وسيط اليوم

جريدة الكترونية عربية

عمر الشريف يكتب: ذهبوا مع الريح…

عمر الشريف يكتب: ذهبوا مع الريح…

كتب عمر الشريف

وسيط اليوم

5/6/2023

حياتنا كشجرة عظيمة متعددة الأغصان والفروع حسب علاقاتنا ومعارفنا وصلاتنا مع البشر، تورق عليها أوراقٌ هم الأصدقاء والمعارف والأشخاص الذين تجمعنا بهم أواصر مختلفة ومفاهيم مشتركة وأسباب كثيرة، كلما كانت الأوراق على أغصان هذه الشجرة كثيفة وكثيرة، كلما تفيأ صاحبها تحتها بظل وارف يقيه ويحميه حرّ شمس مصائب عمره؛ لأنه يجد في أصدقائه ومعارفه خير عون ورديف له عند الأزمات والشدائد، فكثرتهم هي كثرة عون وفائدة يستجلب بها السلامة والأمن من مطبات الحياة وعراقيلها المفاجئة.

لكن يحدث أن تهب رياح الخلافات على أوراق هذه الشجرة لتعصف بها مقتلعة بعضها، أو أن تجف أحياناً مياه المودة والمحبة في أوراقٍ أخرى، فيكون مصيرها الإصفرار والذبول لتسقط عن شجرتها وتذهب بعيداً في مدارج النسيان.

في حالات أخرى يحدث أن تأخذنا الحياة بمشاغلها الكثيرة بعيداً عمن كنا نعرفهم ونصادقهم، فظروف الحياة القاسية تضع الإنسان في بحر من السعي الحثيث لتأمين السلامة والنجاة من أمواج الغرق في أزمة قاسية أو مصيبة شديدة، فصداقتنا التي جمعتنا مع أشخاص رائعين عبر أعوام عديدة من الحب والاحترام المتبادل، قد يعكر صفوها ويفكّ أواصرها سفر أو عمل أو زواج أو ظروف عائلية قاهرة، تجعل هذه الصداقةَ تبهت رويداً رويداً وتفقد الكثير من قوتها ورونقها الجميل، إلى درجة أن تخسره مع مرور الزمن.

خسارة الأصدقاء هي خسارة كبيرة عند من يعرف معنى الصداقة الحقيقية بمعناها الإنساني الرائع، والحفاظ عليهم يتطلّب منا جهداً إضافياً في التواصل معهم رغم مشاغل الحياة الكثيرة، وعلى أقل تقدير يجب أن يبقى حبل الود موصولاً بين فترة وأخرى من خلال المناسبات والأعياد، فهناك أصدقاء رائعون لا يعوضون وليس لهم في حياتنا بديل، فلا تجعلوا رياح النسيان تأخذ أصدقاءكم بعيداً عنكم حتى لا تقولواْ عنهم بعد ذلك أنهم ذهبواْ مع الريح.

Follow by Email
Instagram
Telegram
WhatsApp
× اتصل الآن