وسيط اليوم

جريدة الكترونية عربية

الهالات الخادعة بقلم لميس الحو

الهالات الخادعة
بقلم لميس الحو
الهالات الخادعة او المصطنعة هى ظاهرة تنتشر بين الناس فى مجتمعنا بالعصر الحالى، والتفسير العلمى للهالة هى دائرة من الضوء تحيط بجرم سماوى، فهى عبارة عن اشعة من الضوء تنبعث من جسم مضيىء، والهالة هنا لاتختلف عن معناها السابق، فعندما نقول عن شخص ما أنه شخص ذو هالة ، فيكون المقصود هو ذلك الضوء المنبعث من الشخص بكل ما تحمله الخيوط الضوئية من سمات وصفات جاذبة للمحيطين من حوله

وعلى مر التاريخ هناك شخصيات صنعت لنفسها هالة وكانت تستحقها لأنها منبعثة من أشخاص تشع ضوءاً وحرارة، ضوءاً ينير الطريق لسالكيه وحرارة تنصهر معها شوائب الجهل والمفاهيم الخاطئة والقناعات الوهمية، اشخاص يستحقون بجدارة احترام الآخرين لأنهم يتمتعون بأكتمال شخصياتهم علماً وخلقاً ورقياً وفكراً وثباتاً ويتوافق دائماً قولهم مع فعلهم، ويتسلحون بعقيدة راسخة قوية لاتتأثر بالتيارات الفكرية او التغيرات المجتمعية، متلألأين كالنجوم فى السماء لا يشوبهم شابهة .

اما فى الوقت الحالى انتشرت الهالات الزائفة انتشار النار فى الهشيم، فكم امتلأت الساحات من حولنا بمتشدقين حافظين لكلامهم دون أن يعوه، وكم ازدحمت بأبطال لم تطأ اقدامهم أرض المعارك ، ولا يعرفون عن البطولة سوى أغانيها.

وكم سمعنا متحدثاً فى علم او فى دين ليس له فيهما سوى كلمات قالها وهو أبعد الناس عن تطبيقها.

وكم من معطاء عظيم الشأن رفيع القدر أهملته الأضواء.

يمر بنا فى حياتنا إناس ذو هالات خادعة نعجب بهم ونقدرهم ونضعهم فى مكانات عالية فى عقولنا وقلوبنا ، ثم ندرك بعد ذلك أنهم عقول خاوية وقلوب قاسية، وليس المقصد بالعقول الخاوية أنها فارغة بل بالعكس هناك البعض منهم ذو عقول مفكرة وتبدو ناضجة ومميزة فى مجال عملها ولكن ما أقصده ان هناك جانب من التفكير فيه خلل يخص الحياة الإجتماعية والتعاملات بين الناس والتى تتمثل فى سوء الظن والأحكام الخاطئة والأفكار المذبذبة والآراء المترددة، ومن هنا تتكشف الشخصية الحقيقية للشخص ذو الهالة البراقة التى تتضح انها قشرة خارجية فقط اذا ما خُدشت ظهر الإنسان على حقيقته، فالبعض من هؤلاء تُخفى هذه الهالة ورائها مشاعر طفولية رقيقة على الرغم من الجمود والصلابة التى يتصنعونها، والبعض تحيط به هالة من الاحترام والوقار ولكنها تخفى ورائها شخصية هزلية ماسخةلا تمت للأحترام والوقار بأى صلة، وآخرون ممن يصنعون لأنفسهم هالة من الرقة والعذوبة والسمو والرقى وفى حقيقتهم ثعابين سامة وخناجر قاتلة، والبعض منهم تحيط به هالة من الروحانيات والايمانيات وهم رؤوس الفساد والفسوق.

جميع الناس فى جميع مجالات الحياة وعلى مر العصور وصولاً الى عصرنا الحالى مشغولون بصناعة هالاتهم الشخصية ولكن بدرجات تتوقف على درجة سوائهم النفسى ورؤيتهم لأنفسهم، فهناك المرضى النفسيين الذين يصنعون لأنفسهم هالات ضخمة كاذبة خادعة، وهناك من يصنعون لأنفسهم هالات على قدر تميزهم ورقيهم ، وهناك المعتدلون فى رؤبتهم لأنفسهم وهم الذين يصلون لدرجة اقرب الى السواء، فالوسطية والاعتدال فى كل أمور الحياة منهاج ديننا الحنيف وكل الأديان السماوية والتى يجب أن يسير عليها كل انسان فى هذه الحياة، حتى يأخذ كل ذى حق حقه.

فنحن فى حاجه دائمة إلى نماذج مميزة واطلالات مشرقة لأصحاب البصمات المشرفة والهالات التى تشع خيراً وعطاءاً بدلاً من الأشخاص الذين ينسجون حولهم هالات مزيفة يخدعون بها الآخرون.

نحن نعيش فى زمن اختلطت فيه الأمور حيث قفزت فيه الأقزام إلى الأمام، وخان الحظ أصحاب القامات العملاقة فى العطاء والإنتاج الحقيقى

خلاصة ما نريد قوله ليس كل ما يلمع ماساً وليس كل ما لم يسلط عليه الضوء حجراً أصم .

Follow by Email
Instagram
Telegram
WhatsApp