعد بشيء هو الأسمى على الإطلاق و الذي يدعى ( جبر الخواطر ) فعلى سبيل المثال حينما تجد يائسا من الحياة عليك ألا تتركه في يأسه و إنما لتهون عليه و لو بكلمة طيبة واحدة عساه على أثرها يبرحه اليأس و يتخلل إلى قلبه الأمل و تبتسم له الحياة و على صعيد آخر فلا مانع إطلاقا أن تعود إلى زوجتك و أولادك في آخر اليوم حاملا بين يديك قسطا من الهدايا البسيطة فما يدريك بشعور البهجة و السعادة الذي سيدخل إلى قلب أسرتك وقتها !؟ و ماذا يمنع المتسامرين على المقاهي محبي السهر و عشاق السمر من التبسم في وجه عامل المقهى !؟ فإنكم و الله لا تدرون ماذا بسمتكم بفاعلة فيه !؟ و لا تدرون أن مثل هولاء البسطاء يعيشونها كجمال تنوء بأحمالها !؟ و لا تدرون كم هم في مسيس الحاجة إلى من يخفف عنهم ثقل تلك الأحمال و لو بكلمة طيبة دون أن يحمل عنهم بعضا منها بالفعل !؟ و يبقى المغزى و المقصد من وراء كل هذا أنه لا يصح و لا يجب أبدا أن تترك و أنت أحد المارة بطريق ما ملهوفا يطلب النجدة و لا تغيثه فإنك لو تغيثه فلقد جبرت خاطرا كان على وشك أن يكسر و ما أدراكم بكسر الخواطر !؟
و لا يخفى على أحد أنه من سار بين الناس جابرا للخاطر أدركه الله في جوف المخاطر فهذا و إن دل على شيء فإنما يدل على أن جبر الخواطر منجاة لأصحابه من كل سوء و رفعا لهم من كل هم و إنقاذا لهم من كل بلاء كما أن مسألة كمسألة جبر الخواطر أراها شيئا من صفاء القلب و سمو النفس و نبل الخلق و رفعة القدر و الذوق فكلنا نعلم من هو الدكتور / حسام موافي طبيب الباطنة الشهير و الذي قد تلقى مكالمة هاتفية من فضيلة الإمام الشيخ / محمد متولي الشعراوي – قبل أن ينتقل إلى جوار ربه – يطلب منه فيها الحجز للكشف حيث كان مريضا فما كان من موافي إلا أنه قد قال لفضيلة الإمام لتستقر في بيتك و أنا سآتي إليك يا مولانا و بالفعل فهو ما قد كان و ذهب موافي ليفحص الإمام و حينها سأله يا فضيلة الإمام أي شيء هو خير ما أفعله فأتقرب به إلى الله فرد عليه الشعراوي قائلا خمن فخمن موافي مجيبا الصلاة فقال له الشعراوي لا الصيام فقال لا الزكاة فقال لا ثم أجابه الشعراوي بعد ذلك قائلا : – ” جبر الخواطر … ” .
و هنا يجدر بي أن استشهدت بهذا الموقف أن أنصحكم بقلمي المتواضع في ثنايا و حوايا سطور و فقرات المقالة قائلا لكم : – ” كونوا خفافا قدر المستطاع فإن الحياة ثقيلة بما يكفي و إن لم تنفعوا فلا تضروا أي أنه إن لم يكن أحدكم معطاء فعليه ألا يكون مناعا أي لا يبخل و تبادلوا جبر الخواطر فيما بينكم فلا يدري كل منا أي بر يتقرب به إلى الله و أي معروف يصنعه يكنا سببا في نيله لجنات النعيم !؟ فكم هو محفور بالأذهان و لا ينسى أن تجبر بخاطري يوما ما ! و كم هو طيب أن تكون أكثر رحمة بي و عطفا علي ! فتلك هي شيم الكرام و الأبرار و المحسنين و إنني و أنا أنصحكم بهذه النصائح آمل و أرجو أن يجبر الله خاطري و خواطركم . “
و على الدوام – متابعي الكرام – أذكركم أبدا بقوله تعالى
– بسم الرحمن الرحيم – : – ” و اصبر و ما صبرك إلا بالله و لا تحزن عليهم و لا تك في ضيق مما يمكرون . ” – صدق الله العظيم – و الشاهد هنا أنه لا بد و أن تأتيني و تأتيكم لحظات مليئة بالجبر الإلهي و عن ثقة و اطمئنان وجدان إلى لطف الرحمن فهي ستجعل كلا منا ينسى تماما أنه قد انكسر خاطره ذات مرة فو الله إنه لعزيز على رب البرايا أن يرى عبدا من عباده مكسور الخاطر و حاشا لله أن يترك أحدنا في حيرة أو في انكسار أبدا فما عهدنا عنه – جل جلاله – إلا أنه كريم منعم بر لطيف يتدخل دائما في آخر مشهد لينقذ الموقف و ليرفع المحنة عن خلقه و عليه فإن اتسع لكم صدر أن تجبروا خاطرا فاجبروه بغير تأخر بل اجعلوا ما يدور في الخواطر جبر الخواطر فو الله ما من أحد قد جبر خاطرا إلا و قد جبر الرحمن خاطره و إن لم يسعكم مقام أن تجبروه فلا تكون سببا في كسره بالمرة فإياكم و كسر الخواطر فإن في كسرها خرابا للقلوب و ما خراب القلوب بهين .
و نهاية – رغم أي إثبات أو نفي – إنني ككاتب لما انسدل من سرد في هذا الكتاب أرى أن مجمل القول في موضوعنا هذا يتلخص بدقة و بوضوح في قول الشاعر / جهاد جحا حينما قال : –
من يزرع الأشواك يحصد وخزها
و لنفسه درب التعاسة شيدا
يا منفق الأيام في سبل الهوى
هي رأس مالك لا تبددها سدى
ازرع بأرض العمر غرسا طيبا
تسعد به و به تنال السؤددا
و إلى هنا قد تأذنت شمس القلم بالغروب سائلة ربها – العلي القدير – أن يجبر خواطركم جميعا و أن يقر أعينكم بما تتمنون و بما ترجون و تغادر أرض الكلمات و هي آملة كل الأمل أن تلتقي بكل المحبين و المحبات و المتابعين و المتابعات في لقاءات جديدة تاركة إياهم دائما و أبدا في أمن الله و أمانه و في عنايته و ضمانه و مستودعة الجميع في ودائع الله و الله لا تضيع ودائعه .
المزيد من الموضوعات
كلمة للتاريخ يوما ما سيجئ الحساب…
بالبنط العريض…
بريهان العبودى تكتب.. الغدر ونكران المعروف