نكران الجميل
في إحدي المرات نزل المسؤول الكبير إحدى الفنادق، وكانت معه زوجته التي شاهدت موظف الإستقبال، فأخبرت زوجها بأن ذلك الموظف كان في الماضي خطيبها السابق قبل أن تتزوج به، فقال لها مبتسماً: “احمدي ربنا إنك متجوزتيهوش، لكنتِي الآن زوجة موظف استقبال فندقي” فأجابت زوجته على الفور: “بل احمد ربنا أنتَ لأنني لو تزوجته لكان هيكون مسئول كبير”.
بكلمات موجزة استطاعت الزوجة أن تفحم زوجها في الحديث عندما شعرت منه نكران جميل صنيعها في حياته ونسيان معروفها معه بتفضيله على خطيبها السابق، فنكران الجميل وجحود المعروف صعب على النفوس، فالجحود أن لا يقر الإنسان بالفضل لمن كانت له عنده يد بيضاء أو مدّ له يد المساعدة يوماً ما في حياته، بل نراه يتبجّح بالحديث عن نفسه وكأنه ذلك البطل الخارق ناسباً كل نجاح إلى جهده الذاتي دون معونة أو مساعدة من أحد، فهو بلا شك إنسان جاحد مغرور، يشبه تلك النباتات الطفيلية التي تتغذى على حساب النباتات الأخرى.
فكم هو مؤلم على الإنسان أن يعامَل بالنكران ممن أحسن إليهم وساعدهم في كثير من مواقف حياتهم، فألم المفاجأة سيكون مزلزلاً في النفس، وطعنة الغدر ستكون عميقة في القلب، وخصوصاً أن طبائع الكثير من الناس تعتمد على سياسة المصلحة وانتهاز الفرصة في العلاقات الاجتماعية لتحقيق أكبر رصيد من المصالح، بغض النظر عن الاحترام والصدق في المعاملة، فكيف لناكري الجميل التمتع بفضل الآخرين عليهم بلا أن يشكروهم؟ ومقالي هذا ليس دعوة للتوقف عن أن نصنع معروفاً أو أن نساعد محتاجاً، بل على العكس، لأن مساعدة الغير هو أكثر ما سيشعرنا بكوننا بشراً بمعنى الكلمة، وسيحقق لنا جانباً مشرقاً في نفوسنا، ولكن عند مساعدة الآخرين لنحاول أن نجعل ذلك لله تعالى قدر جهدنا، ونخلص في نيتنا له تماماً، ولا نتوقع منهم حتى كلمة الشكر أو الشعور بالامتنان، فضلاً عن رد الإحسان بالإحسان إذا احتجنا إليهم يوماً، عندها لن نصاب بخيبة أو يباغتنا ألم.
المزيد من الموضوعات
أسامة حراكي يكتب: التراث
وزارة الثقافة تحتفي بمبدعي ومثقفي مصر في إحتفالية “يوم الثقافة ” 8 يناير القادم…
عمر الشريف يكتب: فلا يؤذين