السيدات و السادة المتابعات و المتابعين الكرام دمتن و دمتم بكل خير و سعادة و دمتن و دمتم متابعات و متابعين لنا – متشرفين بذا – و بعد إنني إذ جئت أكتب هذه المرة مقالتي المتواضعة تحت مسمى ( ما بين الحب و الوهم ) انطلاقا من رؤيتي بأن الحب فطرة سامية بريئة براءة الذئب من دم ابن يعقوب مما يشيع حولها بغزارة من هالات الخداع و الكذب و الوهم و أنثر كلماتي هكذا مؤمنا كل الإيمان بأنه هنالك فارق شاسع موجود بين كل من الحب و الوهم فشتان ما بين هذا و ذاك – و إن اعتقد أحدنا خلاف ذلك مع موفور الاحترام و التقدير – و هو ما ستشرحه لنا البقية من السطور فتابعوها و تابعونا .
إن الحب هو مفهوم جميل لا يتعارض و إياه أبدا – مجرد تعارض – مع الشعور بالأمان و الطمأنينة و السكينة فحسب و دعوني أقول لكم أن الحب هو ما يجعلنا نشعر بالأمان و الطمأنينة و السكينة و لا أبالغ إن قلت لكم أنه سبب رئيس من أسباب ذلك أما الوهم فينتقص منا كل ذلك بكل تأكيد و أصف الحب إجمالا من خلال ما سبق أنه رابطة وثيقة و قوية بين قلبين تتثق و تقوى و تشتد أكثر و أكثر بصدق مشاعرهما و تضعف و تخور حتى تنعدم حال وجود أي كذب و من هنا يأتي الوهم و لذا فكونوا أكثر نضجا من أن تصدقوا أن اليد التي أفلتتكم ذات مرة كانت تحبكم منذ البداية بل هو فقط مجرد وهم و ربما أنه قد كان يخيل إليكم لا أكثر – و ليس عيبا – .
و أقول مخلصا أن الحب إذا كان حقيقيا كان كالجبل الشامخ الباسق الراسي – و حبذا إن أزلنا التشبيه و قلنا كان بالفعل جبلا شامخا باسقا راسيا و ما غاليت في شيء قط فكم هو نبيل أن يصدق الشعور و كم يقوى الصدق و يعلو على أية كلمات و على أي أوصاف – و أكمل بأنه يصعب علينا تسلقه – و لا أقول يستحيل – و كذلك يصعب على الأيام هي الأخرى أيضا أن تهدم إياه بالفراق فللحب الصادق صلابة و متانة و قوة هن الثلاثة تجعلن منه تيارا ثابتا لا تلين شدته أبدا و لا تتغير .
و أضيف إلى هذا بأن الحب ينطوي على فكرة رئيسة لزاما أن تتواجد و إلا فحتما سينتهي الحب – دون أدنى قدر من التفكير – و هذه الفكرة هي أن يكون كل طرف على إيمان داخلي تام بالطرف الآخر قبل أن يتحابا و بالإطناب يخلو الوهم من هذا تماما و أضيف إلى هذا أيضا أننا في كثير من الأحيان نكون بحاجة ماسة إلى من يؤمن بنا قبل أن يحبنا بل و ليس شرطا أن يحبنا دون مبالغة في القول فالشرط الرئيس و الوحيد هو أن يؤمن الغير بنا و هذه النقطة تعد هي الفيصل الحقيقي – لا محالة – ما بين الحب و الوهم فمحال أن يؤمن بك إنسان و تحسب أنت ظنا منك أنه لا يحبك فكيف ذلك و الحكمة تقول : – ” أن تؤمن بي هذا يعني أنك تحبني . “
و لعل الأهم من ذلك كله أن تكون علاقة الحب منذ الوهلة الأولى مبنية و قائمة على أساس سليم من الاحترام و التقدير المتبادلين و ذلك حتى لا تكتب لهذا الحب نهايته قبل أن يبدأ و إيجازا أقول أنه إن لم يحترم الطرف الأول دور الطرف الآخر في هذه العلاقة التي تجمع بينهما و إن لم يقدر كل منهما الآخر و احتياجاته فلا يسمى هذا بالحب بالمرة و أضيف أنه لا يوجد داع للحب و لا لأية علاقات حينئذ فالحب بعيد تماما عن ذلك كله كما يجدر بكل طرف في هذه الحال ألا ينخدع و يخال نفسه يحب بل إن هذا هو الوهم بعينه .
فقط من ظن خلاف ذلك يكاد يكون لا يشعر و عليه ألا يظلم غيره معه كما يجب ألا ننسى إطلاقا أن الحب الصادق و تحروا معي الوصف بكلمة صادق مدققين تمر عليه فترات من الفتور كما قال و أكد الراحل الدكتور مصطفى محمود – رحمه الله تعالى رحمة واسعة – و لهذا فلا بد و أن نفرق جيدا – و بمنتهى الوعي – حتى لا نظلم أنفسنا و الآخرين معنا معللا بهذا مرة أخرى كما يجب أن نذكر أنفسنا بهذا كلما تناسينا أو نسينا فالفتور هذا ينبغي ألا يجعلنا نطلق على الحب وهما و العكس صحيح فدوام الحب لا يعتمد على الحب ذاته و إنما على مجموعة من الإنسانيات أولها و أبرزها و أهمها هو أن نراعي أ بكل منا خير أم لا و أن نراعي أيضا أنه كثيرا ما قد ظلم الحب أناسا و أجحفهم في لحظة من لحظات الفتور كما ذكر أيضا الدكتور مصطفى محمود – رحمة الله عليه – .
و أقول إجمالا و إنصافا أن الحب هو أن يتمسك كل منا بالآخر حتى الأنفاس الأخيرة مهما بلغت تكلفة هذا التمسك لدى كل منا و أما الوهم فهو أن تترك يدك يدي معية أول صدام يعترض ما بيننا و كي لا ننسى دور القدر في ذلك فلا بد و أن يؤمن المتحابون و المتحابات برضا نفس و بصدر رحب بأن الله قد جعل لكل شيء قدرا و هذا بمعنى أنه و إن شاء رب السماوات و الأرض و افترقنا فلا بد و أن يظل كل منا يحترم الآخر و يقدره امتثالا لقوله الكريم بسورة البقرة – بسم الله الرحمن الرحيم – ” و لا تنسوا الفضل بينكم … ” – صدق الله العظيم – .
و إلى هنا جمهوري الحبيب يتسنى لي و يتعين علي أن أذكر نفسي و إياكم بقول الشاعر : –
و استذكروا الأحباب عند دعائكم
فالحب بين الصادقين دعاء
و أؤكد لكم أنني كم أحبكم في الله لا غير – و بما لا يدع مجالا للشك – و أشهد الله و أشهدكم من بعده على ذلك و على كل ما قلته و ما أقوله و ما سأقوله فإن كنتم تبادلونني المحبة أو تحملون لي منها كما أحمل لكم أو أقل قدرا منه فاذكروني بدعوة صادقة مخلصة بظهر الغيب بينكم و بين بارئكم فعساكم أقرب إلى الله مني و عساني أبلغ بدعائكم ما لم و لا و لن أبلغ إياه بعملي و تقبلوا بالغ تحياتي و تقديري و إلى لقاء قريب بمشيئة الرحمن .
المزيد من الموضوعات
كلمة للتاريخ يوما ما سيجئ الحساب…
بالبنط العريض…
بريهان العبودى تكتب.. الغدر ونكران المعروف