تقرير: أسامة حراكي
بعد ساعاتان قطعناها بحافلة شركة فيليكس باص، قادمين من بروكسل عاصمة مملكة بلجيكا، وصلنا لوكسمبورغ عاصمة دوقية لوكسمبورغ الكبرى، وهي إحدى دو[ىل البنلوكس “اتحاد اقتصادي تأسس عام 1944 بين ثلاث ممالك في أوروبا الغربية، وهم بلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ، وتم توقيع الاتفاق بين الممالك الثلاث في المنفى في لندن عام 1944”
تقع لوكسمبورغ في غرب أوروبا بين كل من ألمانيا وفرنسا وبلجيكا، ولذا فيمكن اتخذها نقطة انطلاق لجولة أوروبية والتجربة تستحق، فعلى الرغم من أنها سابع أصغر دول أوروبا، فهي واحدة من أروع بلدان القارة العجوز، والتي لا يمكن أن تغفلونها خلال جولتكم الأوروبية.
عدد سكانها بلغ حوالي 602 ألف نسمة عام 2018 منهم حوالي 40% أجانب من أقليات برتغالية وفرنسية وإيطالية، والكثير من العاملين بالدوقية لا يسكنون فيها بل بالدول المجاورة، أكثرهم في فرنسا، وأهم المدن فيها: العاصمة لوكسمبورغ وهي أكبر المدن 82200 نسمة، ديفردينغن 18900 نسمة، دودلينغن 18000 نسمة اللغة الوطنية هي اللوكسمبورغية وهي مشتقة من الألمانية، واللغتان الألمانية والفرنسية هما الرسميتان أيضاً وتحلان في أهميتهما محل اللوكسمبورغية، فاللغة في لوكسمبورغ متنوعة بشكل لا يصدق، فعلى الرغم من أن اللوكسمبورغية هي اللغة المستخدمة في كثير من الأحيان، إذا كنتم تتحدثون أي لغة أوروبية كبرى وخاصة اللغة الإنجليزية، أو الفرنسية، أو الألمانية، ستكونوا قادرين على التواصل إلى حد كبير في جميع أنحاء البلاد، وشعبها دنميكي وجريء، بخوض في مواضيع ومشاكل شائكة، يستمد قوته من ماض عريق، ومن حاضر تشوبه العواصف الاجتماعية والأزمات السياسية، وينظر إلى المستقبل عبر شاشات الموبايل والتابلت.
رئيس الوزراء “كزافييه بيتل” (مثلي) متزوج من شخص آخر، وهو أول رئيس وزاء مثلي الجنس في لوكسمبورغ، وثالث رئيس وزراء مثلي الجنس على مستوى العالم، بعد رئيسة وزراء آيسلندا السابقة، ورئيس وزراء بلجيكا السابق.
من الأفضل خلال الرحلة إلى لوكسمبورغ الإقامة في وسط المدينة حتى لو ليلة واحدة، فضواحيها القديمة من مواقع التراث العالمي لليونسكو تستحق الزيارة، ومن السهل اكتشافها في رحلة سريعة خلال جولة أوروبية، حيث تضيف للرحلة مزيداً من الثراء والتنوع الثقافي والتاريخي بمواقع الدوقية الكبرى الوحيدة في العالم، فهناك الكثير من القلاع الرائعة التي أدهشتنا، والكثير منها مفتوح للجمهور، وذلك هو الحال في وادي القلاع السبع، وقلعة فياندن التي تشبه قلاع ديزني، ومن أهم ما زرناه:
كورنيش لوكسمبورغ:
مدينة لوكسمبورغ تمتلك الشرفة الأكثر جمالاً في أوروبا، وهو المكان الذي يطلق عليه الكورنيش، وهو مكان بمثابة شرفة تطل على منظر رائع للجزء القديم من المدينة، فجدران الكورنيش المذهلة كانت تسمى قديماً أجمل شرفة في أوروبا، هي شاهقة مثل المدينة القديمة وتطل على وادي النهر، وجدنا بوابة غروند الكبيرة التي يرجع تاريخها إلى 1632، أسوارها تكشف عن العديد من المنازل الأرستقراطية والملاجئ، فضلاً عن دير الدومينيكان القديم وكنيسة القديس مايكل، في ضاحية غروند نفسها وجدنا مجموعة كبيرة من المباني مع الكنيسة والدير القديم في نيومونستر، إضافة إلى دير ليموج من القرن الـ 17 الذي يعود تاريخه إلى عام 1720، وكنيسة العذراء السوداء من القرن الـ 14 والمباني المجاورة هي جزء من مساكن سان جان التي أسسها الإمبراطور هنري السابع كونت لوكسمبورغ في 1309، وتعد منطقة الكورنيش بالكامل من أجمل أماكن السياحة في لوكسمبورغ الرائعة.
