تحليل حسب الطلب
كثيرة هي الأخبار التي تتناقلها وسائل الإعلام حول العالم حاملةً معها وقائع وأحداث متنوعة لها أسبابها ونتائجها المرتبطة بها، غير أن الخبر السياسي هو من تلك الأخبار البالغة الخصوصية التي يعطيها الإعلام مساحة كبيرة في البث والإذاعة، مما يستدعي ذلك تحليل تلك الأخبار كقراءة متأنية بين السطور، ومحاولة في كشف الحقيقة وفهم أعمق لما يجري.
والتحليل السياسي الناجح مهمة شاقة يستلزم أموراً مهنية وموضوعية عدة لكي يكون بحق تحليلاً سياسياً يستحق المتابعة والتفكير، وإلا فهو مجرد ثرثرة حول الخبر ليس إلا.
وأولى الخطوات تبدأ بأن يحيط المحلل السياسي بتفاصيل الخبر إحاطة واسعة، وأن يطلع على أسباب الخبر ومكوناته ونتائجه بشكل لا يدع مجالاً للشك، إذ من المعيب أن يحلل خبراً غير صحيح أو يشق أنفاسه في خبر مشوه لم يطلع عليه اطلاعاً كاملاً من مصادر موثقة ومطلعة.
وبعد ذلك تأتي ضرورة أن يتناول المحلل السياسي الخبر بكل موضوعية في قراءة الخبر وفهمه بشكل أفضل، فالمتحيز في تحليل الأخبار أمره مفضوح وزيفه مكشوف، لأنه يقرأ أنصاف سطور ويرى بعين واحدة، ففي هذه الحالة سيكون تحليله الذي يدعيه مجرد وجهة نظر شخصية قاصرة يشوبها الكثير من هوى النفس، ومحاولة مضحكة لقراءة الواقع حسب ما يتمناه لا حسب ما يراه.
فالتحليل السياسي المهني لا يمكن أن يكون بأي حال من الأحوال عملاً دعائياً لخبر من هنا وهناك، ولا أن يكون مسيساً لهذه الجهة أو تلك، لأنه سيفقد مصداقيته وسيكون في منتهى السطحية والابتذال، وخصوصاً أننا أصبحنا نرى في عالم الفضائيات من يدعي التحليل السياسي والتفكير الاستراتيجي، ولكن ما هم في الحقيقة إلا بائعي أمنيات وراسمي أحلام وردية في عقول المتلقين، يدفعهم إلى ذلك حُب الظهور والشهرة من خلال مخاطبة عواطف الناس ومشاعرهم بدلاً من مخاطبة عقولهم واحترام تفكيرهم.
فللأسف هذا النوع من المحللين السياسيين يطرب جمهوره على نحو ما يريد أن يسمعوه، ويطبل لهم على حسب ما يستظرفوه، فالمهم أن يكون التحليل على حسب ما يطلبه الجمهور حتى ولو كان كذباً.
المزيد من الموضوعات
أسامة حراكي يكتب: التراث
وزارة الثقافة تحتفي بمبدعي ومثقفي مصر في إحتفالية “يوم الثقافة ” 8 يناير القادم…
عمر الشريف يكتب: فلا يؤذين