لنحلق في السماء
في أحد الأيام دخل لصوص بيت الفنان بيكاسو قبل أن يشتهر وسرقوه، وحين عاد مع صديقه إلى البيت اكتشف السرقة، واكتشف أنهم لم يسرقوا إلا أغطية الفراش وبعض الوسائد، فبكى بحزن، فقال له صديقه مواسياً: إنهم لم يسرقوا شيئاً مهماً فلا تحزن، فقال بيكاسو: إنني حزين لأنهم لم يسرقوا أياً من لوحاتي، وهذا يعني أن لوحاتي لم تعجبهم…
في زيارة لنا أنا وصديقي حسام وشقيقي محمد لأحد المعارض التشكيلية، انبهرنا ببعض اللوحات ولم تعجبنا بعضها، صحيح أنها مسألة أذواق، لكن الحس الفني يظهر وربما يطغى في المعنى، ففي بعض اللوحات انعكس الجانب الفلسفي في رسومات الرسامين، ما خلق حالة من الشد لدينا وأعطانا قيمة تعبيرية، فبعضهم كان في لوحاتهم تجسيداً عملياً في جوانب الإنسان، وبعض الرسامين كانت لوحاتهم في حالة تصادمية معنا، ولهذا السبب ظهرت لوحاتهم لنا مُتعبة.
فالفن تناغم يخلق عالماً من حالة، واللوحة التشكيلية كما الكلمة في القصة أو المقال أو كالحرف في القصيدة، تتكون صدفة وتصنع تاريخاً في الأفق بين الأبدي والفاني، فالإبداع كان حرفا أو كلمة أو لوناً هو حياة منسوجة بتكوينات الوجود، وهو صورة للحياة من خلاله يمكننا التعبير والاعتراف بما هو مخببأ في النفوس والعقول، فالرسام يجد في لوحته فرصة للتعبير عن ما هو مكنون في داخله، ويكون فيها تعبير عن جزء مهم من حياته وأفكاره.
والفن علامة مهمة من علامات تقدم المجتمع وتطوره، بشرط أن يراعي الفنانين المجتمع الذي ينتمون إليه وإدراك مستوى الوعي الثقافي لدى العامة من الذين يسهل انقيادهم وراء الغرائز..
لذلك علينا الحث والتشجيع على مزيد من الإبداعات التي تعيد للفن الراقي مكانته الحقيقية في مجتمعنا، فالفن الحقيقي رقي يلامس الوعي باحترام، ويرتفع بمتابعيه محلقاً في السماء .
المزيد من الموضوعات
أسامة حراكي يكتب: التراث
وزارة الثقافة تحتفي بمبدعي ومثقفي مصر في إحتفالية “يوم الثقافة ” 8 يناير القادم…
عمر الشريف يكتب: فلا يؤذين