حصن بوك لوكسمبورغ:
من التحصينات والمناطق السياحية الهامة في لوكسمبورغ، حيث يوجد مدخل كاسيماتيس الشهير، الذي يؤدي إلى شبكة من 21 كيلومترا من الممرات تحت الأرض محفورة بالصخور الصلبة، وكان يتم فيه إيواء الآلاف من المدافعين عن المدينة، فضلاً عن المعدات والخيول وورش العمل والمطابخ والمسالخ، ويمكن استكشاف الكثير من هذه التحصينات الرائعة سيراً على الأقدام، وعلى هضبة بوك نفسها توجد بقايا القلعة القديمة التي اكتشفت في عام 1963 وهناك مناظر جميلة من ضاحية غروند وهضبة رام، والثكنات القديمة من القرن الـ 19، والأبراج الكبيرة وبقايا جدار وينسيسلاس التي يرجع تاريخها إلى 1390.
الربع القديم:
ليس هناك مكان أفضل لبدء استكشاف مدينة لوكسمبورغ الجميلة مما كانت عليه في فترة الحي التاريخي القديم، والذي تم تعيينه كأحد مواقع اليونسكو للتراث العالمي في عام 1994، التحصينات القديمة جعلت المدينة واحدة من أهم مدن أوروبا، وعلى الرغم من أن القلعة الأصلية تم تفكيكها بين عامي 1867-1883 فإن تأثيرها على الحي القديم واضح في كل مكان، اليوم مهدت التحصينات القديمة إلى حدائق جميلة، في حين أن الشوارع لازالت مرصوفة بالحصى مع اصطفاف المنازل والمباني القديمة الساحرة، إنها مكان عظيم لقضاء بضع ساعات من الاستكشاف، كما عبرنا العديد من الجسور واجتازنا العديد من الأزقة الخاصة بها من دون خريطة، فقط اتبعنا حدسنا وسرنا حيث انتهى بنا الطريق إلى الساحة الكبيرة.
ساحة غيلوم الثاني:
أو الساحة الكبيرة وهي واحدة من أكبر المساحات المفتوحة في المدينة، وهي الموقع السابق لدير الفرنسيسكان الذي تم تحويله إلى منطقة للمشاة، في المركز يوجد تمثال الفروسية مصوراً “وليام الثاني” دوق لوكسمبورغ الكبرى، كما مررنا أيضاً بقاعة المدينة الجميلة وأسود تريمونت الشهيرة.
يقع بالساحة فندق هاوس أوف رافيل الذي يرجع تاريخه إلى القرن ال 16 بواجهته الجميلة وشرفاته المميزة والدرج الحلزوني، والمعالم البارزة الأخرى مع مناظر رائعة من ضاحية بفافنثال وثكنات الفرسان القديمة من فوبان، هناك معلم آخر قريب من قصر الدوق الكبير، وهو مبنى رائع يعود إلى عصر النهضة يعود تاريخه إلى عام 1572، وهو مفتوح للجولات طوال أشهر الصيف.
مدينة لوكسمبورغ، لديها واي فاي مجاني في كل مكان، لذلك لا داعي للقلق حول الاتصال بالإنترنت عند زيارة المدينة، إلا أن هذا الأمر لا يسري على بقية أجزاء البلاد لاسيما الريف.
في تقرير السعادة العالمي من عام 2015، احتلت لوكسمبورغ المركز الـ 17 من أصل 158 دولة على مؤشر السعادة العالمي، وهو أمر ليس سيئاً بالنسبة لبلد يوفر كافة أسس الحياة الرائعة لمواطنيه.
لوكسمبورغ واحدة من أكثر البلدان أماناً في العالم، ووفقاً لمسح أجرته الأمم المتحدة، فإن معدل الجرائم في لوكسمبورغ أقل من أي بلد آخر في العالم.
أفضل طريقة لاكتشاف لوكسمبورغ بالقطار الذي يمكن أن يأخذكم إلى الجبال والغابات، وخلال الرحلة استمتعنا كثيراً بالطرق ذات المناظر الخلابة والمعالم السياحية الشهيرة، أما داخل المدن والقرى، فهناك العديد من الحافلات المتاحة، والتي يمكن أن تنقلكم إلى أي مكان ترغبون في زيارته، لكن الرحلة إلى لوكسمبورغ لن تكتمل بدون زيارة ريفها الرائع، فعلى الرغم من اهتمام الكثير من السائحين بزيارة العاصمة فقط، فالكثير من سحر لوكسمبورغ يكمن خارج عاصمتها، لذلك سيكون قضاء يوم واحد أو اثنين خارج المدينة تجربة لا تقارن، حيث نزلنا في احد الفنادق النائية والذي كان في الاصل حصن وتم تحويله لفندق اسطوري، برغم الحداثة التي طرأت عليه، إلا ان فيه الكثير من الماضي وعبق التاريخ.
أفضل وقت لزيارة لوكسمبورغ من منتصف الربيع إلى الأسبوع الأول من الخريف اعتماداً على المناخ والطقس، وتحديداً من مايو إلى بداية سبتمبر، خلال هذه الفترة تكون درجة الحرارة بين 20-30 درجة مئوية، حيث تشهد الأشجار ازدهاراً واضحاً، ويمكن السير والتخييم وسط أجواء رائعة.
المزيد من الموضوعات
أسامة حراكي يكتب: التراث
وزارة الثقافة تحتفي بمبدعي ومثقفي مصر في إحتفالية “يوم الثقافة ” 8 يناير القادم…
عمر الشريف يكتب: فلا يؤذين