وسيط اليوم

جريدة الكترونية عربية

عمر الشريف يكتب: حين يحكمنا المزاج

مزاج.. مجرد مزاج.. كلمة تتردد على مسامعنا في اليوم مرات ومرات، تحمل في باطنها كل معاني النرجسية المفرطة في حب الذات وتضخيمها بشكل مفرط، كما تحمل معاني الاستخفاف بالآخرين وتحقيرهم وعدم الاهتمام بما يشعرون أو يريدون.

فالتصرفات التي يحكمها المزاج هي بلا شك تصرفات خرجت من مستنقع مرض نفسي تغلغل في طوايا النفس طويلاً حتى أصبح مزمناً عصياً على الشفاء، فما هو إلا مجرد مخلفات نفسية عديدة تراكمت وامتزجت حتى غدت مزاجاً ذو تأثير على طريقة تفكير الإنسان وتقييمه للأشياء.

فالشخص المزاجي لا يتصرف وفقاً لمبادئه ومعتقداته، بل وفقاً لحالته المزاجية، فمثلاً: قد يطلب منه اثنان نفس الطلب في وقتين مختلفين، ولهم نفس الحاجة، فيعطي أو يستجيب لأحدهما، ويعتذر للآخر، فإذا عمل وفقاً للمبادئ والقيم والقوانين والمعتقدات، لاستجاب لكل منهما بنفس الطريقة، ولكنه حكَم مزاجه.

وقد تبلغ قوة تأثير المزاج إلى درجة أن يتحكم بأشكال مختلفة بانفعالات الإنسان وتصرفاته مع الآخرين، مما يجعل ردود أفعال ذلك الشخص المزاجي يحكمها منطق اللاتفكير واللاوعي في مقاربة الأشياء، بالإضافة إلى التسرع والاستعجال في مواجهة ما قد يعترضه من عوائق ومشكلات، فتراه يصدر أحكاماً ويشرع قرارات لا علاقة لها من قريب أو من بعيد بأي منطق أو حكمة أو عقلانية، فقراراته أصحبت في مهب ريح ذلك المزاج النفسي والمتقلب والغامض.

وللأسف فإن المزاج الذي قد يخيل إليك أنه عارض مؤقت، ومرحلة زائلة تعتري الإنسان في موقف ما، قد أصبح عند الكثيرين هو سيد الموقف والحالة السائدة والأسلوب الرائج، فسلطان المزاج قد بلغ مداه إلى منتهاه ، وعرشه قد استولى على كل أجزاء المنطق والعقل والحكمة، فالمزاج هو الحاكم والسلطان وعليه أصبح يُبنى كل شيء.

والطامة الكبرى أن يصل شخص مزاجي إلى تسلم مسؤلية منصب في مؤسسة ما، فحينها سنرى إبداعه في الفشل وتحطيمه لأي بادرة في التطوير، فكما أن تعيينه جاء نتيجة مزاج فلا حرج عليه أن يدير مؤسسته بمزاج، فالقصة كلها مجرد مزاج بمزاج.

Follow by Email
Instagram
Telegram
WhatsApp