وسيط اليوم

جريدة الكترونية عربية

عمر الشريف يكتب: رحلة اللجوء إلى الله

في كل عام تنطلق أفواج ضيوف الرحمن إلى بلاد الله الحرام لتؤدي فريضة الحج تلبيةً لدعوة الله لأداء هذا الركن الخامس العظيم، وذلك في جو إيماني جذاب مهيب من مناسك وشعائر وعبادات مختلفة ينغمس بها الحجاج وفق شروط وآداب محددة، راجين الثواب والعفو والغفران، ليرجعوا بعدها كما ولدتهم أمهاتهم.

يعتبر الحج من الفرائض الإسلامية الجميلة التي تنقي العقل والقلب، لبيك اللهم لبيك تعيد إلى الروح ما فقدته في زحمة الحياة، كما يعيد للقلب نقائه وصفائه بعدما تلوث بغبار من كثرة الذنوب والمعاصي.

الركن الخامس للإسلام هو القيام بالحج إلى بيت الله الحرام في مكة المكرمة بالمملكة العربية السعودية، مرة واحدة على الأقل في حياة المسلم.

وكما قال الله عز وجل في كتابه العزيز : “وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ” فهذه الفريضة واجبة على كل مسلم، ذكراً كان أو أنثى، بشرط أن يكون قادراً جسدياً ومالياً على القيام بذلك.

فالحج رحلة إيمانية عظيمة تنقل المؤمن الواعي من حال إلى حال، يزداد معها إشراقاً وحباً وتعظيماً لدين الله، إذ في كل منسك يقوم به الحاج طيلة أيام الحج هناك حكم ومواعظ، تغرس في القلوب الواعية جمالاً ومزيداً من الإقبال وانشراح الصدر، فمناسك الحج تحيي في الصدور جوانب جديدة وعديدة عن بقية العبادات، فلها سرها ورونقها الخاص.

وكأن الحج في حقيقته هو لجوء إلى الله تعالى، وقد تجرد الإنسان من مباهج الدنيا إلا ما يستر به عورته واقفاً في عرفات الله كبقية الناس، في مشهد مهيب يشابه موقف الحشر بين يديه تعالى على صعيد واحد، إلا أن موقف عرفة هو موقف البذل والعطاء والعفو والصفح من الله لمن لجأ إليه ومد يديه داعياً معتذراً نادماً باكياً على ما فرط.

حج بيت الله هي منحة عظيمة من الله تعالى للمؤمن بعدما أثقلته الأوزار وكبَّلته الذنوب لكي يتحرر من كل ذلك ليكمل بقية عمره طاهراً نقياً، فقد أعطاه الله قلباً نظيفاً وصحيفة أعمال بيضاء ليس فيها سواد المعاصي، فهنيئاً لمن لبى نداء الله ولجأ إليه في تلك الديار المقدسة، فهو بلا شك في خير وكرم من الله ليس له مثيل، أن أقامه في هذا المقام ويسر له الوصول لأداء هذه الفريضة المقدسة.

وأما من فاته الحج هذا العام فليحرص أن لا يفته كرم الله والوقوف على أعتابه وخصوصاً في يوم عرفة، فليكن فيه ذاكراً مستغفراً صائماً، مقبلاً على الله بكل طاقته، راجياً أن يعطيه الله من يوم عرفة أوفى نصيب، فمن فاته الوقوف على عرفات فليقف على باب الله، فإنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى.

Follow by Email
Instagram
Telegram
WhatsApp