أسامة حراكي يكتب: العشاق لا يتزوجون…
كتب/ أسامة حراكى
وسيط اليوم
24/2/2023
استوحيت عنوان هذا المقال من اسم المجموعة القصصية الرائعة للأديبة والصديقة العزيزة الكاتبة هدى حسين، التي قرأت لها الكثير من رواياتها وقصصها وكان أخرها العشاق لا يتزوجون.
هناك عشاق كثيرين لا يتزوجون فالبعض يحب ويعشق من دون أن يتزوج، والبعض يحب عمله أكثر من أي شيء ويكون هو عشقه، ومنهم نيوتن الذي كان مشغولا طول وقته بالعلم من دون أن يفكر بحب إمرأة، وأنيشتاين صاحب نظرية النسبية الذي اعتبر أن الزواج يقيد المبدع بالإلتزامات التي تشغله عن الإبداع، وكان أيضا الفيلسوف عبد الرحمن بدوي من المبدعين الذين لم يتزوجوا.
أما الذين أحبوا ولم يتزوجوا فمنهم الأديب عباس محمود العقاد الذي أحب ثلاث مرات ولم يتزوج، الأولى مي زيادة والثانية أليس داغر والثالثة كانت الفنانة مديحة يسري، وله مقولة شهيرة إن الناس الذين يشيرون إلي بأصابعهم لا يعلمون أني أشقى الناس وأتعسهم، كما أحب الشاعر جبران خليل جبران مرتين ولم يتزوج الأولى ماري هاسكل والثانية مي زيادة، ومن أجمل قصص من أحبوا قصة حب الرسام الفرنسي لاجار، الذي كان صديقا لبيكاسو ولم يكن بشهرته لكنه لم يكن أقل منه موهبة، الذي أحب وماتت حبيبته وعاش في عزلة بسبب الحب وخرج أيضا من عزلته بسبب الحب، ونال لاجار شهرة بسبب حبه لا فنه.
واليوم تغير الحب والعشق ففي زماننا هذا كل شيء يتغير، فعندما نسمع قصيدة الشاعر نزار زيديني عشقا زيديني يأحلى نوبات جنوني.. نتعجب، نحن نتعجب يانزار لأننا كلما طلبنا منهم أن يزيدوننا عشقا زادونا خذلانا وحزنا، فنوبات الجنون في نظرهم قلة عقل وكلمات الحب في اعتقادهم قلة حياء والمبادرة بالأشواق وقاحة والكرم عبط، والحب الشديد لهم والأخذ برأيهم والعمل على إرضائهم يعتبرونه ضعف شخصية، فالويل كل الويل لمن يعشق في هذا الزمان بنقاء، فنحن أصبحنا ندفع ثمن كل شيء يانزار حتى المشاعر، فنحن نحاول أن نضع على رؤسهم التيجان لكن نكتشف أن رؤسهم غير مؤهلة كي يكونوا ملكات، فعندما نفتح لهم الأبواب يرفضون الدخول والذين يقفلون الأبواب في وجوههم يدخلون إليهم من النوافذ، فخيانات هذا الزمان يلونونها ويزخرفونها ثم يرمون فرشاتهم وألوانهم بعد أن يفرغون من تلوين أحزاننا، أصبحت قلوبنا بالنسبة لهم أرخص ما يمكن أن يلقى به من السفينة إنقاذا لهم من الغرق، ثم نعود ونستمع إستعجلت الرحيل ورحلت في غير أوانك، لا هم لم يستعجلوا الرحيل ولم يرحلوا قبل أوانهم وليتهم استعجلونه وليتهم رحلوا قبل أوانهم، قبل أن يسمعوا صوت تكسر أجنحتنا كلما طرنا خيالا إليهم، قبل أن يعتاد القلب عليهم ويصبحون دقاته، قبل أن يصبح الرحيل كطعنة الفجأة والموت المفاجيء، قبل أن يتحول الرحيل إلى خيانة كبرى وجريمة أكبر، ليتهم استعجلوه قبل أن يربطوا أعناق عمرنا بحبالهم، فكلما ابتعدوا اختنق العمر، فمنذ أحببناهم ونحن نجري في سباق، سابقنا من أجلهم الأيام والأحلام والأحزان والمستحيل، منذ عشقناهم ونحن في صراع مع كل شيء صراع مع الظنون والخيال والغيرة وحتى النوم، وها نحن نغادر ميدان الصراع ولم نمت؟ أجل لم نمت! لكننا غادرنا الميدان واهنون، غادرنا الميدان ونحن نقول أن الطعنة لم تقتلنا بل زادتنا قوة! لكن في الحقيقة الطعنة التي لم تقتلنا كسرتنا، وإن انكسار الصدمة عظيم وانكسار الفراق أعظم.
المزيد من الموضوعات
كلمة للتاريخ يوما ما سيجئ الحساب…
بالبنط العريض…
بريهان العبودى تكتب.. الغدر ونكران المعروف